الابتزاز العاطفي... أحد أشكال التلاعب النفسي

"الابتزاز العاطفي هو أحد أشكال التلاعب النفسي الشديد بحيث يقوم الشخص المبتز باستخدام نقاط الضعف والأسرار تجاهنا لتلبية طلباته أو رغباته ومعظم حالات الابتزاز العاطفي تكون من الأشخاص المقربين لنا"

أماني المانع
دمشق ـ ، تقول المرشدة الاجتماعية صفاء شاهين.  
كثيرة هي نماذج الابتزاز العاطفي، تتشعب حالاته لتشمل الصغير والكبير، المرأة والرجل والطفل، فقد نكون دون علمنا الجاني أو الضحية، فنمارسه أو يمارس علينا بقوة العاطفة أو الخوف أو الحرمان أو القهر، ليتغلغل في البيت والمدرسة والعمل والشارع. 
للتعرف على دوافع الابتزاز العاطفي ونتائجه وأساليبه، التقينا بالأخصائية والمرشدة الاجتماعية صفاء مصطفى شاهين وطرحنا عليها أسئلة حول ذلك. 
 
كيف يمكننا باختصار أن نعرف الابتزاز العاطفي؟ 
الابتزاز العاطفي هو أحد أشكال التلاعب النفسي الشديد بحيث يقوم الشخص المبتز باستخدام نقاط الضعف والأسرار تجاهنا لتلبية طلباته أو رغباته، ومعظم حالات الابتزاز العاطفي تكون من الأشخاص المقربين لنا. الابتزاز العاطفي لا يتم إلا برضوخ الطرف الآخر، فيكون هناك طلب ومن ثم يأتي طلب آخر وهكذا يبدأ الابتزاز. 
 
ما هي علامات قياس ما نتعرض له من ابتزاز عاطفي؟
نحن في معظم الأوقات نتعرض لابتزاز عاطفي سواء بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، وأهم علامات قياسها هو عندما نشعر بالضيق وعدم القناعة والرضا التام أثناء تلبية طلب المبتز، أو عندما تتملكنا مشاعر الخوف من شيء ما عند عدم قيامنا بالفعل المطلوب، أو تحميلنا مسؤولية نتيجة أمر ما، أو إشعارنا بالذنب إذا لم ننفذ أمراً ما لتلبية حاجة المبتز عاطفياً. 
فمثلاً ابتزاز الأب أو الام لأولادهم بتحميلهم مسؤولية أمر ما، ابتزاز الزوج لزوجته أو العكس بتهديدها بشيء ما أو التهديد بالطلاق، ابتزاز الأبناء للأم أو الأب مثلاً بتحميلهم مسؤولية فشلهم في الامتحان لعدم إخضاعهم لدورة تعليمية. 
وأحياناً يكون الابتزاز العاطفي نوع من الدفاع المسبق لتبرير أمر سيء أمام ضحية المبتز كإلقاء السارق مثلاً اللوم على والديه لعدم توفير احتياجاته لذلك لجأ إلى السرقة.
 
ما هي أهم الأسباب وراء كتم المشاعر والرغبات والإذعان للآخر، وهل يمكننا وضع حد للابتزاز؟ 
أهم أسباب كتم المشاعر والإذعان للآخر يتمثل بضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس وعدم القدرة على المواجهة.
يمكننا وضع حد حين نكون على قدر من الوعي والثقة بالنفس، وتحديد ما هو مسموح وما هو غير مسموح بين الطرفين، أي يجب أن يكون في علاقاتنا ما يمكن أن نسميه الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه مهما كانت درجة العلاقة والخصوصية بين الطرفين.  
 
ما دوافع المبتز؟ وكيف يمكن تجنب الابتزاز العاطفي؟
الابتزاز العاطفي هو نوع من الاضطراب في الشخصية فالمبتز يلعب على عواطف الآخرين لعدم ثقته بنفسه ويرمي باللوم دائماً على غيره ويحملهم المسؤولية للوصول لتحقيق مطالبه.
ولتجنب الابتزاز العاطفي يجب علينا الوعي بمفهوم الابتزاز العاطفي وتقوية شخصياتنا، ومواجهة المبتز لوضع حد لهذه الحالة. 
 
لماذا تزداد نسبة الابتزاز العاطفي عندنا أكثر من الغرب، وكيف تبدو شخصية المرأة المبتزة عاطفياً؟ 
مجتمعنا تحكمه العواطف في أغلب المواقف وخاصة المشاعر الأسرية وصلات القرابة، تنتج علاقات متداخلة خاصة أن نسبة اعتماد الفرد على غيره في تلبية حاجاته أكبر من الغرب، حيث لا استقلالية مطلقة في حياة الفرد، تبعاً لما نشأنا عليه من عادات وتقاليد وخجل اجتماعي تتيح الابتزاز العاطفي. أما في الغرب فاستقلالية الفرد وثقته التامة بقدراته ووضوح علاقاته يخفف من الابتزاز العاطفي حسب رأيي. 
بالنسبة لشخصية المرأة المبتزة عاطفياً هي إنسانة عاطفية جداً، شخصيتها ضعيفة، غير واثقة من نفسها بقدر كافٍ، تخاف المواجهة أو الرفض. 
 
على ماذا يعتمد الطفل لابتزاز أمه أو جدته، وماذا ينتج عن ذلك؟  
يعتمد الطفل على عاطفة الحب والأمومة الفياضة، والخوف من البعد أو الفقد لدى والدته أو جدته فيستغل ذلك لتلبية حاجاته أو تبرير أخطائه. 
وما ينتج عنه إنسان مستغل لمشاعر الآخرين، معتمد عليهم في حياته وبالتالي ضعيف الشخصية وغير واثق بقدراته، إنسان غير سوي نفسياً. 
 
كيف يتعافى المبتز عاطفياً؟ 
لكي يتعافى المبتز عاطفياً يجب علينا مواجهته، وإيضاح المواقف وشرحها بطريقة صحيحة، وإذا لم يتقبل أو يتجاوب معنا، فعلينا باستشارة أخصائي نفسي وعلاجه.  
 
ما هي حالات الابتزاز العاطفي التي واجهتكِ خلال عملكِ؟  
هناك حالات عديدة صادفتها مثلاً طالب يقوم بأخذ مصروف زميله وذلك بعد تهديده بعدم رفقته إذا لم يعطه إياه، طالبة كان يطلب منها زميلها كتابة واجباته وإلا سيتعرض للضرب من والدته. أم تردد أمام أطفالها كم ضحت وقدمت ليكملوا تعليمهم وأنهم لا يقدمون لها شيئاً. طالبة تهدد أهلها بالهروب إذا لم يشتروا لها موبايل. طالبة تهدد زميلتها بإعلام المعلمة عن حبها لزميلها إذا لم تحضر لها هدية في عيد ميلادها. 
هناك أمثلة كثيرة ومتكررة في حياتنا اليومية والمهم علاجها بطريقة صحيحة وسريعة.