الإعاقة لم تمنعها من تحويل هوايتها إلى وسيلة للتعبير

الشهباءـ رغم الإعاقة التي تعاني منها شرفين علو منذ ولادتها، إلا أن هذا لم يمنعها من ممارسة فن الرسم، الذي تحول إلى وسيلة تعبر من خلاله عن مشاعرها

روبارين بكر
الشهباءـ رغم الإعاقة التي تعاني منها شرفين علو منذ ولادتها، إلا أن هذا لم يمنعها من ممارسة فن الرسم، الذي تحول إلى وسيلة تعبر من خلاله عن مشاعرها. 
شرفين علو (24عاماً) من قرية أومارو التابعة لناحية شران بمقاطعة عفرين في شمال وشرق سوريا، ولدت صماء وبكماء، وامتلكت موهبة الرسم منذ الصغر فلم تسمح للإعاقة أن تحول دون ممارستها لها.
 
لم يُسمح لها بدخول المدرسة 
عندما ولدت شرفين علو صرخت صرختها الأولى والأخيرة، وتقول والدتها حميدة محمد "زرعت تلك الصرخة الفرحة في قلوبنا، ولكن وبعد مرور شهر على ولادتها أخبرنا الأطباء بأنها لا تسمع ولا تتكلم، فما كان منا إلا أن عرضناها على عدد آخر من الأطباء، إلا أنهم أكدوا أنها لن تشفى من إعاقتها".
وبعد أن بلغت شرفين علو السابعة من العمر، بدأت تتضح معالم محاولاتها للتعبير عن مشاعرها الداخلية عبر الرسومات، فما كان من أسرتها إلا أن حاولت إدخالها إلى إحدى المدارس التي تعنى بحالات الصم والبكم، لكنهم لم يفلحوا في ذلك "سعينا لأن تتعلم إلا أن النظام السوري لم يقبل دخولها مدرسة الصم والبكم كونها كردية، على الرغم من أن شرفين هادئة وتتعلم بسرعة".
لم تستسلم أسرتها لهذا الواقع، ووقفت إلى جانبها، فعلموها كيفية التعامل مع الآخرين وكل ما هي بحاجة إليه للتواصل مع محيطها عبر استخدام لغة الإشارات، كانت والدتها الداعم والمشجع الأكبر لها للاستمرار في تنمية موهبتها في الرسم.
 
طورت هوايتها رغم الإعاقة
مع اندلاع ثورة روج آفا، وافتتاح العديد من المؤسسات والتي كان من ضمنها مركز الثقافة والفن في مقاطعة عفرين، امتلكت شرفين علو الفرصة للخروج من منزلها وتطوير الهواية التي تعبر عن مشاعرها من خلالها، فشاركت في كافة المعارض التي أقيمت في مقاطعة عفرين قبيل احتلالها.
تقول حميدة محمد أن ابنتها استمرت بالعمل على إثبات نفسها عبر فنها، إذ أنها كانت تُحضر 18 لوحة للمشاركة في معرض "نحن عفرينيون" إلا أن الهجوم التركي على عفرين في آذار/مارس 2018، حال دون ذلك.
رفضت شرفين علو أن تأخذ لوحاتها وألوانها ودفاتر الرسم معها عند خروجها من عفرين قسراً، على الرغم من أنها امتلكت الوقت الكافي "أراد والدها أن نُخرج جميع لوحاتها معنا، إلا أنها رفضت ذلك، لأنها كانت ترى لوحاتها فداءً لأرض عفرين، وأن لوحاتها لن تكون أغلى من دماء الشهداء التي أريقت على أرضها".
بذلك تركت اللسان الذي تعبر عن نفسها من خلاله ما شكل صعوبة على أسرتها، لم تتأقلم شرفين علو مع الحياة في مقاطعة الشهباء وتقطن اليوم في قرية معراتة، وتأمل بالعودة القريبة إلى منزلها "منذ نزوحنا والحزن لم يفارق ملامحها، على الرغم من أنها بدأت ترتاد كومين الرسم في الشهباء واتحاد المثقفين، وشاركت في العديد من المعارض على مستوى المقاطعة، وتعمل على تعليم عدد من الأطفال فن الرسم".
 
"نعرف حالتها النفسية من خلال طريقة رسمها"
لعل أبرز ما تحب شرفين علو رسمه في لوحاتها المرأة بنصف وجه "تحاول أن توصل رسالة عبر لوحاتها التي ترسمها بهذه الطريقة، وهي أن الإنسان يخفي داخله حقيقة أخرى ربما تبتعد كل البعد عن الحقيقة الظاهرة له".
تقول حميدة محمد أن ابنتها لم تكن تستخدم الألوان في لوحاتها، لأنها ترى بأن الجمال الحقيقي يكون بسيطاً، لهذا ترسم بالفحم والرصاص غالباً "نعرف حالتها النفسية من خلال الخطوط التي ترسمها في اللوحة، فإن كانت سعيدة ترسم بخطوط عريضة أو أزهاراً، وإن كانت عكس ذلك تكون الخطوط رفيعة، وأما في الوقت الذي ترسم فيه الأشجار فإنها تكون حزينة".
وأما عن اللوحات التي رسمتها شرفين علو عقب نزوحها من عفرين، فهي عبارة عن مشاهد ظلت عالقة في ذهنها، كنزوح الأهالي والأطفال اللذين أصيبوا أثناء القصف التركي.
وتمنت حميدة محمد في ختام حديثها أن تتحقق جميع أحلام ابنتها "أرجو من جميع الأمهات أن يدعمن بناتهن ليصلن إلى مراتب عليا من التفوق".