الإعاقة لم تضع حداً لعزيمة وإصرار نساء إدلب
تواجه نساء إدلب اللواتي تعرضن لإصابات جراء الحرب تسببت لهن بإعاقات منها دائمة، صعوبات في التنقل والحصول على العناية والرعاية الطبية اللازمة وكذلك التعليم.
لينا الخطيب
إدلب ـ تحاول مصابات الحرب في إدلب الاندماج في المجتمع، والتأقلم مع حياة الإعاقة رغم الظروف الصعبة التي تواجهنها جراء نظرة الوسط المحيط والتمييز الذي تتعرضن له في الحصول على فرص عمل.
رغم عجزها والإصابة التي تعرضت لها تخرج رنا السويد (31 عاماً) النازحة من مدينة خان شيخون إلى مدينة سرمدا من منزلها صباح كل يوم لبيع المناديل الورقية والبسكويت في الشوارع والطرقات، للحصول على دخل يمكنها من الإنفاق على ولديها.
تقول رنا السويد "تعرضت لشظية قذيفة في عمودي الفقري بداية عام 2020 تسببت لي بالشلل وفقدت القدرة على المشي والحركة، وبعد فترة وجيزة فقدت زوجي بحادث سير، فأصبحت المعيلة الوحيدة لطفليّ، فقررت إيجاد عمل يكفينا العوز وذلة السؤال، فاخترت التجول في الطرقات لبيع البسكويت والمناديل الورقية بمساعدة ابني الأكبر الذي يبلغ من العمر 8 سنوات".
وأشارت إلى أن النساء ذوات الإعاقة في إدلب تعانين من تدهور الحالة المادية مع أسرهن، وغياب مصادر الدخل، وندرة المساعدات، وغلاء الأسعار، فضلاً عن ارتفاع إيجار السكن، وأجرة المواصلات، وغلاء الأدوية، وتردي الخدمات وغيرها من التداعيات المأساوية للحرب.
كذلك الشابة علا الكامل (17عاماً) من مدينة إدلب بترت يدها اليسرى إثر إصابتها بشظية صاروخ منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكنها لا تزال مصرة على مواصلة تعليمها وتطمح لإتمام دراستها، والعثور على فرصة عمل تمكنها من تأمين مصاريفها ونفقاتها ومساعدة أسرتها، وعن ذلك تقول "بعد الإعاقة وجدت صعوبة كبيرة في الخروج لمواجهة الحياة، جراء نظرة الناس والتنمر من قبل البعض أيضاً، ولكني تأكدت بأن المواجهة هي الحل الأمثل، لذا خرجت لأصنع مستقبلي من خلال التسلح بالعلم والمعرفة، وعدم الاستسلام لوصمة الإعاقة".
وأضافت "العودة لمقاعد الدراسة جعلت لحياتي معنى، وحلمي هو أن أصبح صيدلانية في المستقبل، وسوف أسعى لتحقيق ذلك لأن الإرادة تصنع المستحيل"، وتنصح ذوات الإعاقة بالتغلب على نظرة المجتمع لهن كفتيات ذوات إعاقة، وتقبلن على الحياة وتخطي كافة الصعاب التي تواجههن، دون اليأس من المحاولة حتى لو فشلت في بادئ الأمر، فهن صاحبات مكان ودور مهم في المجتمع لا يمكنهن الوصول له إلا بالمثابرة والاجتهاد.
أما غيداء العكل (33 عاماً) النازحة من مدينة معرة النعمان إلى بلدة حربنوش، فقد واجهت إعاقتها وتمكنت من استعادة حقها في حضانة أطفالها، حيث بترت قدمها لإصابتها بشظية صاروخ سقطت على مقربة منها أثناء وجودها في سوق المدينة، لكنها لم تستسلم لحياة الإعاقة، بل تحدت واقعها وخرجت من عزلتها لتحتضن أطفالها وتؤمن مصروفهم، "كنت برفقة زوجي في السوق لشراء بعض الاحتياجات، وفجأة سقط صاروخ من طائرة حربية على مقربة منا، ما أدى إلى بتر قدمي وإصابتي بجروح عديدة".
ولفتت إلى أن زوجها تخلى عنها بعد بتر قدمها واستخدامها عكازين في المشي والتنقل، مشيرةً إلى أنها لم تستطع تجاوز الصدمة بسهولة، في الوقت الذي قصدت فيه منزل أهلها الذين أجبروها على التخلي عن أطفالها الثلاثة لأنها غير قادرة على الإنفاق عليهم، لكنها أرادت أن تثبت أنها جديرة باحتضان أطفالها، لذا فكرت بمشروع صغير تستطيع من خلاله كسب العيش، فقامت باختيار فكرة بيع الملابس لنساء الحي، دون أن تضطر لمغادرة المنزل.
وأضافت "كنت أملك قطعة من الذهب فقمت ببيعها وشراء البضائع والملابس بمساعدة أخي، وبدأت العمل، ومع الوقت أصبحت معروفة من قبل جميع سكان الحي الذي أسكنه، وازدادت نسبة البيع والربح، ثم طالبت زوجي باستعادة حضانة أطفالي الثلاثة الذين أصبحوا كل حياتي والأمل المتبقي لي في هذه الحياة، ومنذ ذلك اليوم استعدت ثقتي بنفسي وأنني لم أعد عبئاً، بل أصبحت سنداً وعوناً لأولادي".