أكثر ضحاياها النساء... جرائم القتل الأسري تزداد في إدلب دون حسيب
ساهمت ثقافة العنف الأسري والإفلات من العقاب، وخاصة ضمن أجواء الحرب المستمرة وغياب الرقابة الأمنية والاجتماعية بشكل كبير بزيادة جرائم القتل في إدلب.
هديل العمر
إدلب ـ تعددت جرائم القتل الأسرية في إدلب مؤخراً بشكل ملحوظ، والتي راحت ضحيتها الكثير من النساء وسط ظروف معيشية واقتصادية ونفسية وأمنية معقدة.
قضت الفتاة القاصر لمى المحمود البالغة من العمر خمس عشرة عاماً على يد والدها النازح من بلدة التح جنوب إدلب إلى مخيمات قاح شمال إدلب والذي اكتشف علاقة حب تجمع ابنته بشاب على مواقع التواصل الاجتماعي، فعمد إلى حبسها وتعذيبها وتجويعها ما أدى لوفاتها في الخامس من تموز/يوليو الجاري.
وفي حادثة أخرى أقدم سامر بكداش على قتل طليقته رمياً بالرصاص في مدينة تفتناز شرق إدلب، على مرأى أطفاله، خلال ساعات المساء أواخر عام 2021 نتيجة خلاف متجدد بينه وبين طليقته التي جاءت لمنزله لرؤية أطفالها لتخرج منه جثة هامدة وفق ماروته أختها سارة الأحمد (42) عاماً.
وأوضحت سارة الأحمد أن شقيقتها قدمت من ألمانيا لرؤية أطفالها والعودة مجدداً بعد فشل كل محاولاتها بلم شمل أبنائها أو حتى رؤيتهم عبر تقنية الفيديو بسبب تعنت طليقها الذي لم يتوانى عن التخلص منها عند أول فرصة سمحت له بذلك نتيجة "حقده الدفين عليها بعد انفصالها عنه".
وفي الخامس والعشرين من آب/أغسطس الماضي، أقدم رجل على قتل زوجته ودفنها في منزلها، واكتُشفت الجريمة التي وقعت في مخيمات "مشهد روحين" شمال إدلب بعد خمسة أشهر من وقوعها، عندما طالبت والدة الزوجة الضحية عبر شكوى بالكشف عن مصير ابنتها، ولدى التحقيق مع الزوج اعترف بجريمته.
ووفق إحدى جارات الضحية وتدعى مرام العيان فإن الزوج كان يسيء معاملة زوجته ويضربها، وفي إحدى المرات قدمت شكوى ضده، وتم إلقاء القبض عليه، لينتقم منها بقتلها وإخفاء جثتها بعد خروجه من السجن بوقت قصير.
وفي مخيم "النور" التابع لمنطقة "شمارين"، وتحديداً بتاريخ ٤ تموز/يوليو 2020، أقدم عامر مرعي على قتل زوجته "فاطمة مرعي" (25) عاماً وهي أم لطفلين، بإطلاق النار المباشر عليها ليلوذ بعدها بالفرار.
بحسب ما روى أحد شهود العيان، والذي قال بأنه تم إلقاء القبض على الزوج بعد ثلاثة أيام من الحادثة، على الطريق الواصل بين مدينتي "اعزاز وصوران"، ويعترف بعدها أمام القضاء بأن جريمة القتل كانت بداعي الشرف متهماً زوجته بخيانته.
المرشدة النفسية والاجتماعية أمل الزعتور (36) عاما أرجعت تزايد جرائم القتل الأسرية إلى الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون مع انتشار السلاح والموروثات الاجتماعية السائدة.
وأوضحت أن الجرائم الأسرية ليست مرتبطة بسلوك فردي ناتج من القلق والتوتر والاكتئاب والأمراض النفسية فحسب، وإنما يتعلق بمناخ اجتماعي ثقافي يدفع إلى ارتكاب مزيد من الجرائم.
ودعت الجهات المعنية وخاصة منظمات المجتمع المدني لتكثيف الندوات التوعوية على يد أخصائيين نفسيين واجتماعيين ودورات تأهيلية للأسر لتوضيح كيفية إقامة علاقة أسرية سوية متكاملة، لاسيما كيفية التعامل مع الآخر والحفاظ على الأسرة وحل المشاكل العالقة بالطرق السلمية.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان وفي تقريرها السنوي لعام 2021، أشارت إلى تعرض النساء في سوريا لأنماط متعددة من الانتهاكات الجسيمة التي استهدفتهن بشكل مباشر، وكن متأثرات على نحو مضاعف بتداعيات الانتهاكات التي طالت المجتمع السوري ككل.
وأضاف التقرير أن العنف ضد النساء تصاعد بشكل متزايد، وبكافة الأشكال، وخصوصاً القتل والتعذيب والإخفاء القسري والعنف الجنسي، إلى حدود قياسية ومعدلات هي الأسوأ في العالم.