سارة محمدي

جوانرود – اختبار العذرية شكل لدى كثير من النساء في المجتمعات التقليدية والمتشددة مشاكل نفسية وجسدية، وهو اختبار لا يستند إلى أسس علمية أو دليل بيولوجي.

من خلال حديثهن عن تجاربهن مع اختبار العذرية الذي خضعن له، عرضت مجموعة من النساء المشاكل التي واجهنها بسبب اختبار العذرية الذي أجبرن على الخضوع له مثولاً لرغبة المجتمع وعاداته، دون الأخذ بعين الاعتبار حقهن في أجسادهن.

حياة جينو (اسم مستعار) البالغة من العمر 28 عاماً هي واحدة من الفتيات اللواتي خضعن لهذا النوع من الاختبارات، وقالت "كان عمري 14 عاماً عندما سمعت للمرة الأولى فيها كلمة غشاء البكارة، وذلك عندما ألقت إحدى النساء باللوم الشديد على والدتي التي سمحت لي بلعب كرة القدم، وقالت ألا تعلمين أن هذا النوع من الألعاب فيه الكثير من التقلبات التي ستضر بغشاء بكارة ابنتك".

 وترى أن اختبار العذرية قد خضعت له أي امرأة تعيش في المدن التي تغلب على ثقافتها العادات والتقاليد، "كنت أصغر من أن أفهم ما كان يقال في هذا الشأن، لكنني شعرت أن العذرية شيء مخيف يمكن فقده بسبب القفز لأعلى ولأسفل وممارسة الرياضة، والأمر الذي زاد من خوفي هو أن والدتي لم تعد تسمح لي بممارسة كرة القدم بعد أن سمعت كلام تلك المرأة، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً بعد ذلك لأدرك الحقيقة المخيفة لغشاء البكارة، فخلال سنوات مراهقتي وتحديداً عندما كان عمري 17 عاماً فقط، أجبرتني عائلتي على الزواج ولم يعد مسموح لي بمواصلة تعليمي".

وأضافت أنه من المريع حقاً منع المرأة من ممارسة الأنشطة المختلفة، بسبب وجود شيء واحد في جسدها وهو في الأصل جزء حقيقي من هذا الجسد، "قضيت شبابي كله وأنا أتشوق للعب كرة القدم وهو ما لم يُسمح لي بممارسته على الإطلاق".

عدم ممارسة الجنس قبل الزواج، وهو ما يعرف بالعذرية، هو مصطلح شائع في المجتمعات التقليدية أكثر منه في المجتمعات الأخر، حيث أن سلامة وعدم تمزق غشاء البكارة قبل الزواج مؤشراً على عفة المرأة، على عكس المرأة التي مارست الجماع قبل الزواج.

هذا الموضوع لم يبنى على أسس علمية بل بني على أسس اجتماعية وليس هناك دليل بيولوجي للنتائج التي يتم اعتمادها بعد اختبار البكارة، إلا أن الملايين من الناس حول العالم ما زالوا يعتقدون أن التاريخ الجنسي للمرأة مسجل في جسدها، حيث أن تمزق غشاء البكارة سيسبب نزيف ليكون ذلك دليل على ممارسة الجنس.

على الرغم من عدم استناد هذه المعتقدات على أي دليل علمي إلا أنه تتوجد في لغات وأديان ومجتمعات مختلفة وفي أجزاء مختلفة من العالم، وعلى رأسها المجتمعات التقليدية، لكن ما جعل غشاء البكارة مثيراً للجدل هو استخدامه من قبل الأنظمة المتشددة والأبوية بهدف امتلاك جسد المرأة.

في المجتمعات المتشددة مثل إيران، هناك "اختبار العذرية" للتأكد من أن المرأة لم تمارس الجنس قبل الزواج، وأن سلامة غشاء البكارة لغير المتزوجات شرعاً في هذه المجتمعات مساوية لعفتها وشرفها وكرامتها وأهلها وحتى زوجها المستقبلي، وفي حال ثبت أن المرأة فقدت عذريتها قبل الزواج، فإن ذلك يعبر عن عدم عفتها وتكون بذلك قد أضاعت شرفها وكرامتها، وعلى أثر ذلك يتم قتل المرأة من قبل ذويها أو دفعها للانتحار.

 

 مبالغ مالية باهظة مقابل شهادة البكارة المزيفة

زهرة عليان (اسم مستعار) البالغة من العمر 38 عاماً هي واحدة من النساء اللواتي اضطررن لدفع مبلغ كبير للطبيب، فقط من أجل منحها شهادة تثبت عذريتها بعد خضوعها لاختبار العذرية الذي طلب منها قبل زواجها.

وقالت "تزوجت أنا وزوجي على الرغم من عدم موافقة عائلتينا على هذا الزواج، لقد كنت مجبرة بعض الشيء على الزواج من زوجي بعض الشيء لأنني مارست الجنس معه أثناء فترة الخطوبة وتمزق غشاء البكارة بحسب ما قاله الطبيب الذي أجرى لي الاختبار".

وتابعت "لقد كنت خائفة جداً فمجتمعنا متشدد حيث أنه يجب على الفتاة أن تحصل على شهادة عذرية قبل الزواج، لذلك ذهبت مع زوجي إلى الطبيب المختص وشرحت له ما حدث، وبعد الفحص قال نعم غشاء البكارة لديك ممزق، وبكثير من الرجاء والتوسل وافق على أخذ 3 ملايين تومان منا مقابل منحي شهادة العذرية، وهو مبلغ جداً كبير في ذلك الوقت".

أما جوهرة كريمي (اسم مستعار) البالغة من العمر 27 عاماً فكانت قصتها مختلفة قليلاً فهي ضحية لهذا الانتهاك، قالت "عندما كنت مراهقة كنت مخطوبة لشاب من قريتنا، لكن ذات ليلة كنت لوحدي في المنزل، وعندما علم خطبي أني لوحدي جاء إلى منزلنا وحدثت أشياء لا ينبغي أن تحدث، وبعد تلك الحادثة، لم يعد يعاملني كما كان من قبل، وبعد فترة من الزمن عندما تحدثنا عن حفل الزفاف وقال إنه سوف يتزوج من فتاة لم يمسها أي شخص قبله، وبعد فترة قام بفسخ الخطوبة لأسباب وحجج مختلفة، ولم أستطع إخبار عائلتي بالشيء الذي حصل معي، ولم أستطع الاستمرار في العيش مع هذا الوضع لأنني لن أتمكن من الزواج من أي شخص آخر، فأنا لن أتمكن من الحصول على شهادة العذرية".

قررت الانتحار لإنقاذ نفسها من العقاب الذي ستناله من المجتمع، "ذهبت ببطء إلى حظيرة الحيوانات وصبب الزيت على جسدي وأضرمت النار فيه، كل ذلك حتى لا يعلم أحد من إخوتي وأبي شيئاً من الذي حصل معي لأنهم سيقومون بقتلي، شعرت بألم شديد عندما بدأت النيران تلتهم جسدي لذلك ركضت إلى الفناء وأنا أصرخ ولا أتذكر بوضوح ما حدث بعد ذلك، لكن والدتي تقول إنهم استيقظوا على صوت صراخي وقاموا بإخماد النار ثم تم نقلي إلى مستشفى كرماشان ثم إلى أصفهان، لكن هناك علامات كثير لا تزال في جسدي وخاصة على وجهي".

وتابعت "خطيبي السابق تزوج وله الآن طفلان، أما أنا فبقيت بهذا الوجه القبيح، في كل مرة أراه مع عائلته أتمنى فيها الموت، ماذا سأفعل في المستقبل إذا مات والداي فأخوتي سوف يجبرونني على الزواج ووقتها سأكون مجبرة على الخضوع لاختبار العذرية".

 

يتملص الرجال من علاقات قاموا بها قبل الزواج بحجة العذرية

مينا الأحمدي (اسم مستعار) البالغة من العمر 31 عاماً من سكان كرماشان، قالت "أعتقد أن عذرية المرأة قبل الزواج تعتبر من أهم المعايير التي توضع لوضع قيمة للمرأة في المجتمعات التقليدية والمتشددة، فهي أشد أشكال هذه المعايير قسوة نظراً لعدم احترام المرأة"، وأضافت "كانت لي علاقة مع زوجي الحالي قبل الزواج أي أثناء فترة الخطوبة وفقدت عذريتي، في البداية شعرت بالتوتر الشديد وبكيت كثيراً لأنني كنت خائفة من نظرة المجتمع وحكمه عليّ، كما أنه كان من الصعب للغاية أن أذهب إلى طبيب النسائية للتأكد من سلامة غشاء البكارة لأن عائلة العريس سوف تأتي للحصول على الشهادة التي تثبت أنني عذراء، لذلك أخبرت خطيبي الذي هو زوجي الآن أنني بحاجة لاستعادة عذريتي قبل الزفاف، وبمجرد أنني قلت هذا، تغير سلوكه تجاهي وبعد بضعة أيام بدأ شجاراً بيننا وقال كيف أتأكد أنك لم تكوني على علاقة مع شخص أخر من قبل، بكلماته هذه شعرت أن العالم أنهار من حولي، لقد تشاجرنا لفترة طويلة وقتها، ولم أستطع الانفصال عنه بسبب الخوف من عائلتي، في النهاية تزوجنا لكنه لا يزال يسيء معاملتي".

شادية خالدي (اسم مستعار) البالغة من العمر 27 عاماً تحدثت أيضاً عن فقدت عذريتها، "لم أرغب في الزواج على الإطلاق، لكن عندما فقدت والدي أجبروني أخوتي على الزواج، وبسبب العلاقة التي قمت بها مع خطيبي تغير سلوكه معي لذلك انفصلنا، كان يعتقد أن لدي علاقة مع شخص ما من قبل، هذا بينما كنت متأكدة من علاقته بعدد من الفتيات"، وأضافت "من أين أتت هذه الأفكار الخاطئة بين الناس، ولماذا يهتمون بها كثيراً دون التفكير ولو قليلاً، مرت سنتان منذ ذلك الحين وقررت ألا أتزوج أبدًا، عندما تكون قيمتي متعلقة بغشاء البكارة الخاص بي فقط، فإن هذه القيمة لا قيمة لها بالنسبة لي ولا أريدها".

 

"كان هذا مؤلمًا حقًا بالنسبة لي"

ماريا محمدي (اسم مستعار) قالت "بعد أن تمت خطبتي لشخص لم أكن أرغب به وقبل حفل الزفاف، تحدثت والدتي وعائلة زوجي عن اختبار العذرية وكان من المفترض تحديد موعد مع طبيب نسائي لكي أحصل على شهادة العذرية، عندما تحدثت مع خطيبي حول هذا الموضوع، على الرغم من أنني قلت إنني لا أفضل الخضوع لذلك على الإطلاق، إلا أنه وافق على آرائهم وقال إنه من الأفضل القيام بذلك حتى تكون عائلاتنا واثقة منا، كان هذا مؤلماً حقً بالنسبة لي، لأنه كان الشخص الوحيد في حياتي وكان يعرف ذلك".

وتابعت "لقد أعطاني إجراء هذا الاختبار شعوراً سيئًا للغاية، شعور بانعدام القيمة، لماذا يتعين علينا نحن النساء إجراء هذا الاختبار ولكن الرجال لا يفعلون ذلك؟ حتى الرجال الذين تزوجوا عدة مرات تقدموا بالفعل بهذا الطلب لمن سيتزوجون بهن، في رأيي هذا النوع من الاختبارات هو نوع من العنف ضد المرأة، والذي يحدث في الغالب في المناطق التي يحكمها النظام الأبوي".

 

"علمياً، من المستحيل تحديد ما إذا كانت المرأة عذراء أم لا"

تقول الطبيبة النسائية بريا أحمدي (اسم مستعار) عن اختبار غشاء البكارة "علمياً، تكون طبقة غشاء البكارة ذات سماكات مختلفة نوعاً ما، فهناك نسبة من النساء اللواتي قد تتمزق لديهن هذه الطبقة عند أول اتصال جنسي، بينما نسبة أخرى قد لا تتمزق عند ممارسة الجنس، لذلك فإن الفكرة التي يتم تداولها والتي تقول أن الجماع الأول سوف يحتم تمزق غشاء البكارة ونزيف هي فكرة غير صحيحة".

وأوضحت أنه نظراً لأن النساء ليست جميعهن متماثلات في سماكة غشاء البكارة، لهذا السبب ليس من الممكن دائماً اكتشاف وجودها أو غيابها، وليس من الممكن علمياً تحديد ما إذا كانت المرأة عذراء أم لا، وأكدت أن فحص غشاء البكارة يعتبر عنفاً ضد المرأة وهذه الثقافة الخاطئة التي نشأت في كثير من المجتمعات منذ عدة سنوات ليس لها أساس علمي، وقد تركت مشاكل نفسية وجسدية كثيرة لدى النساء اللواتي خضعن لهذا النوع من الاختبارات.