أكاديمية المعلمات... آفاق لبناء مجتمع أخلاقي ديمقراطي

تساهم أكاديمية المعلمات في تأهيل وإعداد المعلمات لتكن الرياديات في قيادة المجتمع نحو النور والحرية والمساواة.

سيلفا الإبراهيم

الرقة ـ تواصل أكاديمية المعلمات في مدينة الرقة بشمال وشرق سوريا بتدريب المعلمات والإداريات في مجال التربية والتعليم، مؤمنين بأن بناء مجتمع أخلاقي ديمقراطي يقع على عاتق المعلمات لأنهن تمثلن النسبة الأكبر في قطاع التربية والتعليم.

تأسست أكاديمية المعلمات في عام 2019 لتأهيل المعلمات لتكن قادرات على لعب دورهن في المجال التربوي والقطاع التعليمي بشكل مستحق، وتكن الرياديات في ترسيخ مفهوم الأمة الديمقراطية وتحرير المرأة في المجتمع.

 

أهداف المتدربات

ومن مدينة الرقة، تطرقت المتدربة عبير نفاع إلى الدروس التي أخذنها وتعرفن من خلالها إلى حقيقة المرأة "خلال الدورات الفكرية المكثفة تعرفنا على المفهوم الصحيح لحرية المرأة، وكنا بحاجة لتعريف حقيقي لهذا الأمر لنستطيع ترسيخ هذا المفهوم لدى المجتمع من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وفق ما يعرفه علم المرأة (الجنولوجيا) ومشروع الأمة الديمقراطية".

وقالت المتدربة خولة عبد القادر إن "المعلمات بحاجة لاكتساب الخبرات والتجربة من خلال النقاشات التي تدور أثناء التدريب"، لافتةً إلى أنه "أدركنا خلال هذه الدورة المسؤولية الملقاة على عاتقنا لنكون بحجم الثقة الممنوحة لنا في إدارة المجال التربوي".

وقد انضمت خولة عبد القادر لدورتين مسبقاً، وعن ذلك تقول "في كل دورة تدريبية نكتسب أمراً جديد، ووفق كل ما نكتسبه نغير من ذاتنا ونساهم في تغير مجتمعنا نحو الأفضل عبر العملية التعلمية".

وبدورها قالت المتدربة صفاء سلطان وهي من إقليم الجزيرة، إن "الواقع التعليمي لا يزال بحاجة إلى تطوير، وتشكل المعلمات النسبة الأكبر في القطاع التربوي لذا الرسالة الأكبر هي على عاتق المعلمات، ولتكون المعلمة قادرة على توجيه هذه الرسالة فهي بحاجة للتدريب والتطوير من ذاتها".

وتطرقت إلى الجانب المنهجي من التعامل مع الطلبة القدرة على تحليل الشخصيات والتنظيم ووضع الحلول، آملة بأن ترى كل ما تلقينه في التدريب كنتائج على أرض الواقع.

ومن جانبها قالت المتدربة آمنة خليفة من مدينة الطبقة إن "النهوض بمجتمع أخلاقي ديمقراطي يقع على عاتق لجنة التربية والتعليم، والأكاديمية لها دور كبير في بناء شخصياتنا والتعرف على ذاتنا"،

وعن تجربتها توضح "كنت أعمل كمعلمة، ولكن منذ فترة وجيزة أصبحت إدارية في لجنة التربية والتعليم، ولكي أزيد من خبراتي الإدارية قصدت هذه الدورة التي من خلالها تعرفت على الأخطاء الشائعة التي نقع فيها، ووضعنا نصب أعيننا التغيير من ذاتنا وتلافي الأخطاء التي تعترض طريقنا لنرتقي لمستوى أفضل".

ومن مدينة منبج، أكدت المتدربة حياة عباس على أن "مشروع الأمة الديمقراطية يركز على بناء الفكر لدى المجتمع وهذا البناء يمر من المجال التربوي، دون إهمال الجانب المنهجي والتعليمي، على غرار السلطات والأنظمة الأخرى التي تركز على الجانب المنهجي والتعليمي فحسب، دون التركيز على الرفع من الوتيرة الثقافية والأخلاقية والفكرية لدى المجتمع".

وتطرقت المتدربة عروبة خليل من مقاطعة الشهباء إلى ضرورة المحافظة على سير العملية التعليمية في مجتمع معرض للاحتلال "نحن مستهدفين من قبل الاحتلال التركي، لذا وضعنا نصب أعيننا المحافظة على سير العملية التعليمية في مقاطعة الشهباء والنهوض بجيل متعلم وواعي ومثقف وهذا لا يحدث إلى بتطوير والرفع من سوية العمل التعليمي والتربوي وتوعية المجتمع".

 

الأزمة أثرت على القطاع التعليمي

وأشارت الإدارية في أكاديمية المعلمات في مدينة الرقة نور البوحمد إلى حاجة المنطقة لافتتاح أكاديمية خاصة بالمعلمات "نظراً للظروف التي مرت بها المنطقة خلال الأزمة السورية كان القطاع التعليمي أحد القطاعات الأكثر تأثراً بظروف الحرب والتحولات السياسية وعلى وجه الخصوص على فئة المعلمين/ات، فكانت المنطقة بحاجة لإعادة المنظومة التعليمية إلى طريقها الصحيح بدءاً من المعلم ومن ثم الأجيال الصاعدة".

وأضافت "ولأن مشروع الأمة الديمقراطية هو القادر على بناء مجتمع أخلاقي ديمقراطي حر، والمعلم يقع على عاتقه المسؤولية الكبرى لترسيخ مفهوم الديمقراطية لدى المجتمع عبر المنظومة التعليمية، لذا المعلم بحاجة للتعرف على هذا الفكر بشكل أعمق ليعكس ذلك على المجتمع، لذلك تأسست أكاديمية المعلمات في مدينة الرقة، وتضم متدربات من كافة مكونات شمال وشرق سوريا".

وحول أهم الركائز الأساسية في الدورات التي يسعون إلى ترسيخها لدى المتدربات، أوضحت أنه "يعتبر التنظيم، والتدريب إلى جانب قضية تحرير المرأة من الركائز الأساسية التي تساهم في تطوير المجتمع، وبدورنا نركز على هذه الجوانب بشكل كبير".

وعن أسباب تخصيص الأكاديمية فقط لنساء في القطاع التربوي دون العنصر الرجالي، أشارت إلى أن "المرأة قادرة على ترتيب أفكارها وطرحها بشكل أقوى عندما تتفرد بذاتها وكيانها، وتكون النساء مصدر قوى لبعضهن دون الرجل، وهذا ما يعكس على نتائج التدريب بشكل إيجابي".

وخرجت أكاديمية المعلمات 24 دورة تدريبية مغلقة واستطاعت من خلال هذه الدورات أن تلامس التغيير على واقع النساء، وعن ذلك تقول "تختلف شخصية كل معلمة بين بداية دخولها للتدريب حتى الانتهاء منه، ففي البداية لا تمتلكن المعرفة الكاملة بما ستتلقينه، ولكن في النهاية نلامس التغيير في شخصياتهن من خلال تطبيق ما تلقينه من التدريب".

وتعمل الأكاديمية الآن على تدريب 22 معلمة وإدارية من كافة مدن شمال وشرق سوريا في مجال التربية والتعليم، وافتتحت الدورة في 21 أيار/مايو الفائت وتستمر لمدة شهر، بحسب ما أوضحته نور البوحمد التي تحدثت أيضاً عن نوعية الدروس التي يتلقونها خلال هذه الدورة "يتم إعطاء دروس من جانب التمكين الإداري لتكتسب المرأة قدرة أكبر على إدارة المكاتب والمؤسسات في المجال التربوي، إضافة إلى التعمق الفكري والمنهجي في الوقت ذاته".

ولفتت نور البوحمد إلى أن "الأكاديمية تضم شابات، ونساء متزوجات وتم افتتاح حضانة في الأكاديمية لتهيئة الظروف المناسبة للأمهات في الخضوع لدورات دون أن تعيش حالة تشتت فكري في العناية بأطفالها، لذا لا نواجه أي جدل في انضمام المعلمات للدورات سواء كنّ شابات أو أمهات".