إدلب... الأوضاع الصعبة تعصف بالمعلمات ونسبة البطالة ترتفع

تعاني المعلمات في إدلب، من صعوبة تأمين شواغر وظيفية في المدارس العامة والخاصة في ظل سيطرة ما يسمى بـ "مرتزقة هيئة تحرير الشام" على القطاع التعليمي في المنطقة.

هديل العمر

إدلب ـ عشرات المعلمين والمعلمات ينتظرون الإعلان عن شاغر وظيفي بفارغ الصبر، وهو ما يعكس أوضاعهم المعيشية والاقتصادية التي أوصلتهم للفقر المدقع الذي بات يحاصرهم مع غياب الخيارات والحلول المتاحة أمامهم.

منذ ثلاث سنوات تحاول أمل الإبراهيم البالغة من العمر 32 عاماً، وهي معلمة لغة عربية مقيمة في بلدة قورقانيا شمال إدلب، الحصول على شاغر وظيفي يمكنها من استكمال عملها في مجال التعليم دون جدى، بعد أن بائت جميع محاولاتها بالفشل.

وقالت إنها بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان خسرت وظيفتها في المدارس، وباتت دون أي عمل، علماً أنها تقدمت للعديد من المسابقات التربوية، ولكنها لم تلقى أي رد أو استجابة.

وأضافت أن الواقع التعليمي المتردي في إدلب، أدى لحرمان العديد من المعلمات من حقهن في إيجاد وظيفة تضمن لهن عيشاً كريماً، بسبب انقطاع الرواتب وقلة عدد المدارس في معظم قرى وبلدات إدلب، ما أدى لعدم توفر فرص عمل.

وأشارت إلى أنها تعيش أوضاعاً اقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة، خاصة بعد إعاقة زوجها الذي أصيب بقذيفة مدفعية قبل نزوحهم، والتي أدت لبتر في أصابع يده التي جعلته يواجه صعوبات عديدة في مهنته "كبناء"، إذ أنه يحصل على مبلغ 40 ليرة تركية يومياً في أحسن الأحوال، وهو مبلغ لا يؤمن أدنى مستويات المعيشة بالنسبة لعائلة مؤلفة من ستة أشخاص.

وأوضحت أنها لا تخفي نيتها في التوجه إلى مهن أخرى تضمن لها دخلاً يساعدها على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية، بعد يأسها من الحصول على شاغر وظيفي ضمن نطاق اختصاصها، ويعتبر عمل المعلمات بمهن بديلة خارج نطاق اختصاصهن مشهد مألوف في إدلب، نتيجة صعوبة تأمين فرص عمل تربوية لهن، في ظل تحكم ما يسمى بـ "مرتزقة تحرير الشام" بقطاع التعليم الذي بات متهالكاً بشكل كامل.

"ذهبت دراستي وجهدي في الحصول على الإجازة الجامعية أدراج الرياح" بهذه الكلمات تعبر رؤى حمود البالغة من العمر 28 عاماً عن حزنها وألمها بعد أن أجبرتها الأجهزة الأمنية التابعة لما يسمى "مرتزقة هيئة تحرير الشام" على إغلاق الدورات التي افتتحتها داخل منزلها لعدم حصولها على تراخيص صادرة عن مؤسساتها تخولها لممارسة المهنة.

وأوضحت أن عجزها عن إيجاد عمل ضمن القطاع التعليمي العام، دفعها لإنشاء مشروع تعليمي صغير يؤمن لها دخل تصفه "بالجيد" في منزلها وهو عبارة عن دورات تقوية في مادة اللغة الإنجليزية لطلاب التعليم الأساسي.

وقالت إن ما يسمى "مرتزقة هيئة تحرير الشام" أجبروها على إغلاق تلك الدورات بعد تهديدها بمصادرة المقاعد الدراسية والغرامة المالية بذرائع وحجج عديدة أبرزها عدم حيازتها لرخصة مزاولة مهنة من مؤسساتها والتي تفرض ضرائب باهظة على هذه المشاريع.

وأضافت أنها لجأت لهذا المشروع بعد وفاة زوجها بفيروس كورونا، حيث باتت دون معيل يؤمن لها احتياجاتها ومستلزمات أطفالها الثلاثة، في حين لم تلقى مناشداتها في ضرورة حصولها على وظيفة شاغرة آذاناً صاغية من المجمعات التربوية في المنطقة.

وأشارت إلى أنها لن تتمكن من تسجيل أطفالها بالمدرسة هذا العام، لعدم قدرتها على تحمل نفقاتهم الدراسية المرتفعة، في ظل عدم تمكنها من العمل.

من جهتها لا تخفي رشا عباس البالغة من العمر 38 عاماً وهي موجهة تربوية في المجمع التربوي التابع لمدينة الدانا في إدلب، الأوضاع المزرية التي تعصف بالمعلمين والمعلمات في إدلب، ومستويات البطالة المرتفعة التي يعانون منها.

"لا أحد يسمع" تقول في إشارة إلى التجاهل المتعمد بحق هؤلاء المعلمين من قبل سلطات الأمر الواقع التي تتحكم بملف التعليم، في حين لم تلقى مطالبهم في الاهتمام بالتعليم وبناء المدارس العامة التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة أي رد أو قبول.

وأضافت أن عشرات المعلمين والمعلمات ينتظرون الإعلان على شاغر وظيفي بفارغ الصبر، وهو ما يعكس أوضاعهم المعيشية والاقتصادية التي أوصلتهم للفقر المدقع الذي بات يحاصرهم مع غياب الخيارات والحلول المتاحة أمامهم.