وسط صمت دولي... الهجمات على إقليم شمال وشرق سوريا مستمرة

تستمر الدولة التركية بشن هجماتها على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا حتى هذه اللحظة مخلفةً عشرات القتلى والمصابين، بالإضافة إلى أضرار مادية تعيق سير الحياة.

شيرين محمد

قامشلو ـ يستقبل أهالي إقليم شمال وشرق سوريا العام الجديد، وسط غارات جوية مكثفة تستهدف البنية التحتية، وتودي بحياة المدنيين، لترتفع الأصوات الحقوقية التي تؤكد خرق الاحتلال التركي القوانين الدولية.

بهدف تهجير السكان الأصليين وإحداث تغيير ديمغرافية المنطقة، كثفت الدولة التركية منذ بداية العام من هجماتها على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، مستهدفة من خلالها البنى التحتية، ما خلف أضراراً كبيرة بالمؤسسات الخدمية والاقتصادية من محطات الطاقة والنفط والكهرباء والمياه، بالإضافة إلى استهداف المدنيين بشكل مباشر حيث ارتكب العديد من المجازر، مخترقة بذلك المواثيق والقوانين الدولية.

وكانت آخر تلك الهجمات قد بدأت في الثالث والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، حيث يشن الاحتلال التركي هجمات جوية على عدة مناطق بإقليم شمال وشرق سوريا، من بينها كوباني وقامشلو وعامودا والشهباء، مسفراً عن مقتل 8 أشخاص بينهم الشابة بيريفان زبير.

وحول الأسباب الكامنة وراء استهداف تركيا لمناطق إقليم شمال وشرق سوريا والمكتسبات التي حققتها بعد الثورة تقول الإدارية في منظمة حقوق الإنسان بمقاطعة الجزيرة أفين جمعة "وجود إدارة ديمقراطية قريبة من الحدود تثير المخاوف التركية التي تصف الإدارة الذاتية بالإرهاب وتتدعي أنها تهدد أمنها القومي، رغم أن الإدارة الذاتية لا تشكل أي خطر على الأراضي والحدود التركية"، مضيفةً "حقق نظام الرئاسة المشتركة نوعاً من المساواة بين الجنسين من خلال إشراك المرأة في إدارة المؤسسات الموجودة في المنطقة بعدما تم تأسيس الإدارة الذاتية ضمن مشروع الأمة الديمقراطية الذي فتح المجال أمام المرأة للمشاركة في إدارة المجتمع بشكل فعال"، لافتةً إلى أن العمل المشترك والتدريب ساعد على تجاوز الصعوبات".

وأشارت إلى أن تركيا تخشى من امتداد وتوسع مشروع الأمة الديمقراطية وبلوغ أراضيها، لذا بين الفينة والأخرى تكثف من هجماتها على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بذريعة أن الأخيرة تشكل خطراً على بلادها "تركيا مستمرة باستهداف الإداريين والمدنيين بالطائرات المسيرة، بالإضافة إلى اجتياح الأراضي السورية واحتلالها دون احترام سيادة دول الجوار، في سبيل إفراغ المنطقة من سكانها لتسهيل السيطرة عليها وتغيير ديمغرافيتها.

وحول الهجمات التي شنت خلال هذا العام وأسفرت عن أضرار كبيرة تقول "خلال الأشهر الماضية كثفت الدولة التركية من هجماتها على المنطقة، مستهدفةً بغاراتها الجوية والقذائف والمدفعية البنية التحتية من محطات توليد وتحويل الكهرباء وآبار ومصافي النفط رغم أنها بدائية بالكاد تؤمن مستلزمات المنطقة من وقود التدفئة والنقل، بعد إعلانها بشكل رسمي أنها ستستهدف البنى التحتية في المنطقة، منتهكةً بذلك القانون الدولي"، لافتةً إلى أن تلك الهجمات أثرت على عمل المؤسسات والمصانع الموجودة في المنطقة إضافة إلى قطاع الزراعة، مما تسبب تراجع اقتصاد المنطقة.

وبينت أن الكثير من الموارد الطبية لا تصل إلى المنطقة نتيجة إغلاق المعابر بينها وبين الدول المجاورة، خاصة مقاطعة الشهباء التي تشهد أوضاعاً مأساوية في ظل الحصار المفروض عليها من قبل حكومة دمشق، وهو ما زاد من معاناة الأهالي، واعتبرته أفين جمعة جرائماً ضد الإنسانية وجريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني الذي ينص على عدم استهداف المدنيين وسبل عيشهم بشكل مباشر، وهو ما تم خرقه من قبل تركيا كما أوضحت.

ونوهت إلى أنه لم تكن البنى التحتية الهدف الوحيد لتركيا "في ظل الهجمات المستمرة تقطع تركيا مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية والعراقية وتحرمهم من حصتهم المائية التي تم تحديدها في الاتفاقية الدولية التي جمعت بين الدول الثلاث، ونصت على تخصيص حصة من المياه لكل دولة، إلا أن تركيا تحبس المياه وخفضت الكمية إلى أقل من الربع، ما أدى إلى انخفاض مستوى المياه، وخروج محطات تصفية المياه عن الخدمة وبالتالي تعرض الأمن المائي والغذائي للخطر، مع انتشار الأمراض".

وأضافت "تركيا قوة دولية لديها وزنها في المنطقة وهي تستغل ذلك لتنفيذ أجنداتها داخل الأراضي السورية، حيث تقوم بتقديم تقارير مزيفة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع مرور الوقت يتم الكشف عن تلك التقارير والأكاذيب التي يتم تلفيقها حول المنطقة من قبل المنظمات الحقوقية الموجودة داخل الأراضي السورية، إلا أنه لا يتم محاسبتها لأن المجتمع الدولي يسعى وراء مصالحه"، مؤكدةً على أن المدنيين وخاصة النساء والأطفال الأكثر تضرراً من الحروب والهجمات والنزاعات.

ونوهت إلى أن "القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل التي تحمي المرأة والطفل أثناء النزاعات المسلحة واتفاقيات جنيف الأربعة، جميعها تؤكد على ضرورة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ومنح المرأة والطفل حماية مضاعفة، لأنهم معرضين للتهجير والعنف بكافة أشكاله والقتل كذلك".

وحول الجهود المبذولة من قبل الإدارة الذاتية لوقف الهجمات التي تستهدف المنطقة تقول "الإدارة الذاتية وعبر علاقاتها الدبلوماسية تقوم برفع تقارير توثق الانتهاكات المرتكبة في إقليم شمال وشرق سوريا إلى الجهات المعنية منها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمحاسبة مرتكبيها"، مضيفةً "تقوم منظمة حقوق الإنسان في مقاطعة الجزيرة بتوثيق الانتهاكات المرتكبة وإعداد ملفات حول كل حادثة على حدا، كما تجمع الأدلة في ملفات وتشاركها مع لجان تقصي الحقائق والمنظمات الحقوقية المهتمة بالإضافة إلى مجموعة من المحامين/ات الذين يعملون على الدعاوى لرفعها إلى المحاكم الدولية"، لافتةً إلى أنهم يعملون على إعداد دراسات قانونية "هنالك العديد من الدعاوى التي تتم دراستها حالياً منها استهداف الإعلاميين/ات الذين يسعون لإظهار الحقيقة في إقليم شمال وشرق سوريا، بهدف ثنيهم عن نقل الحقيقة".

وحول الصعوبات التي يواجهونها تقول "إننا نواجه خطراً كبيراً خلال عملنا على توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها المنطقة، وتوفير الأدلة المادية بسبب التشديد من الناحية الأمنية بهدف حماية المدنيين والصحفيين/ات، حيث يتم استهداف كل من يقترب من المكان الذي تعرض للهجوم، وذلك لمحو الأدلة ومنع توثيق تلك الانتهاكات بشكل يمكن الاستفادة منه في إعداد تقارير حقوقية وهو أمر نعاني منه في كل مرة تتعرض لها المنطقة للهجمات ولكننا نسعى لتدارك هذه المعوقات".

ومنذ بداية مطلع عام 2023 وحتى السابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، شن ما يقارب الثمانين غارة جوية من قبل المسيرات التركية على المنطقة، أدت إلى مقتل ما يقارب الـ 80 شخصاً بينهم نساء وأطفال، فيما أصيب ما لا يقل عن 83 شخصاً بينهم نساء وأطفال في حصيلة غير نهائية، وتسببت الطائرات الحربية في مقتل سبعة أشخاص، بينما قتل 18 شخصاً وأصيب 7 آخرون خلال الهجمات على الحدود.