تزايد قتل النساء في مصر وأسبابها

فُجع المصريون خلال الأيام الماضية بحادث قتل أخ لشقيقته في محافظة الدقهلية لخلاف على الميراث، أشعل النار في جسدها أثناء نومها، وبنظرة أكثر قرباً لهذا النوع من العنف

إيناس كمال
القاهرة ـ ، فإنه ليس الحادث الأول من نوعه هذا العام.
وفقاً لمؤسسة إدراك للتنمية والمساواة فخلال الربع الثاني من عام 2021، بلغ إجمالي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات 191 جريمة، وبلغت إجمالي جرائم قتل النساء والفتيات بسبب العنف 76 جريمة، 54 جريمة ارتكبت من قبل أحد أفراد العائلة، و15 جريمة قتل ارتكبت من قبل أشخاص غرباء من خارج نطاق الأسرة، وإجمالي جرائم الشروع في القتل بلغت 18 جريمة.
أما تقرير مؤسسة "بنت النيل" النصف سنوي لهذا العام، ذكر أن قتل النساء والفتيات لأسباب تنوعت ما بين الشك في السلوك والإزعاج والتأديب وغيرها، كانت الأكثر انتشاراً، فقد بلغت نسبتها 64%.
وقد انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في تموز/يوليو الماضي، يظهر كيف انهال رجل علناً على زوجته بـ 27 طعنة، في أنحاء متفرقة من جسدها أثناء وجودها في محل لشراء الملابس، ما أودى بحياتها في الحال، ما أثار حالة من الذعر والرعب.
وتعليقاً على ارتفاع نسب ارتكاب جرائم قتل النساء والفتيات، قالت أستاذة علم الاجتماع السياسي هدى زكريا "لا توجد مصادر رسمية تؤكد تلك الزيادة وإنما هناك ما يمكن أن نصفه بزيادة مشاهدة أخبار القتل والعنف، خاصةً مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت هذا الأمر".
وأضافت أنه "في السنوات السابقة كان المجتمع يعتبر الرجل هو الأقوى وله السلطة على المرأة، وأن المرأة أقل منه في المكانة الاجتماعية، وبالتالي كان هناك قبول للعنف ضد المرأة، فمثلاً كان مقبول أن يضرب أخ أخته أو أن يضرب زوج زوجته بمباركة الأهل خاصةً في الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة".
إلا أن الحال قد تغير ولم تعد المرأة تقبل بممارسة العنف ضدها كما في السابق على حد قول هدى زكريا، "بدأت النساء يرفضن العنف الممارس ضدهن لأسباب عديدة منها زيادة الوعي بحقوقهن وانخراطهن في كافة المجالات، وهو ما أشعر الرجال أنهم أصبحوا في مرتبة أدنى من النساء وفقدوا قوتهم ومركزهم الاجتماعي وأن فرص عملهم في الوظائف المختلفة قد تضاءلت، فبدأ معظمهم يمارسون العنف ضد النساء لتعويض الشعور بالنقص، ويعد هذا من أبرز الأسباب الاجتماعية لزيادة العنف ضد النساء".
وأوضحت أنه "انتشرت في الآونة الأخيرة ثقافة مجدت فكرة التوحش في العنف والقتل من منطلق مقدس، مثلاً هناك من يضع حزام ناسف ويهدد الفتيات باستخدام السلاح في الشارع كما حصل في مدينة سيدني الأسترالية، فقد انتشرت فيديوهات تظهر رجلاً ملتحياً كان يتجول في الشارع بسكين ويطعن الفتيات غير المرتديات للحجاب، قال إنه يدافع عن الاسلام".
فيما ترى مدير مؤسسة "بنت النيل" أسماء دعبيس، أن انتشار العنف وجرائم قتل النساء، تعود إلى البنية المجتمعية التي تربى الرجل عليها وهي أن له كافة الصلاحيات في التحكم بالمرأة وحياتها، "يبدأ التمييز بين الجنسين من العائلة أي في تعامل الأب والأم مع الأطفال، فمنذ الصغر يتم تربيتهم على أن الفتاة في الدرجة الثانية، وأنها يجب أن تطيع أخيها وتنصاع لأوامره حتى وأن تحكم في اختياراتها التي تتعلق بجسدها وحريتها الشخصية، وبالتالي يكبر الشاب على أن المرأة لا تملك من أمرها شيء وأن مصيرها بيده فيتجلى ذلك في حرمان أخته من الميراث أو منعها من الخروج، أو تعرضها للضرب من قبل الأب أو الزوج أو الأخ والتي تنتهي معظمها بالقتل".
وأكدت أنه "مع غياب المنظومة القانونية الواضحة والصارمة في حماية المرأة، فأي رجل بإمكانه ممارسة العنف ضد المرأة بذريعة "الشرف"، فالمادة 60 من قانون العقوبات المصري يجيز حق التأديب بمقتضى الشريعة وهو ما يبرر العنف".
وترجع أسماء دعبيس أسباب ذلك إلى أن "المُشرع أي واضع القوانين هو في الأساس رجل ويفكر بطريقة ذكورية، وطوال الوقت يضع نفسه في موضع السلطة على المرأة ما يسبب عدم وجود قوانين حمائية للمرأة بشكل حقيقي".
أما المحامية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد ترى أن الموروثات الثقافية الخاطئة مثل ما يطلق عليه "جرائم الشرف" وتعتبره مصطلح خاطئ فلا شرف في الجريمة، والعادات والتقاليد الخاطئة وتكريس الدونية تجاه النساء في العموم، تودي بحياة العديد منهن وهي فقط من تدفع الثمن.
وتوضح "إن كل فئة تقوم بإعادة تدوير العنف للفئة الأضعف منها، يعني الزوج يعاني من العنف في عمله فيصدره للزوجة والزوجة تصدره للأطفال والأطفال للحيوانات وهكذا، وهذا راجع للضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ونتيجة لعدم احترام القانون، فإن كل شخص يأخذ حقه بيده، مثلما يظهر في الأعمال الدرامية في المسلسلات والسينما".
والجدير بالذكر أن المركز المصري لحقوق المرأة ذكر في تقريره، أن 5 مليون و600 ألف امرأة يعانين من عنف على يد الزوج أو الخطيب سنوياً، و2 مليون و400 ألف امرأة أُصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف على يد الزوج أو الخطيب، وأن مليون امرأة يتركن منزل الزوجية بسبب العنف الذي تتعرضن له من قبل الزوج، وتتعرض نحو 200 امرأة سنوياً لمضاعفات في الحمل بسبب تعرضهن للعنف على يد الزوج، بينما لم يتعدى عدد النساء اللائي يُبلّغن الشرطة بحوادث العنف 75 ألف امرأة.