تونس... صحفيات تواجهن تعتيم وحجب للمعلومة
أكدت الصحفية نجوى الهمامي أنه بالرغم من وجود قانون عدد 22 لعام 2016 المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة، إلا أنه الصحفيون/ات لا يزالون يشتكون من استمرار سياسية التعتيم وحجب المعلومة.
زهور المشرقي
تونس ـ لا تزال معركة المرسوم 54 المهدد لحرية التعبير والصحافة مستمرّة وسط دعوات نقابة الصحفيين لسحبه أو تعديله نظراً لخطورته على واقع عمل الصحفيين/ات، وقد استغلت جهات كثيرة هذا المرسوم لمهاجمة أبناء السلطة الرابعة وممارسة مختلف أشكال العنف ضدهم لإثنائهم عن أداء عملهم.
أكدت الصحفية نجوى الهمامي أن المرسوم رقم 54 مقوض لحق حرية التعبير، لافتة إلى أن تونس صادقت على كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن هذا الحق قبل أن يصدر هذا المرسوم المتضمن لـ 38 فصل والذي ضرب عرض الحائط كافة المكتسبات التي ظن الصحفيون والرأي العام التونسي عموماً أنها أصبحت من المسلمات منذ ثورة 14 يناير 2011.
واعتبرت أن هذا المرسوم في ظل السلطة الحاكمة تم ربطه بمشاكل كثيرة كالنفاذ إلى المعلومة لم يترك للصحفيين/ات المجال للعمل في هذا المناخ السياسي المقيد للحريات والرافض للرأي المخالف ولتقديم المعطيات والمعلومات الصحيحة ما فتح أبواب كثيرة أمام أن تكون إعلاماً حكومياً موالياً للسلطة أو أن تكون صحفي مستقل أو تعمل ضمن مؤسسة خاصة.
وترى نجوى الهمامي أن السلطة تتمسك بهذا المرسوم وتراه شكلاً جيداً لمحاربة الأخبار الزائفة وجرائم المعلومات والاتصالات، بينما يراه الصحفيون خانقاً لحرية الصحافة والتعبير، مشيرة إلى أن النضال لازال مستمر من أجل المحافظة على أبرز مكاسب الثورة.
وعن مدى تأثير المرسوم 54 على العمل الميداني للصحفيات، تقول "كونك امرأة صحفية ميدانية تشاركين في تغطية التظاهرات ومختلف الاحتجاجات والأحداث في الشارع ستعيشين التضييق والعقبات، في السابق أو في زمن العشرية السوداء كنا نعاني من قمع وجهات النظر المختلفة، مثلاً في مسيرة لحركة النهضة يطلبون منا كصحفيات مواكبة الشق المساند لها فقط والتعتيم على الشق المعارض لها وأن اجتهدت الصحفية وعملت بمهنية ووفق ما يمليه ميثاق المهنة تواجه مخاطر عديدة كالتحرش والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي والسخرية من الصحفية وعملها لتأتي بعد ذلك مرحلة التحريض وبث خطاب الكراهية والتشويه الممهنج في جريمة إلكترونية مكتملة المعالم".
وأكدت نجوى الهمامي أن المرسوم 54 ضاعف العنف الرقمي المسلط على الصحفيات الميدانيات وبات الحديث عن جرائم إلكترونية وتهديد بالقتل والسحل وتشويه السمعة، لافتةً إلى أنه "نواجه كصحفيات خطر في ظل عدم توفر المعلومة ومحاولة العمل ميدانياً في ظروف صعبة، علاوة على ذلك جرائم العنف المعنوي والمادي التي نتعرض لها".
وعن استمرار حجب المعلومة والتعتيم الإعلامي برغم وجود قانون النفاذ إلى المعلومة، تقول "من حجب عنك المعلومة فهو يخاف منك، فاليوم حين نطلب المعلومة من السلطة أو حتى من المسؤولين الإداريين نجد الصد والخوف من التصريح، هذه الإشكاليات كنا نواجهها في زمن الديكتاتورية واليوم نواجهها بصيغ أخرى أكثر دبلوماسية لكن في ظل ديكتاتورية جديدة".
وأضافت "فاليوم التواصل مع المسؤولين بات أمراً صعباً، صحيح أننا وجدنا البديل في المجتمع المدني والخبراء والحقوقيين/ت الذين يتعاونون مع الصحفيين/ات في تونس لكن مقتضيات المهنة تتطلب وجود المسؤول لتوضيح بعض النقاط وتفسيرها للرأي العام".
وعن موجة العنف الرقمي الذي تواجهه الصحفيات عبر الصفحات المأجورة المختصة لإثنائهن عن أداء عملهن، اعتبرت نجوى الهمامي أن التشريعات منقوصة والحقوق باتت مهددة ولم تعد النساء تسعين إلى اكتساب حقوق جديدة، بل تتجهزن للدفاع عن المكتسبات التي تريد أطراف ما سلبها بعد طول نضال نسوي دام عقود من الزمن.
وأضافت "هناك عنف رقمي مخيف يستهدف الصحفيات، وحتى نقابة الصحفيين التونسيين تشهد هجمات من قبل مختلف الفئات والأحزاب والسلطة وذلك بتشويهها كصرح نضالي صامد برغم كل المساعي لإفشالها".
وأشارت إلى خطورة العنف الرقمي الذي يهدد الصحفيات عبر حسابات رقمية بأسمائهم بغية نشر أخبار وصور مسيئة لهن "من تمتنع عن التسويق لفكرة ما قد تتعرض لشتى أنواع التشهير والتنكيل إلكترونياً، تبدأ من تزييف صور وتركيبها ونشر تدوينات لا أخلاقية تمس من كرامة الصحفية، فضلاً عن بث الإشاعات وهو سلاح يستخدمه المجتمع الذكوري لمحاربة النساء، وقد تطور الأمر ليصل العائلة والأصدقاء".
وفي ختام حديثها، شددت الصحفية نجوى الهمامي على ضرورة توعية وتدريب الصحفيات في نقابة الصحفيين لفهم الجوانب القانونية للدفاع عن أنفسهن حين تتعرضن لجريمة إلكترونية.