ترويج أدوية محظورة يعيد مطالب إلغاء تجريم الإجهاض للواجهة
تنص قوانين المغرب على ترسانة تشريعية مقيدة للإجهاض، وهو ما يدفع بعض النساء إلى استخدام أدوات ووسائل محظورة من أجل الإجهاض بشكل غير آمن، ما يهدد سلامتهن الصحية.
حنان حارت
المغرب ـ على إثر ترويج صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب لأدوية محظورة تتسبب في الإجهاض، تجددت مطالب منظمات حقوقية ونسائية مغربية بإلغاء تجريم الحق في الإنهاء الطوعي للحمل، وذلك حفاظاً على سلامة النساء وعدم خضوعهن للإجهاض السري.
قالت كبيرة شاطر المناضلة السياسية والمهتمة بقضايا النساء، أن قضية الإجهاض ليست إشكالية حديثة العهد في المجتمع المغربي وإنما مطروحة في كل المجتمعات، مشيرة إلى أن الإجهاض كان يتم منذ العصور الأولى بطرق شتى منها تناول أعشاب تسبب موت الجنين أو إدخال أدوات حادة إلى الرحم.
وأوضحت إنه في المغرب شهدت مسألة الإجهاض نقاشاً حاداً من خلال توجهين وهو التوجه المحافظ، وآخر ليبرالي أو حداثي، لافتة إلى أن كل اتجاه يعمل على طرح وجهة نظره في الموضوع، مبينة أن التيار المحافظ، يرى أن قضية ضمان حماية حق الجنين في العيش كمبدأ أساس في مقاربة الموضوع، فيما التيار الليبرالي يحاول أن يقدم صورة عن مسألة الاجهاض غير الآمن بالاستناد إلى مجموعة من المبررات والمتغيرات في حين التيار المحافظ لا يريد أن يستوعب أن هناك تحولات عميقة يشهدها المغرب، تقتضي منا إعادة النظر في مجموعة من القضايا الشائكة.
وتتفق كبيرة شاطر مع التوجه الليبرالي قائلة "لقد حان الوقت من أجل إعادة النظر في الإجهاض ورفع التجريم عنه"، داعية إلى السماح بالإجهاض الآمن قدر الإمكان حتى لا تتضرر المرأة والرجل والمجتمع.
وقالت إنه "في الوقت الذي نعلن فيه عن تحريم الاجهاض وتجريمه، فإن الواقع يظهر لنا أنه يمارس في الخفاء"، مؤكدة على ضرورة الخروج برؤية متوافق حولها تستحضر كل التغيرات التي يعرفها المجتمع المغربي "يجب رفع التجريم عن الإجهاض حتى تتمكن المرأة إن رغبت في الإجهاض أن تلجأ إليه بشكل آمن".
وأوضحت أنه "حتى لا يتضرر المجتمع، على المشرع أن يعيد النظر في الإجهاض ورفع التجريم عنه"، لافتة إلى أنه في الحالات التي يتم فيها الحمل خارج مؤسسة الزواج، فإن المجتمع يرفض أيضاً الطفل "المولود قد يتضرر لكون المجتمع يتنابز باسمه طوال حياته ويتعرض للإهانة والسب خلال مراحل طفولته وخلال تنشئته في المجتمع وفي الحي أو في المدرسة أو حتى في العمل، لأن المجتمع دائماً يطلق عليه اسم ابن زنا أو ابن حرام".
وأكدت إن استمرار تجريم الإجهاض يدفع ببعض النساء إلى الإقدام على الإجهاض العشوائي الذي تستعمل فيه المرأة عدد من الوسائل المضرة بصحتها كاستعمال أدوات حادة أو بعض الأعشاب "المطلوب في الحياة المجتمعية هو إنهاء الخلافات وإيجاد حلول لعدد من القضايا الشائكة التي لا تعود على المجتمع بأية فائدة خاصة وأن اليوم نسبة الأطفال المتخلى عنهم تصل إلى 20%".
وأوضحت أنه من الناحية القانونية يتعين تأطير الحمل غير المرغوب فيه، حتى لا يتم ترك المجال مفتوح أمام الطرق غير الآمنة للإجهاض وما يترتب عنها من مخاطر "علاج أي ظاهرة لا يمكن أن يتم دون التحكم في أسبابها، في ظل المخاطر التي تنتج خاصة المآسي الاجتماعية التي تتعلق بتفكيك الأسر وأطفال متخلى عنهم، وكذا المخاطر الصحية، ينبغي على القانون أن يكون شامل، وذلك من خلال عدم الاكتفاء بحصر الترخيص للإجهاض في ثلاث حالات فقط".
وتنص المادة 449 من القانون الجنائي المغربي على أن "من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة".
فيما تنص المادة 450 من القانون نفسه على أن "إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى، وتكون عقوبة السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 449".
وتبنت الحكومة المغربية في عام 2016، مشروع قانون يخفف تجريم الإجهاض، بتوسيع مجال إباحته إلى حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا محارم، إلا أن المشروع لا يزال مجمداً.