تمكين القيادة النسوية التشاركية ضرورة لضمان مستقبل أفضل للنساء

أكدت الناشطة النسوية أحلام عبد المالك على ضرورة إيجاد نمط قيادة نسوية تشاركية ليس لحل المشكلات المجتمعية المحلية فقط، بل للتشبيك مع نسويات خارج فلسطين، فقضايا النساء متشابهة إلى حد ما في جميع البلدان.

رفيف اسليم

غزة ـ ظهرت أهمية القيادة التشاركية نظراً لدورها الفعال في عملية التطوير، وكنتيجة للتغيرات التي حلت على المجتمعات وظهور مشكلات عديدة تخص النساء، فأصبح من الواجب إشراكهن في إيجاد مخرج مناسب قابل للتطبيق بهدف تحسين واقعهن المعاش، وكونهن الأقدر على الطرح وإيجاد حلول قابلة للتنفيذ تحت عنوان قيادة تشاركية نسوية.

قالت الناشطة النسوية والمجتمعية أحلام عبد المالك، أن القيادة التشاركية هي إحدى أنواع القيادة المرتبطة بجملة من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية تهدف إلى التأثير في القرارات من خلال مشاركة مجموعة من الأفراد بعد تشكيل مجموعات صغيرة وطرح الآراء والأفكار والمعلومات، متاحة إياهم جزء من المسؤولية لتحمل تبعيات القرار المتخذ ومحاولة وضع سياسات تخدم الجميع.

وأوضحت أن هناك نقاط مشتركة ما بين القيادة التشاركية والنسوية لذلك تم تطويعها للاستفادة منها في إيجاد حلول لجملة المشكلات المفروضة، لافتة بأن تلك الطريقة تجعل من النساء المعنفات قادة بالتالي ترجع لهن الثقة التي فقدنها في أنفسهن وتساعدهن على تنمية مهارة التفكير، بالتالي ستستطعن الخروج من العقبات التي تصطدمن بها، بل وتنفيذ الحل بشكل عملي للتخلص منها.

وبينت أن القيادة بشكل عام تحتاج إلى تجهيز الشخص عبر المرور بجملة من المراحل وهذا ما يتم بالقيادية النسوية التشاركية، حيث يتم تجميع النساء ضمن بؤر ومجموعات صغيرة ومن ثم عقد عدد من الجلسات التوعوية والإرشادية والتثقيفية لمعرفة حقوقهن وواجباتهن وطرح مشكلاتهن للمطالبة بإيجاد حلول، وبعد جولة من النقاشات الطويلة تصبح لديهن رؤية مختلفة.

وأشارت إلى أن هناك عدة ميزات تمنحها القيادة التشاركية النسوية أهمها الاستفادة من الطاقات التي لربما لا تعلم صاحباتها عن وجودها لديها، كما أنها تساعد النساء على التمكين لأن المرأة الممكنة اقتصادياً لا أحد يستطيع ممارسة العنف ضدها، منوهة أن نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية في القوى العاملة تبلغ 19 % فقط لا غير، بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني وتلك النسبة تنبه إلى ضرورة إيجاد طرق مناسبة للتمكين.

 وأوضحت أن الكثير من النساء اللواتي تنخرطن في سوق العمل تواجهن الثقافة المجتمعية الذكورية والنظرة السلبية حول مهاراتهن، وهذا ما يفسر سبب اتجاههن إلى العمل الريادي الحر، مما يرجعنا إلى دور القيادة التشاركية في الرجوع لأصل المشكلة وفهمها بشكل سليم والعمل على بناء وعي يعدل من نظرة المجتمع حول قدرات المرأة.

وترى إن حلول تلك المشكلات تتم ببذل جهود من قبل جميع الأطراف عبر جمع كل من المرأة والرجل وصناع القرار والسياسات في مكان واحد لمناقشتها بشكل موضوعي ووضع الحلول المناسبة أو البدائل المتعددة، استناداً إلى مناهضة التميز المبني على النوع الاجتماعي وردم الفجوة في تطبيق القوانين خاصة ما بين تلك المحلية والدولية.

وأكدت أن الخروج بائتلافات للضغط على صناع القرار وتطبيق مطالبهم مرهون بتمكين النساء في الحياة السياسية بشكل عام وبأحزابهن بشكل خاص، فالمرأة التي يفرض عليها الإقصاء من المراكز العليا لن تستطيع التعبير في ظل فكر ذكوري متحكم، لتبقى تلك المرحلة من القيادة النسوية التشاركية مرهونة بمدى الوعي والثقافة التي تكتسبها في الوقت الحالي والتركيز على أهمية وجودها في المواقع المختلفة.

لم تنكر أحلام عبد المالك، أن الائتلافات النسوية التي قامت خلال السنوات السابقة كان لها تأثير إيجابي على قضايا النساء والفتيات وساعدت على تحسين واقعهن المعاش، لكن ذلك التقدم بقي بطيء وإذا ما أردنا قياسه يمكن تحديده بعشرات السنوات لتطوير مجال ما، مرجعة ذلك إلى غياب الاستراتيجيات المناسبة. 

وأكدت أنه يجب إيجاد نمط قيادة نسوية تشاركية ليس لحل المشكلات المجتمعية المحلية فقط، بل للتشبيك مع نسويات خارج فلسطين، ولكن بعد تعديل القوانين التي تكفل حقوق النساء في قطاع غزة وانهاء الانقسام التمييزي بينها وبين الضفة الغربية حينها فقط يمكن الحديث عن نسوية تشاركية عربية كون أوضاع النساء في تلك البلدان متشابهة إلى حد ما.

وأوضحت أن تلك التغيرات تعتبر جزء من التسهيلات التي تقدمها البلد للمشاركة في التحالفات الدولية ودونها ستظل فلسطين عاجزة عن الانضمام لها، وهذا ما يؤكد على ضرورة البدء بإصلاح وضع المرأة داخل مجتمعها وتمكينها ضمن ذلك النوع من القيادة الذي يعتبر جديد من نوعه على النساء.

ولفتت الانتباه إلى سلبيات القيادة النسوية التشاركية، التي أهمها تكوين ائتلافات خارج نطاق عملها تضر بالجهد المبذول، أو تفرد قائدة المجموعة بالقرار وحدها، إضافة إلى عدم قدرة البعض على التعبير عن مشكلاتهن، مؤكدة أن متابعة العمل بدقة متناهية لن يسفر عن ظهور تلك المشكلات.