تعديل قانون الأحوال الشخصية سيساهم في تفاقم النعرات الطائفية وتهميش دور المرأة

يمثل قانون الأحوال الشخصية تراجعاً عن الحقوق القانونية والشخصية التي اكتسبتها المرأة العراقية طيلة الفترة الماضية، فضلاً عن أنه سيؤدي لانقسام مجتمعي بما يكرس الطائفية التي الحقت أضراراً جسيمة بالمجتمع وكذلك سينتج المزيد من المشاكل الأسرية العامة والخاصة.

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة ـ أكدت رئيسة هيئة المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا أن تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق سيساهم في تفاقم النعرات الطائفية وتقسيم المجتمع وتشجيع حالات العنف، كما سيكون له تداعيات وتبعات اجتماعية على المجتمع والمرأة والطفل الذي سيكونون أولى ضحاياه.

رغم التطورات التي يشهده العالم بشكل عام إلا أن هنالك العديد من الدول التي تسعى إلى إعادة المجتمع إلى حقبة الجهل من خلال تطبيق قوانين غير منصفة بحق المجتمع والمرأة بالدرجة الأولى، ومنها الحكومة العراقية التي يسعى مجلس النواب العراقي فيها إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية والذي سيكون له تأثيرات اجتماعية جمة على المرأة والطفل بالدرجة الأولى وسيهمش ويبعدها عن حقوقها المشروعة، لشرعتنه لتعدد الزوجات وزواج القاصرات وحرمان المرأة من حضانة الأطفال.

وحول هذا الموضوع قالت رئيسة هيئة المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا عدالة عمر "يحتل قانون الأحوال الشخصية في حياة الفرد والأشخاص مكانة هامة وحساسة لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياتها الأسرية، فأي قانون أثناء تعديله يجب أن يهدف إلى تعزيز الحقوق وليس إلى تقيدها، وما رأينها في مجلس النواب في العراقي مجحف بحق الشعب والمرأة والطفل على وجه الخصوص"، لافتة إلى أن "العراق بلد متعدد الثقافات والمكونات والقوميات والأديان والمذاهب فعليه الحفاظ على هذا التنوع وإدارته، فلا يمكن للدستور أن يعود في تشريعاته المدونة التي تمثل طائفة ويجعله مرجعاً في تفسيراته".

وبينت أنه "في المادة 41 في الدستور ينص على أن العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب الديانة والمعتقد والمذهب والاختيار، وهذا منسجم ومستند إلى نص دستوري لا يمكن الاعتراض عليه لأنها الوثيقة التي تفصل في اختلاف العراقيين بشأن أي قانون، لكن ما شاهدنا هو محاولات تجزيئ النص الدستوري لأن التعديل فقط يضم عنصر واحد وهو المذهب".

وأوضحت أنه "بالإضافة إلى أن هذه التعديلات تجزء النص الدستوري فأنها مجحفة بحق المرأة فلا حرية لها باختيار أحوالها الشخصية، فلماذا يفرض على المرأة مذهب لا يعتقد به أو يسلب منها اختيار المذهب الذي تريده، فما ذنب الزوجة اذ كانت شيعية أن يفرض عليها مذهب سني لأن الزوج سني، والعكس أيضاً، للأسف هذه التعديلات بعيدة عن جوهر المجتمع والمرأة العراقية، ففكرة تكيف قانون عام على اجتهادات مذهبية دينية سيؤدي إلى تعميق الحالات الطائفية وتقسيم المجتمع وزيادة حالات العنف، والتي لها تداعيات وتبعات اجتماعية على المجتمع فالمرأة ستكون الضحية الأولى لها".

وعن التعديلات التي يسعى مجلس النواب العراقي في إضافتها إلى قانون الأحوال الشخصية بينت أنه يسعى إلى "تغيير حكم الحضانة، وتعدد الزواجات وشرعنة زواج القاصرات، كما أن تحديد مسائل الزواج والطلاق ستصبح فقط في أيدي رجال الدين ومنح الطلاق فقط للمحاكم الشرعية"، مؤكدة على ضرورة تعديل القوانين بما يعزز استقرار الأسرة، لكن هذه التعديلات المقترحة ستؤثر سلباً على المرأة والأطفال وستزيد من حدة العنف في المجتمع.

وقالت "بالرغم من أن هنالك مظاهرات واحتجاجات شعبية في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى، رفعت خلالها شعارات لا لتزويج القاصرات، لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية، لكن هذا لا يكفي فعلى المجتمع العراقي والمرأة بشكل خاص أن يكون لها موقف أقوى وعدم القبول بهذه التعديلات التي تؤثر على المجتمع"، مؤكدة أنه لأجراء أي تعديل يجب أن يكون هنالك دراسات اجتماعية ونفسية لتتناسب مع طبيعة المجتمع.

وشددت على ضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لضمان تطبيق قانون الأحوال الشخصية بشكل عادل ومنصف، وعلى كافة المنظمات الحقوقية وخاصة النسوية أن تتخذ موقفاً لمنع تمرير أي قانون يتعارض مع مصالح المرأة والطفل.

وذكرت عدالة عمر بقول القائد عبدالله أوجلان في مجلده الرابع الذي ينص على أن أي نظام يتاح له فرصة الحل لا بد من أن يقوم بمحاسبة إيدلوجية لمسائل التعصب القومي، والتطرف الديني، والتعصب الجنسوي، ما لاحظناها في ثورة شمال وشرق سوريا في البداية تم الوقوف بشكل ايدلوجي وإيجابي على هذه المواقف، لذا تلونت الثورة بلون المرأة لأنها استطاعت أن تنظم نفسها بشكل خاص وافتتحت مؤسسات كثيرة خاصة بها مما ميز ثورتها، وأصبح هذا التنظيم أساس أرضية لتخطي المرأة خطوات كثيرة محققة إنجازات كثيرة كقانون الأسرة وضمان حقوقها في العقد الاجتماعي وسيكون هنالك صياغة العقد الاجتماعي الخاص بها، رغم قصر عمر الثورة والهجمات والتحديات والحصار لكن كان هنالك مكتسبات عدة وتغير جذري لواقع المرأة".

وعبرت عن أسفها لما يحدث في بعض الدول تجاه المرأة وواقعها، مؤكدة أنه على جميع النساء التصدي لجميع الانتهاكات والممارسات التي تحط من قدرتهن وتهمش دورهن، فالمرأة بحاجة للبحث عن حقيقة جوهرها وكيانها والعودة إلى جذور تاريخها، لمعرفة وكشف حقيقة الأنظمة السلطوية التي تسعى للنيل منها وقمع إراداتها.

وحول دورهم كنساء في الشرق الأوسط أكدت أنه "يقع على عاتق المرأة المسؤولية الأكبر لكي لا تكون ضحية لهذا القوانين الجائرة التي تسعى لإعادتها إلى ما قبل خمس وستون عاماً لذا يجب توحيد صفوفنا وأن يكون لنا موقف موحد ضد هذه الهجمات الايدلوجية لهذه الأنظمة الديكتاتورية التي تحاول بناء مصالحها على حساب المرأة، وعلى المرأة التسلح بالايدلوجية والكونفدرالية الديمقراطية للتصدي لجميع المؤامرات التي تحاك ضدها وتحاول النيل منها، فنضالنا مستمر لتعديل هذه القوانين للحد من التفكك الأسري وتعزيز جميع حقوق الأسرة وترسيخ مفهوم العدالة والمساواة، وترسيخ العدالة الاجتماعية للوصول إلى مجتمع خال من الحروب والنزاعات الطائفية ويسوده العدالة والمساواة بين الجنسين".