تأخير إقرار مشروع حماية الأسرة يهدد حياة النساء في فلسطين

بلغ عدد النساء اللواتي قتلن منذ بداية عام 2022 إلى 23 امرأة وفتاة، وفي ظل ازدياد معدلات حالات القتل استنكرت الباحثة القانونية ماجدة شحادة تأخر إقرار مشروع حماية الأسرة من العنف حتى اليوم في المجتمع الفلسطيني.

رفيف اسليم

غزة ـ انتشر في قطاع غزة خلال الآونة الأخيرة العديد من حالات العنف والقتل داخل الأسرة الواحدة، مما فرض عدة تساؤلات، أهمها أين قانون حماية النساء والأطفال ضد الاعتداءات الممارسة بحقهم من قبل الولي والحامي لهم أي رب الأسرة؟، وما هو دور المراكز القانونية والحقوقية في حماية الضحايا؟.

عن أسباب زيادة حالات العنف الأسري وضرورة إقرار قانون للحماية قالت الباحثة القانونية بوحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ماجدة شحادة أن هناك عدة أسباب ساهمت في زيادة حالات العنف الأسري بالمجتمع الفلسطيني، كتردي الوضع الاقتصادي الناتج عن ارتفاع معدلات البطالة بشكل ملحوظ، وتقديم الإعلام لنماذج من العنف ليست موجودة عبر المسلسلات، وأيضاً تحكم مواقع التواصل الاجتماعي واسهاماتها في تفكيك الأسرة مما أدى لانعدام الحوار وزيادة الفراغ بين الأفراد.

ونوهت إلى أن خروج المرأة من منزلها للعمل والدراسة وتحقيقها لنجاحات تفوق إنجازات الرجل، ساهم في مضاعفة العنف الممارس عليها من قبله، لتعويض النقص الذي أصبح يشعر به، عبر محاربتها وممارسة شتى أنواع الضغط عليها، لافتةً أن تلك المشكلات رافقها ازدياد حالات التحرش والاغتصاب بالمجتمع الفلسطيني والإدمان على المخدرات لسهولة الحصول عليها.

وأوضحت "لكي تتم السيطرة على تلك الحالات وحماية الضحايا يجب إقرار مشروع حماية الأسرة من العنف الذي يشكل درع عبر بنود قانونية واضحة، وقد تم ذكر الأسرة لأنه يشمل كلاً من المرأة والطفل والجاني، فتقدم الحماية للمتضررين والعلاج للجاني بهدف حل المشكلة من جذورها والحفاظ على بناء المجتمع".

وأكدت أنه في حال تعرض أحد أفراد الأسرة لعنف جسدي أو نفسي، فيجب الذهاب إلى جهاز خاص لتقديم الشكوى وليس لمركز الشرطة، وذلك حفاظاً على خصوصية الأسرة وبنائها ومحاولة إيجاد حلول جذرية غير آنية كإرسال الحالة لمركز إيواء تقيم فيه عدة أشهر ومن ثم تترك لتواجه المجهول الذي ينتظرها.

وأوضحت أن مشروع حماية الأسرة قوبل بالرفض، وبحملات احتجاجية من قبل أفراد المجتمع ورجال الإصلاح العشائري الغير معنين بإيجاد حلول تحمي المرأة وتنصفها، وأنه في حال تضررت المرأة من الزواج فإن القانون يحكم لها بالطلاق مع بعض حقوقها، أما النظام العشائري فلا يحكم لها إلا عندما تتنازل عن كافة حقوقها ومنها الحق في حضانة أطفالها.

وتستنكر ماجدة شحادة تأخر إقرار مشروع حماية الأسرة من العنف حتى اليوم في ظل ازدياد معدلات وحالات القتل في المجتمع الفلسطيني، متسائلةً "هل يجب أن تموت 100 امرأة أخرى وبظروف وطرق أكثر بشاعة حتى يتم إقرار قانون يحمي النساء ويحافظ على حياتهن، خاصةً أنه منذ بداية عام 2022 بلغ عدد اللواتي كن ضحايا جرائم القتل 23 امرأة وفتاة، منهن لم تكتب وسائل الإعلام عن ظروف قتلهن".

ومن أبرز الجرائم البشعة التي حدثت مؤخراً أشارت إلى طعن طفلة في الخامسة عشر من عمرها من قبل والدها، خلال تواجدها بمدرستها وفي حضور المديرة والمعلمات، غير آبه بالمكان الذي يتواجد به أو بعواقب فعلته، لافتةً أنه تم التبرير له من خلال تصنيفه كفاقد للأهيلة، والوصاية على الفتاة التي تسكن في كنف جدتها وجدها وأعمامها.

وأشارت إلى أن سبب الاعتداء هو مطالبة الأب بمبلغ مادي من ابنته التي من المفترض أنه ينفق عليها، فرفضت الفتاة إعطائه المبلغ الذي وصل إليها من والدتها المطلقة، ليتهجم عليها ويقوم بطعنها، مضيفةً أن زوجة الأب كانت قد رفضت أن تعيش الفتاة في المنزل فانتقلت لمنزل جدها.

وعن الإجراءات القانونية في تلك الحالة، أوضحت أنه في حال طبقت بنود مشروع حماية الأسرة من العنف فإنه من الواجب إرسال الأب إلى طبيب مختص لفحصه، فإن أثبت فقده للأهلية يحول إلى مصحة نفسية للعلاج ولا يترك طليقاً في المجتمع، فيما لو تم إثبات العكس فيحاسب بتهمة القتل العمد.

وكذلك الحال في قضية فتاتا عائلة العاصي "وسام وفطوم" اللتان هربتا من المنزل لتعرضهما للعنف من قبل والدهما ثم رجعتا مع تعهدات الأب بحمايتهما، ليهربا مرة أخرى في ظل عدم التزام الوالد بحمايتهما، موضحةً أنه في تلك الحالة وبعد إجراء التحقيقات إذا ثبت ممارسة العنف ضدهما الذي قد يودي بحياتهما ترفع وصاية الأب عنهما.

وأضافت ماجدة شحادة أنه كي يتم الوصول لحالة السلام المجتمعي يجب الضغط كأفراد ومؤسسات لإقرار قانون حماية النساء والأطفال، وهذا ما يقوم به المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من خلال جلساته المستمرة للتوعية بأهمية القانون ومحاولة اقناع من يعارض سنه دون أن يفهم الدور الذي سيقوم به، لافتةً إلى أن القوانين المطبقة في الفترة الحالية هي بنود قديمة تعود للعهد العثماني والانتداب البريطاني التي تضم في بنودها تحييز واضح للرجل، وعدم مراعاتها للتغيرات الجديدة الحاصلة.

وأكدت الباحثة القانونية بوحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ماجدة شحادة أن المركز يقدم عدة خدمات للضحايا من خلال متابعته للحالات الواردة لبيت الأمان وتقديم الدعم القانوني عبر مستشارين مختصين لهن للتمثيل أمام المحكمة، مع متابعته لكافة قضايا المجتمع وإصدار بيانات توضح موقفه منها، كما يقدم برنامج المساعدة القانونية وبرنامج تدريب الخرجين المتعلق بمنظومة القانون، ويطالب بتفعيل دور المجلس التشريعي حتى يسن مشروع حماية الأسرة من العنف.