سابقة من نوعها... المحكمة العليا في تركيا تصدر قرار بتهمة الملاحقة المستمرة

تم الحكم على إسماعيل بكتاش، صاحب مطبوعات (كوستبك)، بتهمة الملاحقة المستمرة لدجلة أوزتورك

أليف آكغول

إسطنبول ـ أدانت المحكمة العليا في تركيا صاحب (مطبوعات كوستبك) إسماعيل بكتاش، بخصوص الدعوى المرفوعة ضده، بموجب المادة 105/١ من قانون العقوبات التركي بتهمة "جريمة التحرش الجنسي".

شكل قرار المحكمة العليا في تركيا سابقة، وأثار هذا التطور النقاشات حول معاقبة جريمة المطاردة المستمرة المضافة إلى الحزمة القضائية. وقامت سيرين أيسر إحدى محامي دجلة أوزتورك، بتقييم القضية لوكالتنا.

 

تغريم المشتبه به

قالت المحامية سيرين أيسر "على الرغم من انفصال المشتكية عن المشتبه به، إلا أن المشتبه به أرسل رسالة إلى المشتكي بإصرار، وبناء على هذه الرسائل، تم إصدار لائحة اتهام بحق المشتبه به على أنه يقوم بإرسال خطاباً إلى المشتكي يتضمن ألفاظاً جنسية وإيماءات مستمرة، وإحدى الرسائل التي أرسلت لها من قبل المشتبه به كانت "أريد قلبك يا حبيبي"، وقام بترك الورود على بابها، والمشتكية لا تريد مقابلة المشتبه به، حيث طلبت أن يعاقب بموجب المادة 105/1 من قانون العقوبات التركي".

في القضية التي تم البدء فيها في أيلول/سبتمبر 2021، فرضت المحكمة الجنائية الابتدائية 65 في اسطنبول غرامة قضائية لمدة 220 يوماً على إسماعيل بكتاش، الذي أدين بموجب قانون العقوبات التركي 105/1، وتم تمديدها إلى 270 يوماً من الغرامة القضائية، نتيجة المضايقات عبر الاتصالات الإلكترونية بحق المشتكية لقيامه بإرسال رسائل عدة مرات، ووصل إلى ما مجموعه 337 يوماً من السجن القضائي، وغرامة قضائية قدرها إجمال 6740 ليرة تركية.

ستُعقد جلسة استماع أخرى حيث لم يتم تلقي أي بيان بخصوص طلب إسماعيل بكتاش لتأجيل إعلان الحكم. ومن المتوقع عقد جلسة استماع في أيار/مايو المقبل، لاستكمال المحاكمة واتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي تعليق العقوبة.

 

"لسنا ملزمين بعلاقات متعبة"

وأشارت دجلة أوزتورك إلى أن التحرش هو "أحد أشكال العنف الذي يجعل حياة المرأة أكثر صعوبة وإرهاقًا".

وأضافت "بهذا الشكل من العنف الذي يستخدمونه في حياتهم اليومية، دون ترك أي أثر، يعتبر أمر متعب جداً. حيث يبذلون الرجال قصارى جهدهم ظنً منهم أنهم يستطيعون الحصول على ما يريدون بهذه الأساليب ويشعرون بالفشل والإحباط وعدم الارتياح في كل مرة تفشل محاولاتهم".

وأشارت دجلة أوزتورك إلى أن نقطة النهاية لهذا العنف هي الحماية الذاتية "نحن كنساء يجب أن نحمي أنفسنا ونأخذ جميع الاحتياطات لوقف هؤلاء الجناة، الذين هم غير ناضجين عقلياً وعاطفياً، وربما لم يكونوا مستعدين بعد للخروج إلى الأماكن العامة وعيش حياة اجتماعية سوية، وبمساعدة ذهنيات الرجعيين وكارهي النساء في المجتمع، وصلت هيمنة الذكور إلى درجة غير أخلاقية، وقبل أن يتمكنوا من إلحاق المزيد من الضرر بالنساء، يجب علينا اتخاذ إجراءات في كل مرحلة واستخدام قوة القانون لتجنب المزيد من الأذى. لندرك ذلك جيداً نحن لسنا مضطرين لتحمل عبء المشاكل التي لا يستطيع الرجال حلها في حياتهم".

وأوضحت "هؤلاء الجناة الذين يثبتون وجودهم من خلال استغلال المرأة مدعيين أنهم يريدون إقامة علاقات إنسانية، محاولين اختبار حدودهم حتى يروا قوة أكبر لتوقفهم عن حدهم، وفي تلك الأثناء يقومون بتطبيق وتدمير شخصيتها باذلين قصارى جهدهم. وكأن في ذهنهم مبدأ يقول (أفعل ما أريد انتهك الحدود، ولكن ليس علي دفع أي ثمن)".

وأكدت دجلة أوزتورك على أهمية معرفة النساء لحقوقهن في هذا الوضع وتوثيق العنف الذي تواجهنه "إذا كان هناك نص قانوني، فيجب علينا بالتأكيد رفع دعوى، دعونا نحمي أنفسنا ونعلم أننا كنساء لسنا مسؤولين بشكل أساسي عن عنف الذكور هذا. ولندخل في علاقات سوية وخالية من العنف، ولا ننسى أننا لسنا مضطرين لتحمل علاقات متعبة".

ويشكل قرار المحكمة بشأن المتابعة المستمرة سابقة أيضاً. ويتم التعبير عن "المطاردة المستمرة من جانب واحد"، والتي تم تضمينها كنوع مختلف من العنف في المادة 34 من اتفاقية اسطنبول، في اللائحة الخاصة بالقانون رقم 6284 على النحو التالي "بغض النظر عما إذا كانت هناك روابط عائلية أو علاقة بينهم، فإن الجاني يستخدم أي وسيلة اتصال فعلية أو لفظية أو كتابية أو غيرها، لضحية العنف بطريقة تجعلها تشعر بالخوف والعجز الجسدي أو النفسي، ويعني ذلك جميع أنواع المواقف والسلوكيات التي ستبقيهم تحت الضغط".

 

قرار سابق

أكدت سيرين أيسر إحدى محامي دجلة أوزتورك، أنه على الرغم من هذا القانون "لا يتم تنظيم الملاحقة المستمرة كجريمة منفصلة في قانون العقوبات لدينا".

وقالت المحامية "كانت الدنمارك أول دولة يتم فيها وضع لائحة قانونية بشأن جريمة المطاردة في عام 1933، على الرغم من أن المطاردة في ألمانيا يتم تنظيمها كجريمة منفصلة في وقت لاحق من عام 2007، إلا أنه يتم تطبيق العقوبة الأشد في ألمانيا. ويعاقب الجناة بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لقانون الإجراءات الجنائية الألماني من الممكن إصدار مذكرة توقيف بحق مرتكب جريمة المطاردة. ولأن المطاردة لا تُعرّف كجريمة في بلدنا وهناك عدم مساواة بين الجنسين، فإن المطاردة هي شكل من أشكال العنف الذي تتعرض له معظم النساء ولكن في بعض الأحيان لا يمكن تسميته أو تعريفه. عادة، يرتكب الشريك السابق هذه الجريمة للانتقام من إنهاء العلاقة أو فرض الهيمنة على المرأة لاستئناف العلاقة".

 

"المتابعة المستمرة المنصوص عليها في المجموعة القضائية الجديدة ستظل حبراً على ورق"

قالت المحامية سيرين أيسر أن أكثر أشكال المطاردة شيوعاً ومازالت مستمرة على الرغم من أنها لا تنطوي على عنف جسدي مباشر، هي الاتصال وإرسال الرسائل الإلكترونية وإرسال الهدايا أو الزهور ومتابعتها جسدياً والانتظار أمام منزلها أو مكان عملها.

وأوضحت أن اللائحة غير كافية "على الرغم أنه من الأفضل أن يتم اعتبار جريمة المطاردة بشكل مستقل ضمن الحزمة القضائية الجديدة، إلا أنها لا تتجاوز كونها لائحة قانونية على الورق من حيث الردع. بموجب هذه اللائحة يكون الحد الأدنى للعقوبة 6 أشهر والحد الأعلى سنتان. حتى لو كانت العقوبة أعلى من الحد الأعلى، فلن يتم تطبيق عقوبة السجن بسبب التأجيل. لذلك هناك احتمال قوي بأن يستمر إفلات الجناة من العقاب. بصفتنا محاميات النساء اللواتي يتعرضن للاضطهاد، فإننا نناضل منذ سنوات من أجل معاقبة ملاحقة هؤلاء. في القانون الحالي، عقوبة تعذيب الإنسان هو السجن لمدة 2-5 سنوات. وبهذا التعديل على الرغم من أن جريمة المطاردة واردة في القانون، إلا أنها متخلفة عن عقوبة جريمة التعذيب".