رشا الجبالي: بيئة عمل النساء غير آمنة وتفتقرن للتقدير في المجال العام والخاص
تعاني النساء في بيئة العمل من أزمات مركبة وعلى رأسها عدم الاعتراف بأهمية ما تقدمنه في سوق العمل بسبب سيادة الأفكار الذكورية ووضعهن في ترتيب أدنى مقارنة بالرجال.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تدفع النساء فاتورة نظرة المجتمع إليهن وتعانين من التمييز على أساس النوع الاجتماعي، والعنف في بيئة عملهن نتيجة سيطرة السلطة الذكورية على سوق العمل وعدم الاعتراف بالدور الذي تقوم به المرأة ومساهمتها المؤثرة في الاقتصاد القومي.
تعاني النساء من أزمات وتحديات جمة في سوق العمل خاصة الغير نظامي منه، إلا أن للنقابات دور في دعمهن وتغيير واقعهن، هذا ما سلطت عليه الضوء رئيسة نقابة الضرائب العقارية في الإسكندرية والأمينة العامة للاتحاد المصري للنقابات العمالية رشا الجبالي بالإضافة للحلول التي قدمتها نقابتها لتحسين مناخ عمل المرأة وبالتالي نتائجه والسبل والأدوات التي تساعد في إشعار النساء بالأمان والانتماء لعملهن.
ما هي الخدمات التي تقدم النقابة للنساء خاصة أن واقع النقابات صعب فيما يتعلق ببيئة العمل؟
نعمل في الاتحاد المصري للنقابات العمالية على فكرة المساواة في الأجور ووضع المرأة على نفس الترتيب الخاص بالرجل دون أي تمييز، وفي النقابة نعمل من أجل تمكين النساء فهن لا تستطعن الوصول للمناصب القيادية لاعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة على الإطلاق ولكن الجزء الأكبر منها هو المتعارف عليه إدارياً حول عدم قدرة النساء على القيام بمهام الرجال وأغلب تلك الأفكار لم تختبر على أرض الواقع.
وشخصياً عانيت من ذلك عندما قررت العمل بالشارع كمأمورة ضرائب وكان هناك رفض لذلك كلياً من القياديين، لكنني كنت مصممة على ذلك وتمكنت من إثبات كفاءتي وهو ما شجع الكثيرات للقيام بالشيء ذاته لاحقاً.
ونولي في النقابة اهتمام كبير للتوعية خاصة أننا نعمل من أجل التوقيع والتصديق على الاتفاقية 190c والتي تعمل على تأمين بيئة عمل آمنة للنساء وتمكنهن لتخطي الحواجز والدفاع عن أنفسهن بأدوات وإجراءات واضحة ومحددة تساعدهن في الحصول على حقوقهن.
ما هي الصعوبات التي تواجه المرأة العاملة في الشوارع؟
أبرز الصعوبات تكمن في اقناع النساء أنفسهن أنهن قادرات على العمل في الشارع مع الجمهور، فالكثير منهن ترين أنه بمجرد عملهن كمأمورة ضرائب على سبيل المثال مع زميل لها من أجل إتمام المأمورية المطلوبة أمر غير لائق.
وقد عملت على تغيير تلك الصورة خاصة أني كنت أتحدث حول فكرة طبيعة العمل وفرضياته وأيضاً محددات التعامل مع الزملاء ونجاحي في الأمر والاحترام الذي نلته حتى من قبل العملاء أنفسهم كان محط تقدير الجميع ومشجع للكثيرات على كسر حالة الخوف التي تحول بينهن وبين عملهن.
والذين كانوا يهاجمونني باتوا مع الوقت يؤكدون أن هذا العمل لا ينتقص من مكانة المرأة ولا يسئ لسمعتها، وأن أسلوب تعاملها مع الأخرين هو ما يفرض احترامها على الجميع ويقويها في مواجهة المخاطر المحتملة كذلك.
ما هي أبرز العوائق التي تمنع النساء من العمل في مجال الضرائب؟
واحد من أهم العقبات التي تواجه النساء العاملات في الضرائب العقارية خاصة اللواتي تعملن في الشارع مسألة الوقت فهي غير محدد وهو أمر لا تقبله الكثير من الأسر ويشكل تحدياً حقيقيا أمام النساء.
والعمل المكتبي محدد بوقت وعادة ما يجذب النساء إليه خاصة أن فترة التواجد به أقل بكثير من غيره خالي من المخاطر التي قد تتعرض لها المرأة في هذا النوع من العمل الغير مكتبي والذي يجعلها تتعامل مباشرة مع الجمهور بالشارع.
واتضحت الآثار السلبية للعمل في الشارع جلياً في خلال الثورة، حيث كان هناك معتدين يجوبون الشوارع وهو ما شكل خطر كبير على من يتعلق عملهن بها، بالإضافة لعدم قبول الأهالي بالضرائب.
ما هي أبرز الإشكاليات التشريعية التي تعاني منها النساء في العمل؟
عملنا على هذا القانون ومشاكله منذ سنوات خاصة في الباب المتعلق بالنساء، ونأمل أن يتم الأخذ به بعين الاعتبار خلال الفترة المقبلة، كونه سيتوج جهد سنوات طويلة من المطالبات والعمل المبذول في تعديله وجعله ملبياً للاحتياجات.
وهناك عدد من الأمور التي تمت مراعاتها في قانون الخدمة المدنية الذي جعل إجازة الولادة 4 أشهر بعد أن كانت تقتصر على 3 أشهر فقط ونأمل أن يشتمل قانون العمل على ذلك أيضاً.
كما أن دور الحضانة تمثل عائق كبير أمام النساء خاصة حديثات الولادة منهن، خاصة أنهن في المرحلة الأولى بعد انتهاء إجازة الولادة يصعب عليهن ترك الأطفال بعيداً عنهن ولساعات طويلة، ومن هنا تأتي مسؤولية أماكن العمل في توفير تلك الدور لرعاية الأطفال والعدد المطلوب لذلك كبير ونأمل أن يشتمل التعديل القادم على تحديد العدد بـ 50 عامل وعاملة لكون ذلك سيساعد النساء على الإنتاج من جهة ويضمن لهن بيئة آمنة لأطفالهن.
مع تعدد الأزمات التي تعانيها النساء ماذا تحتجن لمساعدتهن لخلق مناخ آمن؟
عناصر الأمان كثيرة والأهم بالنسبة للمرأة أن تشعر بالتقدير والاحترام بدلاً من مهاجمتها وتعنيفها فقط لأنها امرأة، وكأنها عليها أن تدفع ثمن ذلك وتتحمل ما يقع على كاهلها من أعباء نفسية تصل لحد العقاب والاقصاء بسبب دورها الإنجابي.
وهناك الكثير من حقوق النساء يتم انتقاصها أيضاً لأنها امرأة فيتم اقصائها من المناصب القيادية، ومسألة السماح لها بإبداء رأيها وطرح الأفكار الخاصة بتطوير العمل وإشراكها باتت مطلب رئيسي تسعى النساء للحصول عليه واحتياج ضروري لشعورهن بالمساواة.
وهناك نساء تعنف بشكل مباشر كالعاملات في قطاع الزراعة اللاتي يشترط عليهن أن تكن فتيات صغيرات لتتمكن من إيجاد فرص عمل وتحرم المتزوجات أو النساء اللواتي تمرن بفترة الإنجاب، كما أن الكثير من المهن لا تنص قوانينها على الحماية القانونية لعدم وجود تعاقد في بعض القطاعات الخاصة والعمل الغير منتظم بشكل عام وهو ما يجبر النساء مواجهة تحديات أهمها الاضطرار للعمل حتى في ظل الظروف الصحية السيئة لتوفير احتياجاتهن.
ما هي الحلول الممكنة لأزمات النساء كونك قيادية نقابية وتعاملتي مع بعضها؟
أهم شيء اعتراف المجتمع بأهمية دور المرأة في العمل، وأنها لا تقل مكانة وشأن عن الرجل أو ما يمكنها القيام به وإنجازه وبالتالي لها نفس الحقوق كاملة دون انتقاص.
والأهم الدور الرعائي وتربية الأبناء ومتطلبات الأسرة، واعتبارها مسؤولية مشتركة بين الزوجين ولا تقتصر على أحدهما لأن ذلك يحمل النساء أعباء كبيرة بجانب عملهن.
كما أننا بحاجة لدعم الرجال للنساء وعملهن من أجل إثبات ذواتهن واحترام ذلك، وتقدير الجهد الذي تبذله المرأة خارج المنزل وعدم وضع عقبات أمامها كتكبيدها عناء المسؤولية المزدوجة في المنزل وخارجه منفردة.