رغم القوانين التي تناهضه... العنف يزداد في تونس

تتعرض نسبة كبيرة من النساء التونسيات لأشكال متعددة من العنف داخل أسرهن وخارجها، وزادت الظروف الاقتصادية الصعبة من نسبته في الآونة الأخيرة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أكدت رئيسة جمعية قادرات سامية الفارسي أنه هناك ارتفاع بنسبة العنف المسلط ضد المرأة في تونس، والتي لا تعود فقط إلى زيادة نسبة ممارسته بل إلى كسر المعنفات لجدار الصمت والتبليغ عن المعنف سواء عبر الاتصال أو اللجوء إلى مراكز الايواء.

بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أوضحت رئيسة جمعية قادرات سامية المالكي الفارسي أن المرأة التونسية تعاني من جميع أنواع العنف (معنوي، لفظي، جسدي، جنسي، سياسي واقتصادي) رغم جميع القوانين الموجودة التي تناهضه.

واعتبرت أن حرمان المرأة من ميراثها هو عنف يمارس ضدها ويندرج ضمن العنف الاقتصادي "المساواة في الميراث نقطة مهمة لأن المرأة تنفق مثلها مثل الرجل على الأسرة بل أحياناً تكون هي المعيلة الوحيدة للأسرة".

مركز أمان للمعنفات

أوضحت سامية الفارسي أن بعض النساء المعنفات تغادرن منازلهن خوفاً من عنف الزوج فتجدن أنفسهن في الشارع بدون مأوى كما يقدم بعض الأزواج على تعنيف زوجاتهم والهروب ومغادرة البلاد فتجد الزوجة نفسها غير قادرة على تحمل المسؤولية، وهناك من تضطر بسبب رفض الأهل لمساعدتها وقبولها في المنزل من جديد إلى قبول وتحمل العنف المستمر الذي قد يصل به إلى قتلها.

وبينت أنه بناء على ذلك افتتحت جمعية قادرات مأوى للنساء المعنفات بالضاحية الجنوبية للعاصمة وواجهت بعض الصعوبات على غرار توفير مكان مناسب وقريب من جميع المرافق، حيث تم تأسيسه العام الماضي بالتزامن مع حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة بالتعاون مع المندوبية الجهوية للمرأة والأسرة ببن عروس وبدعم من سلطة الإشراف وأطلق عليه اسم مركز الأمان وهو مركز إرشاد أيضا للمرأة المعنفة ومكان للتخفيف من معاناة ضحايا العنف بتوفير الأمان والإحاطة النفسية لهن ولأطفالهن وتمكينهن اقتصادياً.

وبينت أن طاقة استيعاب مركز أمان تضم 23 سريراً ويستقطب المعنفات وأطفالهن ويقدم جميع مستلزمات الأساسية من غذاء وعلاج ولباس ويساعد الأطفال على مواصلة الدراسة وتتولى أخصائية نفسية معالجة الحالات التي تعاني من الاكتئاب وتتلقين أيضاً الإرشاد القانوني.

وقالت إن "مدة إقامة المرأة المعنفة تصل إلى ثلاثة أشهر قابلة للتجديد وخلال هذه الفترة يتم تدريبهن على حرفة تمكنهن من الحصول على مورد رزق وهناك من أجرت اختبارات وحصلت على شهادة في الكفاءة المهنية تمكنها من الحصول على قرض في إطار برنامج رائدات أو في إطار برنامج صامدة".

وأضافت "نقوم أيضاً بإعطاء بعض الدروس للمعنفات لإعادة بناء الثقة بأنفسهن وفي كيفية إدارة المشاريع عن طريق مختصين ونوفر لهن المرافقة في مشاريعهن وعندما يكن بصدد بعث المشروع نساعدهن على إيجاد عمل وقتي لتغطية المصاريف الخاصة"، موضحة أن "المرأة التي تغادر المركز نقوم بمرافقتها إلى حين استقرارها والتأكد بأنها لم تعد بحاجة إلى رعاية".

وحول إمكانية الإصلاح بين المعنفات وأزواجهن قالت "نقوم بجلسات صلح ويتم القيام ببحث حول الضحية ونجلس معهن وخاصة مع أطفالهن الذين يشعرون بالخوف ونقوم بالإحاطة النفسية لجميع الحالات خوفاً من الاكتئاب والانتحار"، مبينة أن "أغلب النساء الوافدات إلى المركز لا تستطعن العودة إلى الزوج إما بسبب العنف الشديد الذي تعرضن له أو بسبب تعاطي المعنف للمخدرات أو دخوله السجن أو الهروب خارج البلاد".

المرأة والعنف السياسي

حرصت سامية الفارسي على معالجة قضايا المرأة الافريقية عموماً من خلال العمل الجمعياتي عبر جمعية قادرات، وشبكة ثائرة، وشبكة التضامن من أجل حقوق المرأة الافريقية.

كما انشغلت بعد ثورة 2011 بالنشاط السياسي وانخرطت في أحد الأحزاب المعارضة إلا أنها لم تستمر فيه، وقالت "في السياسة يجب أن تقول ما يريد الأخر سماعه وليس الحقيقة لذلك لم استمر في العمل، فابتعدت وواصلت العمل الجمعياتي الذي انطلقت فيه منذ نعومة أظافري عبر الغرفة الفتية الدولية".

وأوضحت "قمت بتدريب القيادات النسائية العربية ببعض البلدان العربية حول استراتيجيات الحملة الانتخابية والعوائق التي تصادف المرأة في السياسة وهي شكل من أشكال العنف المسلط ضدها ويحول دون بلوغ مواقع القرار".

وعن العوائق التي تواجه المرأة حسب تجربتها بينت "المرأة التي تريد الولوج إلى عالم السياسة يتم اقصاؤها من قبل الرجال بطرق عديدة، حيث يتم تنظيم الاجتماعات بمقاهي الرجال أو في حانات أو في وقت متأخر جداً من الليل لثنيها عن حضورها، وأحيانا هناك عبارات سخرية يعتمدونها على غرار "لا زلت موجودة بالاجتماع هل اعددت وجبة العشاء لزوجك؟" كما يحالون التقليل من أهمية المقترحات التي تقدمها المرأة ثم يتم اعتمادها فيما بعد".

وحول قدرتها على التوفيق بين عملها كمسؤولة عن مركز الايواء وناشطة في المجتمع المدني على مستوى محلي وعربي وأفريقي وأيضا دولي وكمسؤولة عن أسرة قالت "ليست العملية سهلة وأصاب أحيانا بإرهاق شديد ولكن أحببت العمل الجمعياتي منذ الصغر وورثت العطاء وإيثار الأخرين على نفسي، وبمجرد تحقيق النجاح يتم نسيان التعب والإرهاق".