'عقوبات مشددة بحق المعنفين والوعي المجتمعي هما الحل للقضاء على ظاهرة قتل النساء'

الوعي لدى المجتمعات الشرقية حول كيفية تربية الأبناء على المساواة يقلل من جرائم قتل النساء

نسرين كلش     

قامشلو ـ قالت الإدارية في منظمة حقوق الإنسان في إقليم الجزيرة بشمال وشرق سوريا أفين جمعة أن قتل النساء يهدد النسيج المجتمعي ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمان، وأن التساهل مع قتلة النساء من خلال اعتبار الجريمة دفاعاً عن الشرف أو قتل غير مقصود وتخفيف الحكم يجعل مرتكب الجريمة لا يخشى العقاب.    

في مناطق شمال وشرق سوريا الوعي المجتمعي أصبح أكبر بعد ثورة روج آفا، وافتتاح المراكز التي تعنى بالمرأة وشؤونها والتي غيرت من واقع المرأة ساهمت في تحقيق المساواة بنسبة مميزة مقارنة مع ما تعيشه النساء في المناطق والدول المجاورة.

الإدارية في منظمة حقوق الإنسان في إقليم الجزيرة أفين جمعة بينت أن "مسألة قتل النساء هي ظاهرة تعود لعشرات السنوات في الشرق الأوسط وذلك نتيجة التعامل مع المرأة على أنها شخص غير مسؤول، خاضعة لنظام الولاية، فهذا التفكير يخلق نوع من التطرف والعنف وخاصة العنف الأسري، فنرى أنه أي مشكلة قد تواجه المرأة يتم التعامل معها بشكل عنيف من قبل أحد ذكور العائلة". مشيرةً إلى أنه ازدادت هذه الحالات في السنوات الأخيرة نتيجة الحرب والعنف الذي هو أيضاً أحد نتائج الحرب.

ورغم الجهود المبذولة لإيجاد حل لمعاناة المرأة وخاصةً في مناطق شمال وشرق سوريا، سواء مع القوانين التي سنت لصالحها أو التنظيمات النسائية التي تدافع عن حقوقها إلا أنه لا يمكن تغيير المجتمع بهذه السهولة، كما تشير أفين جمعة "الأسر هي مدارس المجتمع، لو أن المجتمعات الشرقية لديها الوعي الكامل في كيفية تربية أطفالها بطريقة صحيحة لبناء المجتمعات ما رأينا شيئا من جرائم القتل".

في أغلب الحالات التي تقتل فيها النساء يربط الموضوع في المحاكم بالشرف أو تحت عنوان القتل الغير مقصود، كي يتهرب المجرم من العقاب، سواء من خلال ادعائه أو ادعاء أسرته بذلك، وفي كثير من الحالات إذا كان المجرم هو الأخ تتنازل الأسرة عن القضية تحت شعار "فقدنا ابنتنا لا نريد أن نخسر ولدنا أيضاً" فقد أصبح الشرف قناعاً يخفي السبب الحقيقي للخلافات التي تحصل في العائلات.

وذكرت أفين جمعة أنه يجب أن تشرع قوانين تجرم العنف ضد المرأة "إذا تمت معالجة قضية العنف لن نصل إلى مرحلة الشجار الذي يتحول إلى قتل سواء مقصود أو غير مقصود، لكن التساهل بالعنف القائم على بكل أشكاله يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الضحية لحياتها"، مؤكدةً أن "العنف القائم على المرأة، وعدم تطبيق القوانين والتساهل يؤديان إلى موت الضحية في كثير من الأحيان، كما أنهما يوفران حماية للمجرم".

وتابعت" القوانين مهما كانت مشددة ورادعة لا يمكن أن تخدم المجتمع إذا لم تتم توعيته فالوعي المجتمعي هو الحل في قضايا قتل النساء، كما أن التوعية وتوفير الحماية للمرأة هما المنقذان للمرأة في هذه الحالات، أما العقوبة نفسها مهما كانت مشددة طالما المجرم مقتنع بجريمته فهي لا تردعه".  

تُحمل أفين جمعة مسؤولية الوعي المجتمعي على عاتق المنظمات النسوية والمجتمع المدني، سواء بحقوق المرأة في الحياة أو حقوقها المتساوية مع الرجل، "يجب أن يتم التعامل مع القوانين بذكاء حتى تخدم المجتمع، ويجب أن يتم التعديل على القانون الذي يربط قتل المرأة بالشرف، ففي مناطق شمال وشرق سوريا تم التعديل فعلاً، ويتم التعامل مع جرائم الشرف كجرائم مكتملة الأركان".

وذكرت الحادثة التي وقعت في 11 نيسان/أبريل الماضي في بلدة جل آغا في شمال وشرق سوريا، وتبلغ الضحية 20 عاماً حيث تم إزهاق روحين معاً لأن الضحية كانت حاملاً، قتلت هذه المرأة على يد زوجها، ولم يمضي على زواجها أكثر من ستة أشهر" قتلت نتيجة الخلافات الزوجية التي قد تحدث في كل العائلات، وذلك يعود للأساس الهش الذي بني عليه هذا الزواج، تحول خلاف بسيط إلى مشاجرة كبيرة وعنف، مما دفع المجرم إلى ضرب رأسها بالجدار، وعند وصولها المشفى كانت قد فارقت الحياة هي وجنينها نتيجة النزيف الداخلي في الرأس جراء ارتجاج الدماغ".   

وذكرت أنه تم القبض على الزوج، إلا أن القضية ما زالت جديدة ولم تأخذ المحاكم مجراها أو تنتهي من تحقيقاتها حتى الآن "الزوج يتذرع بأنه لم يقصد القتل، لكننا كمنظمة حقوق الإنسان نعمل لأخذ حقها وحق الجميع ونتابع مجرى القضية حتى تتحقق العدالة".  

وفي ختام حديثها أشارت إلى أنه إذا تم التعامل مع العنف بشكل قانوني ستقل نسب قتل النساء بشكل كبير أما عندما يستهان بالعنف فالقتل نتيجة طبيعية له "عندما تربي العائلة أولادها سواء ذكوراً أو إناثاً على أساس صحيح ومساواة بالحقوق بينهما وعدم غرس أفكار ذكورية في عقول الفتية، سيبنى مجتمع خال من العنف ومبني على المساواة والاحترام بين الطرفين".