قانون مدونة الأسرة المغربي... جدل بين المحافظات والحداثيات
تثير العديد من التعديلات التي يطالب حقوقيون/ات مغاربة بإدخالها على مدونة الأسرة، خلافاً بين محافظين/ات يدافعون عن ضرورة ارتباط هذه التعديلات بالمرجعية الدينية، وحداثيين يشددون على ضرورة استجابتها للاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان.
حنان حارت
المغرب ـ تأمل حقوقيات مغربيات أن تكون اجتهادات المجلس الأعلى فيما يخص مدونة الأسرة منسجمة مع سياق التغيرات التي يعرفها المجتمع المغربي، ودستور عام 2011 ومع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
أكد الائتلاف النسائي من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة والكرامة في بيانه الأخير على أهمية القراءة الواعية بما يتوافق مع قيم الاعتدال والاجتهاد المنفتح والبناء، ورحب بالرغبة الكبيرة للسلطة في إخراج قانون مدونة الأسرة إلى حيز الوجود في المستقبل القريب.
وجاءت هذه الإحالة بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة من مهامها داخل الأجل المحدد لها، ورفع مقترحاتها إلى الملك، الذي اقتضى بالنظر لتعلق بعض المقترحات بالنصوص الدينية، إلى إحالة الأمر إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي جعل من الفصل 41 من الدستور المغربي الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي يتم أعتمدها رسمياً.
ومن بين المقتضيات التي تطالب فعاليات حقوقية بمراجعتها في مدونة الأسرة، ما يتعلق بتزويج القاصرات والطلاق والولاية الشرعية على الأبناء، وصولاً إلى الحضانة المشتركة، وإثبات النسب وتعدد الزوجات والإرث وغيرها.
وقالت المحامية سعاد بطل إن هناك بعض المقترحات المتعلقة بمدونة الأسرة لها ارتباط وثيق بالنصوص الدينية والمجلس العلمي الأعلى هو المؤهل لإصدار الفتاوى وتخصصه هو الإفتاء والاجتهاد، لافتةً إلى أن المجلس الأعلى كان في الهيئة التشاورية المتعلقة بتعديلات مدونة الأسرة وبالتالي هو على إطلاع جيد بمجموعة من المقترحات والتوصيات والتعديلات المتعلقة بالمدونة، خاصة وأن المادة 400 من مقتضيات مدونة الأسرة، تشير إلى ضرورة الرجوع إلى اجتهادات المذهب المالكي في حالة عدم وجود نص قانوني يؤطر قضية ما.
وأوضحت أن هذه الإحالة من شأنها أن تجيب على مجموعة من التساؤلات وتضع حداً لتضارب الآراء والأفكار، مؤكدةً أنه على المجلس العلمي توحيد الخطاب الديني في المغرب، معبرةً عن أملها أن تكون اجتهادات المجلس منسجمة مع سياق التغيرات التي يعرفها المجتمع المغربي، ودستور عام 2011 ومع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وحول اللغط الحاصل على مستوى طرح مدونة الأسرة، إذ توجد أصوات تعتبر أن المدونة جاءت لتمس بانسجام الأسرة المغربية، قالت عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء نورة المونعيم إنه من غير المفهوم وجود مجموعة من الانتقادات والآراء التي ذهبت إلى حد أن المدونة منذ طرحها ستمس بالأسرة بشكل عام وستكسر الانسجام الأسري وستحفظ حقوق النساء فقط دون الرجال.
وأكدت على أن ما يتم الترويج له غير صحيح "أن الحركة الحقوقية والنسائية في المغرب دائماً تدافع على أن الأسرة يجب أن يتقاسم فيها الزوجين المسؤولية معاً" لافتة إلى أنه عندما يكون هناك مسؤولية مشتركة فلابد من أن يكون للزوجين نفس الحقوق والواجبات.
وبدورها قالت الباحثة وأستاذة التعليم العالي نعيمة شيخاوي المتخصصة في الأنتربولوجيا الثقافية والاجتماعية ومستشارة دولية في قضايا النوع، إن قضية الاجهاض وقضايا أخرى كزواج المرأة المغربية من غير مسلم، والمساواة في الإرث وغيرها من القضايا الاجتماعية الشائكة تساءل الدين والسياسة وتساءل المجتمع والتحولات التي يعرفها المغرب على المستوى الديمقراطي وعلى المستوى الحقوقي وعلى مستوى الطفرة التي عرفها المجال الديني في المغرب، لافتة إلى أن هناك ديناميات سياسية من أجل دمقرطة أكثر ومن أجل حقوق لجميع المغاربة نساءً ورجالاً.
ونوهت إلى أن الحركات النسوية العلمانية في المغرب كانت فاعلة وحاضرة بامتياز في الساحة الحقوقية وترافعت لعقود من أجل تغيير وتعديل المدونة، معتبرةً أن قانون مدونة الأسرة المغربية الصادرة في 2004 والتي هي الآن موضوع تعديل، برغم ما أبانت عنه التجربة من ثغرات، إلا أنها تعد مكسباً للنساء لأنها سمحت لهن اليوم المطالبة بتعديلها بما يتماشى مع تطورات المجتمع المغربي.