قانون العقوبات المتعلقة بالعذر المخفف يزيد من حالات قتل النساء
دعت الناشطة الحقوقية رندا قدادة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية العاجلة لمحاسبة الجناة والتصدي لظاهرة قتل النساء المستمرة، وخلق منظومة حقوقية وقضائية عادلة تضمن وجود بيئة آمنة خالية من العنف.
نغم كراجة
غزة ـ أكدت الناشطة الحقوقية رندا قدادة أن جرائم القتل والعنف التي ترتكب بحق النساء والفتيات يعد تعدياً صارخاً لحقوقهن في الحياة، لذلك يستدعي التصدي لمثل هذه الانتهاكات وتحقيق العدالة وتوفير الحماية لهن.
حالة شجب وغضب شديدة يعيشها المجتمع الفلسطيني جراء مقتل الشابة الفلسطينية هبة أبو عبدو البالغة 24 عاماً، ويدين الأهالي هذه الجريمة الشنعاء المرتكبة بحقها ولا زالوا يطالبون بإعادة فتح ملف التحقيق الذي أغلق بدعوى الانتحار نظراً لأن كل المؤشرات والأدلة تؤكد على وجود بصمات عنف.
تلقت المغدور بها هبة أبو عبدو اتصالاً مفاجئاً الساعة الثالثة فجر صباح يوم الأربعاء الثامن والعشرين من تموز/يونيو خرجت مسرعة من منزلها متوجهة إلى الكافية التي كانت تعمل فيها محاسبة لتعود بعد ثلاث ساعات جثة هامدة محملة في سيارة خطيبها الذي أدعى أنها قامت بشنق نفسها دون إبداء أي تفاصيل.
وأكدت والدة هبة أبو عبدو أن ابنتها تعرضت للضرب المبرح الذي أدى إلى حدوث كدمات على جسدها وتورم عيناها قبل وفاتها بعشرة أيام ولم تفصح ابنتها عن الأسباب، وعندما قررت إنهاء علاقتها بخطيبها بعد كشفها حقيقته وتلاعبه نشبت خلاف بينهما أدى إلى تعنيفها ومن ثم قتلها بدم بارد، وبالرغم من وجود الأدلة الواضحة التي تؤكد على تعمد الجريمة، إلا أن السلطات أغلقت ملف التحقيق بعد ساعات بدعوى الانتحار شنقاً والاكتفاء بأقوال الجاني فقط.
وفي جريمة مشابهة لسابقتها لقت شيماء أبو طعيمة البالغة من العمر 21 عاماً حتفها بعد مكوثها أثنا عشر يوماُ في العناية المركزة لخطورة حالتها الصحية، قام زوج المغدورة بحرقها متعمداً لعدم إعطائه مبلغ من المال، ومن المؤسف أنها بقيت ملقاة على الأرض ساعة كاملة دون تحويلها إلى المشفى والنظر إليها بعين الرحمة والإنسانية.
حاول زوج شيماء أبو طعيمة تبرئة نفسه من التهمة المنسوبة إليه وادعائه بأن زجاجة بنزين انسكبت على الأرض فجأة لكن مشهد مسرح الجريمة كانت بخلاف روايته المزعومة حيث لم يتأذى أحد من المتواجدين سوى زوجته، وبالرغم من شهادة طفلته الكبرى التي أكدت أنها رأته يحرق والدتها وهربت مسرعاً من هول المنظر إلا أن الجهات المعنية أخلت سبيله بعد يوم فقط.
وحول هذا الموضوع قالت الناشطة الحقوقية رندا قدادة عن استنكارها بعد ارتفاع حالات القتل ضد النساء في الآونة الأخيرة التي بررت بدعوى الانتحار أو على خلفية جريمة الشرف، إذ تعتبر هذه الجرائم الوحشية انتهاكات تخترق مبادئ حقوق الإنسان وتعكس سوء الصورة الاجتماعية والثقافية ولذلك يستدعي التصدي العاجل لمثل هذه الانتهاكات وتحقيق العدالة وتوفير الحماية للمرأة.
وأشارت إلى أن أخر جريمتين أحدثتا جدلاً واسعاً في الساحة الفلسطينية وهناك نشطاء/ات يطالبون بتحقيق العدالة وإظهار الحقيقة ومعاقبة الجناة واسترداد حقوق الفتيات اللواتي هدرت دمائهن بصورة بشعة حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم وينتهي مسلسل قتل النساء.
وأوضحت أنه في الوقت الذي تطالب فيه نساء العالم بالحصول على حقوق متساوية مع الرجل وبأن تحكمن سياسات العالم، تطالب المرأة الفلسطينية بأدنى حقوقها المشروعة "الحق في الحياة"، وتحت ذريعة الذكورة "الجنس المتفوق" تنتزع حقوقها الأخرى، ويمارس بحقها كافة أشكال العنف الجسدي والنفسي، ويغدو تعنيفها أمراً طبيعياً واعتيادياً، لافتةً إلى أن السبب ورا ء كل هذه الجرائم هو غياب القوانين الرادعة والمراوغة في سن نصوص عصرية تؤدي للحد من جرائم القتل "القانون والسياسات المعمول بها تشرع عملياً العنف والتمييز في ظل سيادة الفكر الذكوري، ما ينذر باستمرار هذا النوع من الجرائم، ويضاف على ذلك الخلفية القانونية القائمة في فلسطين التي لا زالت تعيق عملية التصدي لقتل النساء".
ولفتت إلى أنه بحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني إن عدد الضحايا من النساء اللواتي قتلن نتيجة العنجهة الذكورية بدواعي عارية عن الصحة بلغ منذ بداية العام الحالي 58 امرأة وفتاة، مضيفةً أن دوافع زيادة حالات القتل ترجع إلى غياب المنظومة القانونية بالدرجة الأولى وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تدفع الأهالي إلى تزويج القاصرات، والتنشئة الاجتماعية الأبوية الطاغية حتى اليوم.
وأضافت أن قانوني العقوبات المعمول بهما في الضفة الغربية وقطاع غزة بحاجة إلى مراجعة شاملة لتوفير حماية للنساء والفتيات الفلسطينيات "إن بقاء مثل هذه التشريعات لا يوفر حماية للمرأة ضد الاغتصاب والتحرش الجنسي والعنف اللفظي" حيث اعتبر قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 أن سفاح المحارم لا تعتبر جريمة اعتداء على النساء والفتيات بل اعتبر كل من الضحية والجاني مذنبين".
وطالبت بإجراء التحقيقات الكاملة والدقيقة في جرائم القتل بحق النساء والفتيات وعدم تطبيق المواد 97 و98 و99 و100 من قانون العقوبات المتعلقة بالعذر المحلل المخفف للجناة، وإلغاء المادة 308 والتي تمنح المغتصبين إمكانية الهروب من العقاب بالزواج من ضحاياهن "تعد هذه النصوص انتهاك صارخ بحق المرأة وتبيح دمائها، وتعطي الجاني الضوء الأخضر في ارتكاب جريمته مع سبق الإصرار والترصد دون رهبة".
وفي ختام حديثها شددت الناشطة الحقوقية رندا قدادة على ضرورة إلغاء المادة 18من قانون العقوبات الانتدابي على غرار المادة 340 من قانون العقوبات الأردني، والحكم على الأشخاص المدانين بالجرائم التي تنطوي على العنف ضد المرأة بالحبس دون إمكانية إطلاق السراح المشروط، وتصنيف سفاح الأرحام ضمن قضية الاعتداءات الجنسية، وتجريم التحرش في الأماكن العامة والخاصة وأماكن العمل.