قانون الأحوال الشخصية الليبي يسلب النساء حقوقهن الدستورية

تثير بعض القوانين الليبية وخاصة قانون الأحوال الشخصية منذ سنوات، القلق في الأوساط النسائية والحقوقية، فالبعض يرى أن هناك نصوص قانونية مخالفة للدستور خاصة المتعلقة بالزواج والطلاق.

هندية العشيبي

بنغازي ـ بالإطلاع على منظومة التشريعات الليبية وجد أنها تحتوي على تناقض صارخ في موادها، ففي الوقت الذي تؤكد فيه على المساواة بين المرأة والرجل، تتضمن تشريعات متفرقة تكرس التمييز بينهما.

إن قانون الأحوال الشخصية رقم 10 لعام 1984، والمعدل بالقانون رقم 14 لعام 2015، الذي احتوى على مواد خص بها المرأة بجملة من الأحكام تضمن حقوقها، إلا أنه يفرض عليها قيوداً ويمارس عليها نوع من التمييز خاصة في المادة رقم 6 والمتعلقة بسن الأهلية لزواج الفتيات، والمادة رقم 14 وتعديلاتها والتي تمنع شهادة المرأة في عقد الزواج رغم إجازتها من قبل، بالإضافة للمواد المتعلقة بتعدد الزوجات دون أخذ موافقة الزوجة وبدون شروط أو قيود على الزوج، والمادة 57 المتعلقة بالنسب وعدم السماح لليبية بمنح جنسيتها لأبنائها من زوج أجنبي بعكس الرجل.

وقالت الناشطة الحقوقية ورئيس مركز وشم لدراسات المرأة عبير أمنينة إن القانون رقم 10 المتعلق بالزواج والطلاق كان خلال فترة صدوره قانون تقدمي يضمن في مواده ونصوصه العديد من الحقوق الأسرية والاجتماعية للمرأة منها حق الحضانة وحق النفقة، لكنه لا يتناسب مع تطورات العصر الحالي وخاصة عقب الانقسام السياسي الذي يشهده البلاد منذ عام 2011، والذي بموجبه ألغى المؤتمر الوطني العام وهو السلطة التشريعية، العديد من حقوق المرأة في هذا القانون من خلال تعديله لبعض النصوص المدرجة فيه.

وأوضحت أن المادة رقم 14 من القانون رقم 10 المعدل حرمت المرأة من أن تكون شاهدة على عقد الزواج، بينما كان مسموح لها في هذا القانون قبل تعديله، فكانت شهادة المرأة تقبل بنصف شهادة الرجل ثم ما لبث المشرع أن عدل عن ذلك وألغى ومنع شهادة المرأة على الزواج نهائياً، معتبرةً أنه ظلم في حقها ينافي المذاهب الشرعية التي يحتكم اليها المشرع الليبي.

وأضافت أن المادة المتعلقة بمنح الحق للمرأة في طلب التطليق أو الخلع، جردها المشرع منها عقب التعديل الذي طال قانون الأحوال الشخصية، حيث نصت المادة المعدلة أنه يجب أثبات موافقة الزوج على الخلع حتى تستطيع المرأة الطلاق منه، وهذا يتنافى مع معنى الخلع والتطليق في القانون الليبي.

 

سن الأهلية وارتفاع نسبة زواج القاصرات

وقالت عبير أمنينة أن التعديل الذي طال قانون الاحوال الشخصية رقم 10 لسنة 1984، تسبب في ارتفاع نسبة زواج القصر وذلك من خلال المادة رقم 6 المعدلة، والتي عدلت سن الأهلية بـ18 سنة، وأعطت المحكمة الاذن بتزويج من هم أقل من هذا السن حسب المصلحة والضرورة.

 

قانون العقوبات الليبي

كانت القوانين الليبية في فترة ما تضمن حقوق المرأة وتحافظ عليها ولكنها وبعد التعديلات التي طالتها بسبب الانظمة الحاكمة خلال تلك الفترة أصبحت تقيد حقوق النساء وتسلبها منهن أحياناً كثيرة.

وبينت عبير أمنينة أن بعض القوانين الأخرى كقانون العقوبات الليبي يحتاج لتعديلات سريعة فهو قانون قديم، ويحتاج لتجديد بما يتناسب مع تطور المنظومة العالمية لحقوق النساء من جهة، والعقوبات التي فرضها على بعض الجرائم المتعلقة بالنساء من جهة أخرى.

 

قانون الجنسية

وعن حقوق المرأة في قانون الجنسية رقم 21 لعام2010، والذي لم يتم تنفيذه على أرض الواقع حتى الآن، حيث يمنح هذا القانون وفقا للإعلان الدستوري في مادته رقم 3 المرأة الحق بمنح جنسيتها الليبية لأبنائها من أب أجنبي، مؤكدةً على أن السلطات الليبية لا تطبق هذا القانون بحجة أنه يمس الأمن القومي للبلاد ومتطلباته.

وأعربت عن أسفها لعدم تنفيذه حيث يترتب على ذلك انقاص كبير من حقوق المواطنة للمرأة الليبية والتي تنتقل إلى منظومة الأجانب داخل السجلات الرسمية بمجرد زواجها من أجنبي، وتحرم بناء على ذلك من عدة حقوق وامتيازات منحها لها المشرع وفقا للدستور والمواثيق الدولية.

ورأت أن هذه الملفات لها تبعات خطيرة على حياة المرأة الليبية الأسرية والاجتماعية، والتي تنقل للأجيال المقبلة هذا التعنيف الذي يمارس ضدها بقوة القانون، خاصة النساء اللواتي تكن في حالات الطلاق والتي تؤثر هذه القوانين على وضعهن الاقتصادي وقدرتهن على العيش.