نورس الزغبي: النظام الأبوي هو نظام عالمي ويجب التصدي له بالتضامن

تعتبر النسويات التونسيات أن خطورة النظام الأبوي تكمن في كونه عالمياً لا يرتبط بالأنظمة الأوتوقراطية فحسب، بل بمختلف الأنظمة التي لا تؤمن بالنساء.

زهور المشرقي

تونس ـ تؤمن الحقوقية نورس الزغبي بدور الجمعيات النسوية من أجل الكفاح للحفاظ على مكتسبات النساء والدفع بالتطوير برغم كل الظروف المحيطة.

شددت الحقوقية بمنظمة "محامون بلا حدود"، نورس الزغبي في حوار مع وكالتنا، على أهمية التضامن النسوي بين كل دول العالم لاعتباره السبيل الوحيد للتشبيك وإنجاح المحطات النضالية التي تعتبر مشتركة.

 

كحقوقية ما تقييمك لوضع حقوق الإنسان والنساء في تونس؟

التراجع على مستوى مكتسبات حقوق الإنسان عموماً والنساء خصوصاً بات ملموساً، وحتى الحرية التي نعتبرها المكسب الوحيد من ثورة الكرامة تم المساس بها وشهد الوضع العديد من التعثرات في فترة حكم حركة النهضة وحلفائها وزاد تأزم الوضع مع الرئيس المنتخب قيس سعيد الذي استولى على كل السلطات ونسف حرية التعبير بالمرسوم عدد54 الذي أصدره في أيلول 2022، وكان هناك العديد من حملات الإيقاف بمجرد التعبير عن الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الاعتقالات والترهيب وعدم احترام الإجراءات القانونية.

وليس غريباً على سلطة ناكرة للنساء التنكيل بهن، والدليل جاء مع التعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي والتي نسفت مبدأ التناصف الأفقي في تمثيلية المرأة على مستوى البرلمان في وقت كنا نطمح أن يكون التناصف أفقي وعمودي على مستوى القائمات، وجدنا أنفسنا اليوم أمام نسف كلي لمكتسب مشاركة النساء في الحياة السياسية والأقسى من ذلك أن الرئيس قد فتح باب الاتهامات بحق النساء.

 

ما هو الدور الذي يمكن أن يضطلع به المجتمع المدني للتصدي لهذه التجاوزات؟

من المهم أن يكون لدينا مجتمع مدني وحقوقي قوي ليتصدى لكل الخروقات والتجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان، ففي ظل استقالة الحكومة من دورها الأساسي وجدنا أنفسنا كطيف من أطياف المجتمع المدني نعمل من أجل الإصلاح والترقيع وحللنا محل الحكومة في العديد المناسبات لإنقاذ الموقف.

وما قام به الرئيس كان صادماً فبعد أن آمنا أننا نعيش ضمن حكومة ونظام ديمقراطي استيقظنا على كابوس يبين هشاشة خطاب الرئيس سعيد، لذلك من المهم جداً اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نشاهد هذه اللحمة للمجتمع المدني التي تترجم مثلاً في مبادرة الرباعي الجديدة والعديد من المبادرات الأخرى المهمة لإنقاذ تونس لأن الوضع كارثي ويتطلب الاستعجال في المسار لأن الوقت لا يتسع لنتحدث برفاهية عن مشاكلنا وفي نفس الوقت تم حصرنا في مربع ردة الفعل، ولكن توحدنا في أكثر من مناسبة وأولاها ضد خطاب الرئيس العنصري كان له نتيجة.

 

هل ستغير الحملة الأخيرة على الأفارقة، والتي بلغت التنديد الدولي إثر خطاب السلطة الذي اعتبر عنصرياً؛ صورة تونس أمام العالم؟

ما شاهدناه في الفترة الأخيرة هو ضربة موجعة، وإساءة كبيرة لصورة بلادنا في الخارج، وهو نفس السيناريو الذي عشناه حين قطع الرئيس المؤقت الأسبق محمد المنصف المرزوقي العلاقات مع سوريا، نفس الخطاب والتكتيك اعتمده الرئيس سعيد اليوم مع الأفارقة جنوب الصحراء وكأن هناك مساعي جدية لعزلنا عن العالم بالترويج بأن مؤسسات الدولة أساساً هي مؤسسات عنصرية وهو فعلاً حقيقة وخاصة تلك الإجراءات المهينة في حق كرامة الإنسان، ذلك الخطاب سيحولنا لعزلة دولية نحن في غنى عنها خاصة في الوضع الاقتصادي الراهن.

 

هل يعد التعدي على حقوق النساء أمر سهل؟

أسهل ما يقوم به الإنسان هو التعدي على حقوق النساء من الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية الذي نسف مكتسبات الأمريكيات إلى الرئيس قيس سعيد الذي أقصى النساء وحرمهن من المشاركة بفاعلية في البرلمان بعد تنقيح القانون الانتخابي، إلى العديد من النساء اللواتي تكابدن فقط لأنهن نساء وهو ما يفرض التضامن النسوي الأممي لاعتبار أن قضايانا واحدة ونتأثر بتجارب بعضنا ونستلهم منها، فمن المهم التنسيق والتشبيك بيننا كنساء في المنطقة وشمال أفريقيا والعالم والقارة السمراء، فلا يمكن الحديث عن النساء دون التطرق لنضالات الفلسطينيات والحديث عن مكانة المرأة في برلمان جنوب أفريقيا دون الحديث على تمثيلية النساء في المغرب، فالنظام الأبوي هو نظام عالمي يجب التصدي له بتضامن نسوي أممي.

 

هل تم الايفاء بالوعود التي قدمت للشباب/ات أثناء الانتخابات؟

ليس جديداً أن ينقلب الرئيس على الشباب الذين انتخبوه وتنكر للشعارات التي كان يرفعها بدليل أنه كان يقول إن الدستور هو من خطه الشباب على الجدران، وهو يؤكد بأن حرية التعبير مكفولة، لكنه يتصدى لشباب شاركوا في مسيرة سلمية للتعبير عن آرائهم وأنهم ضد الاستفتاء الذي كتبه وحده، فضلاً عن الإحالات بحق الشباب الذين كتبوا تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي فوجدوا أنفسهم يحاكمون بمقتضى المرسوم 54 ومنهم من تمت إحالته إلى المحكمة العسكرية، كل هذا ضد فئة عمرية ساهمت في أصداح صوتها ضد عشر سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان.