نساء مصر: الحراك النسوي الإيراني أحد أقوى النضالات المستحقة للدعم المطلق عالمياً
خطت نساء إيران وشرق كردستان شوطاً كبيراً، ففي سبيل الحصول على حقوقهن وحريتهن، قررن الثورة على واقعهن وخضن معارك كثيرة دفعن ضريبتها أرواحهن، إلا أنهن لم تستسلمن ولا زلن مستمرات وماضيات باتجاه أهدافهن.
أسماء فتحي
القاهرة ـ عدم وجود الدعم الخارجي الكافي للثورة النسائية في إيران وشرق كردستان ناتج عن الكثير من الأسباب بحسب نساء مصر، منها تلويح السلطة من حين لآخر بقوتها، وأيضاً عدم تأثره المباشر سياسياً كان أو اقتصادياً، والبعض تعلل بعدم المعرفة بما يحدث داخلياً بشكل كامل كون البلاد مغلقة على من بها نسبياً، وجميع تلك التبريرات عصفت النساء بها بعد اعتلائهن منصات التواصل الاجتماعي والفضح العلني لما يحدث لهن من جرائم تنتهك حقوقهن وحريتهن.
يرى الكثيرون أن الأمل في الموجة الثورية الحالية لكونها أكبر مُعبر عن الرفض الغير مقيد بمخاوف أو مكبل بتجارب سابقة، والحراك النسائي في إيران وشرق كردستان الناتج عن تراكمات، واحد من أقوى النضالات المستحقة للدعم المطلق في تقدير عدد ليس بالقليل من النساء المصريات، لكونها صرخة قوية في وجه نظام لا يفكر في أرواح من يتعامل معهم بقدر تركيزه على فرض السيطرة الكاملة وقمع أية بوادر تناشد الحرية والتقرير للذات.
نظرة على مستقبل الحراك النسائي في إيران
أكدت علياء أبو شهبة نائبة مدير التحرير في مؤسسة "روز اليوسف"، أن الثورة النسائية في إيران بدأت منذ تولي آية الله الخميني دفة الحكم في إيران وبالتزامن مع الإجراءات العقابية المفروضة على المرأة لرفض القيود التي تكبلها.
وترى أن الجيل الحالي مختلف عن غيره لكونهن فتيات صغار السن في مرحلة الثانوية والجامعة ولن تقبلن بما ارتضاه غيرهن في الماضي وبالتالي النتيجة ستكون مختلفة، مشيرةً إلى أن الجيل الجديد قادر على تدويل القضية وإجبار العالم على التدخل وعدم تمرير ما يحدث من قمع للأفراد وخاصة النساء في الداخل الإيراني.
ولفتت إلى أنهن ترين ما يحدث في دول الجوار ومنها على سبيل المثال العراق التي تعاني جراء الحرب وعلى الصعيد الاقتصادي أيضاً ولكن نساؤها فاعلات، كما أن هناك دول لم يكن للمرأة بها حقوق تذكر كما هو الحال في السعودية باتت نساؤها تحصلن على مكتسبات متتالية وجميعها أمور محفزة على الحراك من أجل انتزاع الحقوق المسلوبة قهراً.
وتعد ممارسات شرطة الأخلاق المنفرة أيضاً واحد من أهم مؤشرات تماسك الحراك النسائي بإيران في تقديرها لكونها تؤجج نيران الغضب خاصة عندما يتعلق الأمر بأدواتها العقابية لمن لا تلتزمن بقواعد الحجاب الإجباري في خرق للمساحات والحقوق الشخصية وما صاحبها من ارتفاع وتيرة التعذيب والقتل الناتج عنه، معتبرةً أن الفتيات لديهن إصرار كبير على نيل حقوقهن وغضب وتمرد على هذا الواقع وهو ما ينذر بنتائج إيجابية مستقبلاً.
وأشارت إلى أن أحد أهم أسباب التباعد بين المجتمع المصري والإيراني الشأن السياسي المتعلق بمشروع إيران النووي، وأيضاً التباعد الثقافي والإعلامي، فضلاً عن غياب الترجمات الأدبية عنهم حتى تجربتهم الفنية رغم أنها مميزة جداً، إلا أنها تتم في نطاق محدود، بالإضافة إلى الثقافة السائدة حول قضايا النساء واعتبارها مسألة نوعية رغم أنها أحد شؤون الإنسان فالمرأة جزء مؤسس في المجتمع وتحقيق استقرارها يعود بالتبعية على جميع أفراده.
نقاط قوة وضعف الثورة الإيرانية
وترى أن أحد أهم نقاط القوة في الثورة الإيرانية تكمن في طبيعة القائمين عليها فهن فتيات في سن صغيرة لديهن قدر كبير من الحماس والقليل من الخوف ولسن محملات بميراث الأجيال السابقة، فضلاً عما تمتلكنه من تصميم وإرادة من أجل نيل حقوقهن لدرجة أن سقوط ضحايا منهن لا يثنيهن عن حلم التحرر.
وأضافت أن الفتيات المناضلات في إيران وشرق كردستان تمكن من بث رسائل قوية وممتازة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وهو الأمر الذي جعل هناك زخم ونقاش لحقوق المرأة الإيرانية، بالإضافة لطبيعتهن التي لا تقودها المشاعر والتأثر بالأحداث بقدر منهجهن المبني على إدراكهن لحقوقهن والتعبير عنها بشكل مختلف.
وعن نقاط الضعف فقد أكدت علياء أبو شهبة، أن عدم تعاطف المجتمع الدولي مؤثر فيها بدرجة كبيرة وأن عدم الوصول والتأثير في القوى العظمى أمر يحتاج لجهود تمكنّ من تغييره من أجل دعم القضية وتدويلها والانتصار للحقوق المسلوبة خلالها.
الموقف الدولي من القضية الإيرانية
بينما ترى المحامية بالنقض زينب أبو طالب، أن ما يحدث في إيران هدفه النيل من حقوق النساء والسيطرة عليهن وحصرهن في العورة وما يجب على المرأة فعله وتركه وجميعها ترسخ لفكرة الوصاية على مختلف المستويات كأحد أدوات النظام الذكوري في الكثير من الدول ولكنها مغلفة بغطاء الدين، وهو أمر لن يدوم طويلاً في تقديرها كما حدث في الكثير من الدول حول العالم.
واعتبرت أن الحراك النسائي في إيران وشرق كردستان عظيم للغاية ولكن نجاحه في تحقيق أهدافه المستقبلية مرتبط إلى حد كبير بتكاتف المجتمع المدني في الداخل والخارج حول القضية ودعم حقوق الأفراد الشخصية وفي مقدمتهم النساء.
وتتفق زينب أبو طالب مع سابقتها على أن المجتمع الدولي يدير ظهره للقضية الإيرانية رغم حاجة النساء هناك لمزيد من الدعم لقضيتهن في وجه النظام الحاكم الرافض لتحريرهن ويسعى لقهرهن وانتهاك حقوقهن والمساحات الخاصة بهن.
وعدم التأثر السياسي والاقتصادي جعل التفكير في التدخل أمر غير مطروح بحسب ما أكدته زينب أبو طالب التي رأت في وجود ما تسمى بـ "شرطة الأخلاق" انتهاك قانوني صارخ لأن القانون تقوم عليه السلطة التنفيذية ممثلة في النظام الشرطي، ولكنها تعتبر أن كلمة "أخلاق" في حد ذاتها مطاطية تحتمل خرق القوانين ذاتها وهو الأمر الذي يستوجب تدخل دولي في الأمر.
وأشارت إلى أن التجربة المصرية حملت شيء من التقارب مع ما يحدث في إيران أثناء تولي الإخوان المسلمين الحكم في البلاد وسيطرتهم على مؤسسات الدولة، حيث تابعت عن قرب في التعليم وسيطرت على مجالس الأمناء وسعت للفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية وإلزام الفتيات بالحجاب وغيرها من الإجراءات الشبيهة لكونها تنال من المساحات الشخصية للأفراد وهو الأمر الذي رُفض مجتمعياً وتمت مواجهته من قبل الأفراد والمجتمع المدني.
واعتبرت أن مناهضة الأفكار الهدامة واحدة من أدوات تقوية الحراك النسائي في إيران وشرق كردستان وأيضاً العمل على رفع الوعي بالحقوق الشخصية والإنسانية التي يكفلها القانون للأفراد رجالاً كانوا أو نساءً، مؤكدةً على أهمية تسليط الضوء إعلامياً على القضية فضلاً عن ضرورة تحرك المنظمات النسوية العابرة للحدود على الأمر من أجل الضغط على السلطة الإيرانية لاتخاذ تدابير أكثر احتراماً لحقوق الإنسان والكف عن خرقها للمعايير والقوانين الدولية.