نساء غزة تطالبن بتحسين خدمات الصحة الإنجابية

أكدت نساء غزة في فلسطين على أن المشافي تعاني من نقص في الإمدادات الصحية مما يعرض حياتهن للخطر.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني النساء في مشافي قطاع غزة من ضعف الخدمات الصحية المقدمة، خاصة تلك المتعلقة بالصحة الإنجابية، فتتعرض النساء داخل قسم الولادة لسلسلة من ممارسات العنف الممهنجة والإهمال الذي قد يؤثر على صحة الأم والجنين أو يودي بحياة أحدهما.

تجلس سارة محمد (اسم مستعار) على أحد أسرة مشافي قطاع غزة التي دخلتها بموجب تأمينها الطبي، منتظرة أن يأتي دورها في الكشف الطبي، لكن لا أحد يمر إلى أن انقضت عدة ساعات وهي تطالب بالذهاب للطبيب تحت وطأة ألم المخاض القوية التي لا تبارحها منذ عدة أيام على أمل أن تلد جنينها وترتاح من ذلك العناء.

وقالت سارة محمد "بعد ساعات انتقلت لغرفة الطبيب كي يتم الكشف عني لكن ما أصابني بالذهول بلوغ ارتفاع السرير ما يقارب متر ونصف دون وجود درج مساعد أستطيع من خلاله الصعود، فما أن هبطت شعرت أن روحي تسحب مني وهمت مرافقتي بمساعدتي على النهوض، وقد تكررت تلك العملية حوالي ثلاث مرات دون وجود عناية أو مساعدة من قبل الطاقم هناك".

ولفتت إلى أن ذلك العناء يهون بجانب الذل الذي تتلقاه المريضة في قسم الولادة، فتنهار به عدد من الألفاظ النابية ونهر المرأة التي قد تخالف أحد الأوامر، ليس عن قصد بل لا إرادياً، مشيرةً إلى أن ما يدفع النساء لتحمل ذلك العناء هو نفقة الولادة المرتفعة في المشافي الخاصة وعدم القدرة على تحملها في حال احتاجت لعملية أو حضانة للطفل.

ولم تكن ديما محمود (اسم مستعار) أفضل حالاً من سابقتها، فقد أودى الإهمال بحياة جنينها وعادت لمنزلها خاوية اليدين، وحول ذلك تقول "طلبت من التمريض أن تأتي لفحص الجنين الذي توقف نبضه عدة مرات لكنها لم توليني أي اهتمام، وقدمت بعد ساعات لتؤكد لي أنه ليس هناك نبض فما كان منها سوى أن لكمت بطني عدة لكمات تباعاً ومن ثم حولتني لغرفة العمليات التي خرجت منها وحدي دون طفلي".

بدورها أوضحت منسقة وحدة المساعدة القانونية في مركز الميزان لحقوق الإنسان ميرفت النحال، أن الحق بالعلاج هو من الحقوق الأساسية للإنسان التي لا يجب المساس بها، بالوقت والتكلفة التي تناسبه، وهذا ما نصت عليه مجموعة من القوانين المحلية والدولية التي وقعت عليها فلسطين.

وبينت أن العهد الدولي حافظ على صحة الإنسان وفقاً للمادة (20) من قانون الصحة العامة والمادة (12) التي تنص، هناك حق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة من خلال وضع سياسات صحية، أو تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة.

تلك الضمانات خصت المرأة وركزت على الصحة الإنجابية لضمان قضاء فترة حمل سليمة خالية من الأمراض وتهيئة بيئة مناسبة للوضع بجودة تضمن تلقي المرأة تلك الخدمات منذ البداية وحتى أن تحتضن طفلها، وعدا عن ذلك يعتبر تجاوز للقوانين السابق ذكرها ويمكنها تقديم شكوى رسمية في وزارة الصحة لاستعادة حقها، على حد قولها.

وأوضحت ميرفت النحال أن هناك برامج خاصة بالصحة الإنجابية للنساء لتقديم رعاية دورية من خلال العيادات الصغرى والفروع التابعة للمشافي في المدينة لأخذ العلاجات والتطعيمات الخاصة بالطفل، لافتةً إلى أن هناك مشكلة بإجراء العمليات الصغرى والكبرى نتيجة ضعف الإمكانيات بالتالي بقاء المريضات لفترة طويلة تحت وطأة الألم.

وأشارت إلى أن تراجع مستوى الخدمات المقدمة في مستشفيات قطاع غزة يعود إلى الحصار المفروض على المدينة منذ ما يقارب 17 عاماً، وتضييقيات إسرائيل الذي يمنع من دخول العديد من المعدات الطبية وبعض أنواع الأدوية التي تساعد الطاقم الطبي بأداء عمله على أكمل وجه.

وأضافت أن هناك معوقات أخرى يواجها القطاع الصحي في مدينة غزة وهو ضعف التدريبات التي يتلقاها الطاقم الطبي في الخارج، وربما تكاد تكون معدومة والتي ترجع أهميتها في اكتساب العديد من الخبرات التي تؤهل الطبي/ة للتعامل مع حالات مختلفة والتشخيص بشكل أفضل للحالة المماثلة أمامه.

وهناك إشكالية أخرى وربما تعتبر الأخطر بحسب ميرفت النحال، وهي الكهرباء التي لا تزيد ساعات وصلها عن 8 ساعات ببعض الأيام ومع حدوث عدوان ربما تنخفض إلى 4 بالتالي يصبح هناك مسؤولية على المشافي حول كيف يمكن إبقاء الأجهزة تعمل حتى أطول فترة ممكنه، في ظل واقع طبي متهالك يعاني منه كافة فئات المجتمع.

وفي ختام حديثها أكدت ميرفت النحال أن النساء تعاني في كل يوم من ذلك الواقع وتضطررن لشراء العلاج على نفقتهن الخاصة، بينما تعد أكثر الفئات تضرراً هن مريضات السرطان اللواتي ترفض اسرائيل إرسال الأدوية اللازمة لهن أو إصدار التصاريح لتلقي العلاج في الخارج فتفقدن الكثير منهن الحياة وهن تصارعن الألم.