نجاة أنور: الحد من ظاهرة اغتصاب الأطفال مرتبط بالحماية مع تطبيق القانون

استعرضت رئيسة جمعية "ماتقيسش ولدي" نجاة أنور، التقرير السنوي الذي أصدرته جمعية "ماتقيسش ولدي"

حنان حارت
المغرب ـ ، وذكرت عدد القضايا التي تلقتها الجمعية خلال عام 2021، مؤكدةً أن الحد من ظاهرة اغتصاب الأطفال مرتبط بالحماية مع تطبيق القانون.
وفي حوار مع وكالتنا قالت رئيسة جمعية "ماتقيسش ولدي" نجاة أنور التي تنشط في المغرب في مجال محاربة الاعتداء الجنسي على الأطفال، وزنا المحارم والاستغلال الجنسي، أن المنظمات الحقوقية في المغرب تحذر من تفاقم عدد حالات الاغتصاب بين الأطفال بعد رفع الحجر الصحي، بسبب حالة الكبت التي يعيشها البيدوفيليا "الولع الجنسي بالأطفال".
وأكدت في الحوار على أن الحد من الظاهرة مرتبط بالأساس بالحماية الأسرية والمدرسية والمجتمعية، مع تطبيق القانون والضرب بشدة على يد الجناة، وتغيير القوانين مع دمج التربية الجنسية في المنظومة التعليمية.
 
في التقرير السنوي الذي أصدرته جمعيتك تكشف الأرقام أننا أمام ظاهرة مخيفة، ما تعليقك على ذلك؟
في الحقيقة ظاهرة اغتصاب الأطفال مقلقة لأنها في تزايد، وبالنسبة لتقرير المنظمة الخاص بحالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال من كلا الجنسين وذوي الاحتياجات الخاصة، هو تقرير يضم عدد الحالات التي تتبعتها المنظمة ويكشف بالفعل عن خطورة الظاهرة، وطبيعة المواجهة وحجمها وخلل المحاربة ومعيقاته، بالنظر إلى الإحصائيات والأرقام التي تضمنها. 
وقد تضمن التقرير السنوي مجموعة من الأرقام التي كشفت عن هول ظاهرة اغتصاب الأطفال في المجتمع المغربي، حيث تم تسجيل 81 ضحية من الذكور و54 شكوى متعلقة بالاعتداء الجسدي على الأطفال.
ومن بين حالات الاغتصاب التي وردت على الجمعية، تعرضت رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر وستة أيام للاغتصاب، بينما تتراوح أعمار باقي الضحايا الإناث بين ثلاثة أشهر و17 عاماً، فيما تتراوح أعمار الذكور ما بين سنة و16 سنة.
ومجموع الشكاوي التي تلقتها الجمعية خلال العام الماضي هناك 264 ملف، من بينهم 205 ملفات متعلقة بقضايا الاغتصاب وهتك العرض، 122 منها تتعلق بضحايا إناث منهم ثلاث حالات من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حين توصلت الجمعية بملف واحد خاص بقضية الاغتصاب والقتل، وبأربعة ملفات قتل أطفال، و54 ملفاً متعلقاً بالاعتداء الجسدي على الأطفال معظمهم تمت إحالتهم إلى المرصد الوطني لحقوق الطفل.
 
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة اغتصاب الأطفال في المغرب، فما الذي ساهم في كسر هذا الصمت على اعتبار أن مثل هذه القضايا والحوادث تبقى من التابوهات؟
منظمة "ماتقيسش ولدي" لا تنكر الدور المحوري والهام للإعلام في فضح الظاهرة وخروقاتها، كما أن فضل وسائل التواصل الاجتماعي مكن من الاقتراب أكثر لعمق الظاهرة وارتباطاتها وأن الوسيلتين اقتحمتا البيوت القاصي منها والداني، لكن دور المجتمع المدني كان ريادياً عندما استعان بالوسيلتين وجعل التابو ينكسر وضيق الخناق على منطق "الحشومة" والعار ونقل الظاهرة إلى خارج أسوار البيوت من أجل الحديث عنها. فهذه الظاهرة وحش يفترس الطفولة ببقاع العالم، ويبقى الأساس توحيد أدوات المواجهة.
 
ما هي أسباب تفشي هذه الظاهرة؟ 
تفشي الظاهرة تتداخل فيها أسباب وعوامل متعددة، لكن غياب منظومة التربية أو تلكؤها في تبني مناهج تعليميه تروم حماية الطفل من الاعتداء خاصة الجنسي عبر فرض برامج التربية الجنسية، تكشف للطفل معنى وظيفة جسده، كذلك الاهتمام بالطفل خارج المدرسة واقتحام منزله وحيه وتوضيح خطورة البيدوفيليا، ورفع درجة الانتباه واليقظة، كذلك الانتقال إلى الأماكن العامة كالمقاهي والملاهي ومراقبتها من أجل منع القاصرين من ولوجها، واعتماد أدوات كفيلة بالحد من خطورة الظاهرة وحماية القاصر دائماً في إطار العوامل التي تساهم في انتشار هذه الظاهرة، هناك عدة دراسات تفيد أن تدابير الحجر الصحي، التي اتخذت لمنع تفشي جائحة كورونا ساهمت في ارتفاع نسبة الجرائم والعنف، وفي هذا السياق حذرت منظمات حقوقية من تفاقم عدد حالات الاغتصاب في صفوف الأطفال بعد رفع الحجر، بسبب ما أسمته بحالة الكبت التي يعيشها البيدوفيليا. ورفع درجة الانتباه واليقظة، كذلك الانتقال إلى الأماكن العامة كالمقاهي والملاهي ومراقبتها من أجل منع القاصرين من ولوجها، واعتماد أدوات كفيلة بالحد من خطورة الظاهرة وحماية القاصر.
 
كيف يمكن للأسرة حماية الأطفال من الوقوع ضحية للاغتصاب أو التحرش الجنسي، وهل برأيك يمكن أن تنخفض نسبة ضحاياها أو تتلاشى في القريب العاجل؟ 
الحد من الظاهرة مرتبط بالأساس بالحماية الأسرية والمدرسية والمجتمعية، مع تطبيق القانون والضرب بشدة على يد الجناة، وتغيير القوانين مع دمج التربية الجنسية في المنظومة التعليمية، وهو ما نعتبره بصفتنا منظمة مدنية كأدوات كفيلة بصد الظاهرة واستئصالها من منبتها.
إن الأسر مهمتها الحماية والمراقبة، وفي الآونة الأخيرة أصبح هناك دخلاء ثنائيو الصفة، يسكنون بين ظهرانها وهو الحاسوب والهاتف الذكي... على الرغم من إيجابيات هذه الأدوات، إلا أن استعمالها بدون مراقبة من قبل القاصر يجعل هذه الأدوات خطراً عليهم، فهناك منتديات تقرب الوحش من فريسته، فأصبح من اللازم مراقبة هذه المنتديات وهي مهمة موكلة للأسر من أجل حماية القاصر لولوج هذه الفضاءات الرقمية التي تستوجب الترخيص، ووضع المحادثات الرقمية تحت المراقبة المباشرة وكذلك طلبات الصداقات ووضعها تحت المراقبة المجهرية الرقمية.
 
برأيك هل الترسانة القانونية كافية لردع المتحرش؟ وما هي الخطوات العملية الضرورية التي على المغرب انتهاجها إذا أراد القضاء على ظاهرة اغتصاب الأطفال؟
لسنا مجحفين إن قلنا بأن القوانين الزجرية، كافية وعقوباته تصل إلى 30 سنة، لكن يبقى تطبيقها بشكل سليم هو المطلوب، كذلك يجب احترام سيادة الاتفاقيات والقوانين الدولية، كما يجب تجديد القوانين وتغييرها إن تطلب الأمر ذلك تماشياً مع كل مستجد.
الحد من الظاهرة يستوجب تدخل عوامل بينها التربية والقانون والمحاكم والأحكام وقد وضحنا رؤيتنا بما يكفي في هذا السياق، ونتذكر حادثة الطفل عدنان التي هزت الرأي العام المغربي، فقد تعرض للاستدراج والإخفاء والاغتصاب والقتل، كان من الممكن ألا يموت، ولكن بدل التمني هناك لا يزال ممكناً حماية الأطفال جميعهم بإرادتنا التي يجب أن تظل قوية وتجديد رؤية المملكة لمشاريع الطفولة.
نقول كفى اعتداءً كفى جرماً كفى قتلاً، لن ننسى عدنان كما لن ننسى ضحايا تارودانت والطفلة نعيمة الروحي بزاكورة، لننسى فقط صمتنا، ولنطرد الوحش القابع في أعماقنا.