نجاة الكص تؤكد أن النساء قادرات على تغيير العقليات الرجعية عن طريق التوعية

يصادف العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يعد محطة سنوية لتجديد التفكير في مستقبل أفضل للأجيال المقبلة من النساء المغربيات.

حنان حارت

المغرب ـ ترى الكاتبة والدكتورة والفاعلة الجمعوية والحقوقية نجاة الكص أن النساء قادرات على تغيير العقليات الأبوية عن طريق توعية الأجيال على مبدأ المساواة في التعامل دون تمييز أو مفاضلة بين الجنسين.

دعت الكاتبة والدكتورة والفاعلة الجمعوية والحقوقية نجاة الكص، في حوار مع وكالتنا النساء إلى العمل لتحقيق ذواتهن وعدم خلق تبريرات تجعلهن متخلفات عن تحقيق أهدافهن، وطالبت بتعديل جزئي لمدونة الأسرة المغربية، مشيرةً إلى أن عدداً من المواطنين يجهلون بالمدونة.

 

حدثينا عن المساعي النسوية لجعل 10 تشرين الأول يوم وطني يحتفي بالمرأة المغربية؟

يعتبر العاشر من شهر تشرين الأول مناسبة استثنائية نقف فيها على انجازاتنا واخفاقاتنا كنساء، هو يوم المرأة المغربية، وكحركة نسوية، وشخصياً بدأت أطالب بهذا اليوم، ففي 10 من تشرين الأول 2003 خلال الدورة الخريفية  للبرلمان للإعلان عن تغييرات ستشمل مدونة الأحوال الشخصية التي كانت تكرس مبدأ الدونية  تجاه المرأة، وتعتبرها قاصر مهما بلغت من العمر، وأنها مواطنة من الدرجة الثانية ليتم إطلاق ورشات من أجل تغيير مدونة الأحوال الشخصية لتصبح مدونة الأسرة، التي جاءت لإنصاف المرأة والرجل ولحماية الطفل، فهي جاءت لكامل الأسرة وليس فقط للمرأة كما يسود الاعتقاد، وبهذا كان هذا اليوم بمثابة يوم عيد، لأنه انتصار للمرأة والأسرة المغربية. ويعد هذا اليوم محطة سنوية لتجديد التفكير في مستقبل أفضل للأجيال المقبلة من النساء المغربيات.  

 

هناك أصوات تعتبر أن الاحتفاء بالنساء ليوم واحد سنوياً بمثابة تطبيق للعقلية الرجعية، هل تتفقين مع هذا التوجه؟

العقلية الأبوية منتشرة في العالم، بدليل 8 أذار هذا التاريخ الذي يؤرخ لأول احتجاج قامت به النساء من أجل رفع الظلم وعدم المساواة والدونية التي كن يعشنها، وبرأيي أن الاحتفاء بالمرأة هو اعتراف أن هذه الفئة ينقصها شيء.

وفيما يخص المغرب، بالإضافة أننا نحتفي بالمرأة المغربية في الثامن من أذار، أضحى تاريخ 10 تشرين الأول يوماً للمرأة المغربية يتم خلاله الاحتفاء بالمرأة المغربية، وهو ما يجعلنا نلمس أن المغرب يسير في طريق تحقيق مزيد من الحقوق لصالح المرأة.

 

تطالب الحركات النسائية بتعديل شامل لمدونة الأسرة، هل تتفقين مع مطالبهم بالتعديل الشامل أم بتغيير جزئي فقط؟

أريد الإشارة إلى أن المشكلة تكمن في عدم تطبيق بنود مدونة الأسرة بشكلها الصحيح، فهناك عقليات متحجرة ترفض التغيير وتسعى إلى بقاء مدونة الأسرة مجهولة لدى المغاربة، الذين لا يفقهون فيها شيئاً، هناك جهل ببنودها، فبعد مرور 18 عام لازال هناك جهل بدور المدونة في الحفاظ على الأسرة، فكيف يمكن المطالبة بالتغيير الشامل للمدونة ولم يتم التعريف بها، ولم يتم تطبيق بنودها بالشكل المطلوب؟، فأنا مع التغيير الجزئي مثلاً ينبغي تحديد السلطة المطلقة لقاضي الأسرة.

وكما ينبغي إعادة النظر في الفصل 94 لأن نسبة طلاق الشقاق ارتفعت وساعدت على انحلال العلاقة الزوجية، لهذا يلجأ له الرجل والمرأة، والقاضي يقضي به بعد ستة شهور.

وهناك أيضاً مسألة الحد من زواج القاصرات، حيث يجب تحديد الحد الأدنى الذي لا يمكن النزول عنه ونضعه في قانون مدونة الأسرة.

وأيضاً مسألة النيابة الشرعية التي تمنح للزوجة في حالة وفاة الزوج أو فقدانه للأهلية، أو في حالة الغياب، ولكن لا تمنح للمرأة في حالة الطلاق، وهنا الطليق يمكن أن يتعسف في ممارسة هذا الحق الذي يمنحه القانون له، كأن يرفض إعطاء الأم إذن لنقل الطفل من مدرسة لأخرى، وغيرها من الأمور، فيجب مراجعة الفصل 79 من مدونة الأسرة لأنه لا يخدم الأسرة، ومنح النيابة الشرعية للمرأة حتى بعد الطلاق.

وعن مسألة السكن، فالسكن مقترن بالزوجية، فعندما تكون متزوجة فهي تقطن مع الزوج، وفي حالة الطلاق وكان لديها أطفال فهي تكون حاضنة على أطفالها حتى يبلغ الطفل 18 سنة أو 24 سنة في حال كانوا يدرسون، بعد ذلك لا يبقى لها الحق في المكوث في بيت الحضانة، وهنا نتكلم أيضاً عن النساء الغير حاضنات بسبب العقم ما مصيرهن؟

ونحن نعلم أن السكن حق للإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، فماذا ستفعل المرأة الغير الحاضنة، أو تلك التي انتهت فترة حضانتها، بالتأكيد سيكن معرضات للتشرد، وهنا يجب التفكير في تمكينهن من سكن يحفظ كرامتهن والحفاظ عليهن من الضياع.

 

برغم العقلية الأبوية المستفحلة في مجتمعاتنا، نجحت المغربيات في اكتساب العديد من الحقوق في مختلف المجالات، لكن وجودها في مراكز القرار ظل ضعيفاً، لماذا برأيك؟

أولا أريد التأكيد على مسألة جد مهمة وأن نتساءل جميعاً من يكرس العقلية الأبوية؟

وبنظري الأم تملك القرار التربوي وهي التي تلد وتربي الأجيال، ومع الأسف أن الكثير من الأسر تكرس التمييز في التعامل بين النساء والرجال، فالأم خاصة لازالت تقول لابنها أدرس، بينما تقول للابنة أذهبي للمطبخ، فلازال ينظر للمرأة بدونية وهذه الدونية تكرسها المرأة ذاتها.

ومن أجل تجاوز ذلك علينا أن نبدأ بمسألة تربية المرأة قبل الزواج، حتى تتعامل مع أبنائها الفتيات والفتيان نفس المعاملة من دون مفاضلة ولا تمييز.

وفيما يتعلق بمراكز القرار، فصحيح أن هناك ضعف، والسبب هو تلك العقلية الأبوية التي لازالت مستمرة والتي ترسخها الأم، لكن برغم ذلك يسجل حضوراً للنساء في مراكز القرار وفي العديد من الوظائف المهمة، التي حصلت عليها برغم السلطة الأبوية، ففي المجال السياسي هناك تقدم كبير، فدستور 2011 نص على السعي نحو المناصفة في مراكز القرار، ولكن المهم هو تقديم كفاءات تمثل المرأة المغربية أحسن تمثيل.

ومنذ التسعينيات، بذلت جهود لتعزيز وضع المرأة في المغرب، من خلال جعلها في قلب العديد من الإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسسية التي ضمنت حقوقها بشكل متزايد وعملت على تعزيز انخراطها في الحياة السياسية وفي عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة.

 

كامرأة مناضلة ومدافعة لعقود عن حقوق النساء، ما الذي ترينه اليوم ينقص المرأة المغربية؟

المرأة حققت العديد من المكتسبات والمطالب التي ناضلت من أجلها الحركات النسائية في المغرب، وتغيير مدونة الأحوال الشخصية التي أصبحت مدونة الأسرة، والدستور جاء بحقوق كثيرة للمرأة وتم التنصيص فيه على المساواة في كافة المجالات.

ما ينقص المرأة المغربية هو أنه يجب أن تتصالح مع نفسها أولاً، والعمل على ذاتها بتنمية مهاراتها والثقة بنفسها وأنها لا تقل قدرة عن الرجال، فهي بمقدورها القيام بنفس المهام وتحقيق نتائج ممتازة، وعلى المرأة أن تشجع بنات جلدتها، وتبعد كل ما يعرقل الطريق أمامهن حتى تتمكن من تحقيق ذواتهن بالشكل المطلوب.

هناك مسألة أخرى تنقص المرأة هي التطبيق، فهناك ترسانة قانونية مهمة، سواء في مدونة الأسرة ومدونة العمل، كما أنه وقعنا على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أن التطبيق السليم لكافة القوانين لم يتم بعد، فكيف ستحصل المرأة المغربية على كل حقوقها التي كفلها لها الدستور المغربي، ولم يتم تطبيق القوانين بحذافيرها. 

 

أصدرت كتاب" نضالي حباً في الوطن"، حدثينا عن هذه التجربة؟

كتاب "نضالي حباً في الوطن" صدر عن دار الطبع والنشر الوفاق، ويحمل 533 صفحة معزز بالوثائق ومقسم إلى جزأين، إذ استهللت الجزء الأول بالإجابة عن سؤال متى بدأت النضال؟ في هذا الجزء تطرقت لبداية انخراطي في العمل الجمعوي عام 1991 وعن انغماسي بشكل موسع في العمل الجمعوي، وذلك عن طريق انخراطي في الجمعيات النسائية والحقوقية التي كنت عضو فيها، أو التي كنت شاركت في أعمالها كمحاضرة أو كمتدخلة حول مواضيع مختلفة، فالكتاب يتضمن تاريخ نضالي لأكثر من ثلاثة عقود حول وضع المرأة المغربية والطفل والأسرة، بالإضافة لتاريخ الحركة النسائية.

أما الجزء الثاني من هذا الكتاب فتضمن إنتاجي الفكري، والذي يتمثل في المواضيع والأبحاث التي كتبتها ونشرتها، وأيضاً آرائي التي عبرت عنها في الحوارات والاستجوابات في الصحف، وكذا مداخلاتي في الندوات والمحاضرات وفي الإعلام المرئي والمسموع.

وكما تضمن الكتاب السيرة الفكرية والنضالية ومواقف وآراء حول الوضع القانوني للمرأة المغربية الذي كان المرجع الأساس لدى اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأحوال الشخصية.

وفي آخر المؤلف أشرت إلى بعض من حصادي النضالي المتمثل في تغيير القوانين التي رأت النور وأصبح أغلبها تشريعاً وقانوناً يطبق على كافة المغاربة.