"عنف نفسي يمارس ضدهن"... حرمان الأمهات العاملات من ساعة الرضاعة

برغم إقرار القانون المغربي بوجود ساعة الرضاعة للعاملات المرضعات بعد عودتهن من إجازة الأمومة التي لا تتعدى أربعة عشر أسبوعاً، إلا أن بعض أرباب العمل لا يسمحون بذلك في ضرب وتجاوز للقانون.

حنان حارت

المغرب ـ تواجه العاملات المرضعات في المغرب، بعد استئناف عطلة الأمومة عدة صعوبات، حيث يرفض بعض أرباب العمل السماح لهن من الاستفادة من ساعة الرضاعة التي يكفلها لهن قانون العمل، وبالتالي عدم تمكين أطفالهن من حقهم في الرضاعة الطبيعية، خاصة في الأشهر الأولى من العمر.

اعتبرت منسقة سكرتارية المساواة والمناصفة وحقوق المرأة العاملة التابع للكونفدرالية الديمقراطية للعمل سعيدة واعد أن "حرمان بعض أرباب العمل، الأمهات العاملات من ساعة الرضاعة التي يكفلها لهن قانون العمل المغربي، يعتبر عنفاً نفسياً موصوفاً يمارس ضدهن"، مشيرةً إلى أن "هناك صعوبات كثيرة تواجه النساء المرضعات حيث تحرمن بعد انتهاء عطلة الأمومة والعودة إلى عملهن من هذا الحق، ما يحرم الطفل من الاستفادة من الفوائد الصحية العديدة للرضاعة الطبيعية، كما تمنع المرأة العاملة من تحقيق التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية".

وأكدت أن "حرمان العاملات المرضعات من ساعة الرضاعة هو بمثابة عنف نفسي مسلط على الأم والرضيع الذي يحتاج لأمه سواء كانت ترضعه طبيعياً أو اصطناعياً"، مطالبةً بتوفير فضاءات أو دور حضانة في المؤسسات والشركات لمساعدة العاملات المرضعات على رعاية أطفالهن في أوقات العمل.

وحول مدى دعم العاملات المرضعات، قالت إن "الحديث عن دعم العاملات المرضعات يرتبط أولاً بصحة الطفل المغربي ومستقبله، وبالتالي هي مسألة ضرورية وليست مجرد أمر تكميلي من السهل التغاضي عنه"، مبينة أنه في عدة مناسبات تم التطرق لهذا الموضوع وبانتظار النظر به بجدية "نحتاج إلى إصدار مذكرات تنظيمية تضمن ألا يظل الحق في الإرضاع رهين مزاج مدير المؤسسة". مطالبة بتعويضات للمرأة العاملة المرضعة سواء كانت ترضع بطريقة طبيعية أو غير طبيعية لأنها تحتاج لإمكانيات مادية كبيرة في تغذيتها، كما تحتاج إلى إمكانيات لتعقيم كل ما يخص الطفل.

وعن مدى قانونية الإجراءات المتعلقة بحق الأمومة لحماية حقوق المرضعة أوضحت "لقد جاءت مدونة العمل المغربية بمقتضيات إيجابية لصالح المرأة العاملة المرضع، فمثلاً نجد في البند المتعلق بالأمومة من المادة 152 إلى 165 أنه يحق للأم الأجيرة أن تتمتع يومياً على مدى أثنا عشر شهراً من تاريخ استئنافها العمل إثر الوضع، باستراحة خاصة يؤدى عنها الأجر باعتبارها وقتاً من أوقات العمل، وتكون هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة، كما يمكن للأم الأجيرة أن تتفق مع المشغل على الاستفادة من هذه الساعة المخصصة للرضاعة في أي وقت من أيام العمل، إما صباحاً أو مساءاً".

ولفتت إلى أن مدونة العمل بالمغرب تنص على ضرورة اشتمال كل مقاولة تضم على الأقل 50 مستخدماً، على غرفة خاصة للإرضاع، كما تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالعمل تحديد شروط قبول الرضع وغرف إرضاع المواليد، وشروط حراسة الأمكنة، وتوفير مستلزماتها الصحية، غير أنه لا يتم تطبيق هذا المقتضى على أرض الواقع.

وبينت أنه لو عمل أرباب المقاولات بتنفيذ هذه المبادرات، ستحل عدة مشاكل للأمهات المرضعات "المؤسسة المشغلة ستضمن عمل المرأة برياحة وتكون إنتاجها أكثر؛ كما لا يمكن أن تكون تربية الطفل سبباً في حرمان الأم من عملها".

وأوضحت أن غالبية الأمهات العاملات تجهلن بالقوانين، وفي حالة حرمانهن من ساعة الإرضاع من طرف بعض أرباب العمل، فإنهن لا تقدمن شكايات حول حرمانهن من هذا الحق "القانون يضمن لهن هذا الحق وعليهن عدم الصمت، القانون واضح في هذه المسألة فهناك غرامات  تتراوح بين 2000 درهم (200 دولار) إلى5000  درهم مغربي (500 دولار)، تعطى في حالة رفض العمل منح الأم العاملة المرضع ساعة الإرضاع، قائلةً "للأسف النساء تتفاعلن مع منعهن كأمر واقع، وهذا ما يدفع بعدد من النساء إلى إيقاف الرضاعة الطبيعية في أشهر مبكرة، كما أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأم المرضع لا تنام الساعات الكافية في الليل ونحن نعلم اضطرابات النوم لدى الطفل في الشهور الأولى  وبالتالي الأم تستيقظ ليلاً كلما أراد طفلها الإرضاع، حيث ينبغي أخذ هذه المهمة أيضاً بعين الاعتبار".

وحول الحلول الكفيلة لحماية حقوق الأمومة والطفل، أكدت أنه يجب أن تكون هناك قوانين ملزمة ومنصفة وتشرف على تطبيقها لجنة خاصة، لافتةً إلى أن مصادقة المغرب على كل الاتفاقيات الدولية المنصفة للنساء مثل اتفاقية 190 المناهضة للعنف في عالم العمل، من شأنه أن يضمن عمل العمال/ات في بيئة صديقة للطبقة العاملة.

وبينت أنه إذا ما تم منح الأم المرضع الوقت الذي تستحقه والأخذ بعين الاعتبار كل الظروف التي ترافق فترة الإرضاع سيتم تطبيق القوانين بما يكفل حق الأم وهنا ستشعر بحب الانتماء إلى المؤسسة، ما سينعكس على نفسيتها ومردوديتها "تطبيق المبادرات الإيجابية التي تأخذ بعين الاعتبار وضعية الأمهات العاملات يعطي للمؤسسة قيمة ويحقق إنتاجية أكبر وبالتالي عدم مصادرة أحد الحقوق الطبيعية للطفل المغربي في رضاعة ونمو طبيعيين".

ودعت سعيدة واعد في ختام حديثها إلى بذل المزيد من الجهد لتجاوز كل المشاكل التي تعيق ملايين النساء العاملات من رعاية أطفالهن في سنواتهم الأولى، والأخذ بعين الاعتبار حق الإرضاع لفائدة الأمهات في أماكن العمل.