ناشطة تونسية: مجلة الأحوال الشخصية تحتاج للتعديل
ترى الناشطة النسوية ناجية البريني أن تعديل مجلة الأحوال الشخصية بات ضرورة ملحة، نتيجة التغيرات الحاصلة في مجال حقوق النساء، لافتةً إلى أهمية تشريع قانون المساواة في الإرث.
زهور المشرقي
تونس ـ الدعوات النسوية مستمرة لإجراء تعديلات على مجلة الأحوال الشخصية التونسية والضغط لتطبيق التشريعات التي تخدم واقع النساء، والإصرار على تطبيق مبدأ التناصف الذي تم إلغائه ونتج عنه برلمان ذكوري ومجالس محلية غالبية أعضائها من الرجال.
واقع النساء في تونس أفضل مقارنة بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، فالتونسيات رائدات في مجال التشريعات منذ استقلال البلاد عام 1956 وصدور مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر أول الانجازات التي صبت في صالح النساء في المنطقة، هذا ما أكدته الناشطة الحقوقية والمدنية ناجية البريني.
وأضافت أن المجلة نظمت حياة المرأة ومنحتها حقوق كانت ثورية في ذلك الوقت، كما حققت الكثير من المكاسب للتونسيات وكانت الباب الأول لاستكمال النضال من أجل حقوق أوسع على غرار الحق في الإجهاض الآمن الذي لم تفلح في سنه دول كبرى، فضلاً عن قانون مكافحة العنف الذي يعتبر أول تشريع عربي يحمي النساء من العنف بشتى أنواعه بما فيه السياسي، الذي قوبل بترحيب دولي كبير.
وأفادت بأن التونسيات تتمسكن بمجلتهن لكنهن تسعين لتطويرها أكثر ودعمها بما يتماشى وواقعهن، حيث تحتاج العديد من التشريعات فيها إلى التنقيح والتغيير على غرار ما يخص المساواة في الإرث وأحقية النساء في التمتع بهذا الحق.
وعلى الرغم من وجود قوانين مهمة، إلا أنها تحتاج لأسس لتُطبق على أرض الواقع منها قانون الانتخاب الذي يؤكد على أهمية إشراك النساء كمنتخبات وناخبات، لكن واقعياً يسجل ضعفاً في ذلك، حيث يحجم على مشاركتهن بشكل مكثف من ناحية الترشح، هذا ما أكدت عليه ناجية البريني.
وحول تقييمها لوضع النساء في سوق العمل، لفتت إلى غياب المساواة في الأجور بين الجنسين في بعض المهن "بعض المهن نجد فيها النساء أكثر لكن تحصلن على أجر أقل مقارنة بالرجال، حتى أرباب العمل يحبذون تشغيلهن لمنحهن أجر زهيد وزيادة أرباحهم على حسابهن، وهو أمر غير معقول، فكل عمل يجاز عليه الطرفين بالتساوي".
وعن دور قانون مكافحة العنف ضد النساء في الحد من هذه الظاهرة، أكدت أن آفة العنف تطورت وتحول العنف من جسدي ولفظي إلى القتل بالرغم من وجود القانون رقم 58 "المرأة لازالت تعاني من العنف الأسري والمجتمع لكونها امرأة، على الرغم من أنها تقوم بأدوار مضاعفة في العائلة والمجتمع، وللأسف جهودها لا تقدر، بل تتعرض للتهميش وتحجيم دورها، كل ذلك لمنع وصولها إلى مراكز صنع القرار".
وأفادت بأن التونسيات تتحملن مسؤوليات كبيرة وتقمن بأدوار عديدة وتتعرضن للوم اذ فشلن في أداء وظيفة واحدة "إلقاء كل الأدوار على عاتق النساء أمر مرفوض، ويجب تقاسم الأدوار بين جميع أفراد العائلة"، مؤكدة على دور المجتمع المدني في التوعية بهذه المسألة وتطوير التشريعات الموجودة والضغط لتطبيق القوانين لضمان حقوق النساء، فوجود التشريعات غير كاف، والعمل الحقيقي يكمن في تنفيذها.
وترى ناجية البريني أنه بالرغم من كثرة القوانين، لكن وضع النساء لم يتحسن وواقعهن بقي صعباً "بعض النساء لا تسلكن المساطر من أجل الدفاع عن حقوقهن، فعندما يتعلق الأمر بتعرضهن للعنف على يد الزوج أو الأب أو الأخ، فإنهن لا تلجأن للقضاء، حيث تضعن نصب أعينهن كيف سينظر المجتمع لهن إذا ما قمن بمقاضاة الجاني، ولا ننسى أن عبارات "هو زوجي"، "نهني ونعدي" كلها كانت دافعاً لتفاقم وانتشار ظاهرة العنف، ما يؤدي في النهاية إلى قتل الكثير من النساء بطرق بشعة".
ولتجاوز هذه الثقافة المنتشرة في المجتمع، أكدت أنه يجب العمل على توعية المجتمع من أجل تغيير العقليات، "كما أن انخراط النساء في العمل النقابي والجمعوي، من شأنه تشجيعهن لكسر حاجز الصمت، وحماية أنفسهن من بطش الذكورية والاستغلال والسير نحو تحقيق المساواة".
وقالت إن النساء اللواتي تعملن في المنازل تعانين كثيراً من صعوبة هذه المهمة، لهذا يجب تقييم هذا العمل ومنحهن أجوراً على ذلك، لأنه بالرغم من المتعة التي تجدها النساء في تربية الأبناء، لكنها هي صانعة جيل المستقبل، ويجب تقييم هذا العمل".
وعن مشاركة النساء في الحياة السياسية بعد الثورة قالت ناجية البريني "كنا نتمنى أن يتغير الواقع الذي يعيشه المواطن/ة التونسي/ة بعد الثورة، لكن كل ذلك ظل حلماً، وكانت نتيجته تشريع مبدأ التناصف في كل العمليات الانتخابية ولوحظ مشاركة نسوية متميزة، لكن ذلك بات كابوساً بعد القضاء عليه وإلغائه وكانت نتائجه مشاركة ضعيفة للنساء في انتخابات المجالس المحلية والبرلمان".
وأضافت "الشعارات التي كتبها الشباب على الجدران منها حرية النساء قد تبخرت وباتت حديثاً فقط، ففي سنوات قليلة تراجعنا عن التناصف ونسفنا أهم مبدأ للثورة والنتيجة أمامنا جميعاً، مجالس محلية تحوي نسب ضئيلة من النساء".