ناشطة حقوقية: تغيير القوانين يتطلب تغيير العقليات أولاً

تؤكد الناشطة الحقوقية فاطمة أوطالب أنه بالرغم من أهمية مراجعة القوانين، فإن نتائجها تبقى رهينة الاستعداد للعمل على تغيير المعطيات الاجتماعية والثقافية والقدرة على النضال لتكريس مبدأ المساواة.

حنان حارت

المغرب ـ شددت الحقوقية فاطمة أوطالب على ضرورة تغيير ومراجعة القوانين التمييزية في حق النساء وملاءمتها مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي يعد المغرب طرفاً فيها.

"تغيير القوانين التمييزية مرحلة أولية لضمان حقوق النساء وحمايتهن من العنف، وتحقيقاً لمبدأ المساواة لتوفير حياة كريمة للنساء"، هذا ما أكدت عليه الناشطة الحقوقية فاطمة أوطالب، وأن تغيير الترسانة القانونية هو مطلب أولي للحركة النسائية في المغرب، لافتةً إلى أن تغيير القوانين لا يعني انتهاء نضال الجمعيات النسائية والحقوقية "عملنا ونضالنا مستمر من أجل مراقبة تطبيق القوانين للوقوف على الخلل والتعثرات التي تعرقل تطبيق القوانين على أرض الواقع".

وعن مدونة الأسرة المغربية التي دخلت مرحلة التعديل بعد أشواط من النضال الذي خاضته الحركة النسائية "مدونة الأسرة في صيغتها الحالية صدرت عام 2004 جاءت بمجموعة من المقتضيات التي رسخت بعض الحقوق للنساء، ولكن عبر التطبيق والسنوات التي مرت اتضح للحركات النسائية أن هذا التطبيق فيه ثغرات وإشكالات، وبالتالي كان من الضروري المطالبة بالتعديل والتغيير الشامل لمقتضيات مدونة الأسرة من أجل ضمان حقوق النساء".

وأوضحت أنه لا يمكن تحقيق التقدم بقوانين تخالف منطوق الدستور وبترسانة قانونية غير قادرة على كسر الأنماط الاجتماعية السائدة، مشيرةً إلى عدد من القوانين التي تطبعها أوجه التمييز في حق النساء والتي تشمل مدونة الأسرة، وقانون العمل والقانون الجنائي.

وأضافت فاطمة أوطالب أن "مدونة الأسرة الحالية جاءت ببعض المكتسبات، لكن الثغرات التي وقفنا عليها كانت تتعلق إما بالتطبيق على مستوى المحاكم أو أن المسؤولين/ات عن نفاد القانون هم أنفسهم رافضين للتغيير أو تعودوا على مجموعة من المساطر وبالتالي لم يتمكنوا من مسايرة التغيير أو لم يتقبلوه".

وذكرت بأن تغيير القوانين التمييزية وتبني آليات حماية النساء والتكفل بهن وتبني سياسات عمومية من شأنه ضمان حقوق النساء وتعزيزها، مضيفةً أن وجود قوانين غير ضامنة للحقوق وغير متطابقة مع المنظور الاجتماعي وغير مستجيبة للنوع، تلك التي لا تأخذ احتياجات النساء ولا حقوقهن بعين الاعتبار ووجود قوانين مصاغة بمنظور واحد، لن يرفع التمييز والحيف عن النساء.

وطالبت بسن قوانين متقدمة على الواقع، مستجيبة للنوع تراعي حقوق وحاجيات النساء "نريد قوانين عادلة للمجتمع ككل، ومؤسسة لأعراف في صالح كرامة المرأة وحقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمدنية، وتعديل القوانين يلزمه أيضاً تغيير العقليات حتى يواكب المجتمع هذا التغيير"، لافتةً أنه عند صدور مدونة 2004، عدد كبير من فئات المجتمع لم تستوعب ذلك، وهو ما أدى إلى خلق هوة بين المجتمع والقوانين.

وأكدت على ضرورة وجود تواصل مع المجتمع وصناع القرار والجمعيات النسائية "نحن نعلم أن نسبة الأمية في المغرب تصل لـ 45%، وبالتالي لابد من النزول للشارع وتوعية جميع شرائح المجتمع وإكسابها المعرفة الكافية تجاه تبني المشاريع التي تهدف إلى تحسين واقع النساء".

وقالت إنه "لا يمكننا أن نطالب مجتمع غير واع بتبني مشروع مثل تغيير مدونة الأسرة أو تكريس الحقوق الإنسانية للنساء، والحقوق الفضلى للأطفال، فهناك شريحة كبيرة من المجتمع لا زالت حبيسة التقاليد والعادات والثقافة السائدة المستمدة من الأقاويل والخرافات، وهذه الشريحة للأسف تؤثر في عدد كبير".

وحول تقييمها لوضع المرأة الفلسطينية والنساء في مناطق النزاعات المسلحة، أكدت فاطمة أوطالب مساندتها وتضامنها مع النساء والأطفال في غزة وتنديدها بما تتعرض لهن، وكذلك مع النساء في المناطق التي تعاني صراعات كاليمن والسودان، مطالبة برفع الظلم عن النساء في هذه المناطق، وكونه يتم في شهر آذار/مارس تقييم أوضاع النساء في المجتمعات، حثت النساء على رفع أصواتهن من أجل التنديد بما تتعرض له النساء في تلك المناطق.

ودعت كل امرأة مهما كانت مكانتها في المجتمع أن تساهم في إيصال صوت نساء غزة إلى مسامع العالم "حجم المعاناة الذي تعرفه النساء في المنطقة منذ 7 تشرين الأولى لم نرى له مثيل، حيث تعانين في غزة وسط ظروف عصيبة غير مسبوقة دخلت شهرها السادس، لقد تم تسجيل أكثر من 30 ألف قتيل معظمهم من النساء والأطفال". مؤكدة على ضرورة وضع حد لهذه الحرب حتى لا تفقد المزيد من النساء والأطفال حياتهم.

كما عبرت فاطمة أوطالب عن رفضها للعنف بكل أشكاله "لقد آن الأوان لإيجاد حلول توفر العيش بسلام، نحن نرفض العنف كيفما كان سواء زوجي أو أسري، فما العنف الذي تمارسه الدول والمؤسسات"، مضيفةً أن "النساء في غزة، يتجرعن مرارة الحرب بقسوة، وتخاطرن بحياتهن في سبيل إطعام أطفالهن، وهو ما يستوجب على النساء في أنحاء العالم رفع أصواتهن للتنديد بالأوضاع المأساوية التي تعيشها المرأة في غزة والنساء اللواتي تعشن تحت وطأة ويلات الحرب".