ناشطة حقوقية: قلة الوعي وعدم الملاحقة القانونية من أسباب انتشار ظاهرة الختان

على الرغم من أن ظاهرة ختان الإناث تتسبب في أضرار نفسية وجسدية على المدى الطويل للمرأة، إلا أنها لاتزال سائداً ومنتشرة في العديد من البلدان بسبب المعتقدات التي تعتبرها أمراً ضرورياً للحفاظ على أنوثة ونقاء المرأة.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ أكدت الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمحامية نيريه أنصاري، على أنه من الضروري تجريم ظاهرة الختان في النظام القانوني الإيراني وملاحقة مرتكبيها للحد من انتشارها، لأنها شكل من أشكال العنف ضد المرأة وسلب لحقوقها الإنسانية.

لاتزال ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ما يسمى بالختان الذي تتعرض له الفتيات مستمرة إلى وقتنا الحالي في الكثير من الدول خاصةً بين المراهقات، وتمثل هذه الظاهرة انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وأحد أشكال العنف والتمييز القاسية ضد الفتيات والنساء، كما وتنتهك هذه الظاهرة حق النساء والفتيات في الصحة والأمن والسلامة البدنية، والحق في عدم التعريض للتعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة القاسية وللاإنسانية، فضلًا عن الحق في الحياة في حال أدت إلى وفاتها.

وحول تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المعروف باسم الختان قالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمحامية نيريه أنصاري أن "ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث هي عملية يتم فيها قطع جزء من الأعضاء التناسلية للمرأة، ولهذه العملية أنواع مختلفة من حيث الخطورة، ولكن بغض النظر عن نوعها ونوعيتها، فهي شكل من أشكال التشويه الجنسي وتشويه جزء من جسدها، مما قد يكون له آثار غير مرغوب فيها للغاية على المرأة طوال حياتها، كالآثار النفسية والجسدية والتي تؤدي إلى عزلتها عن المجتمع".

وأشارت إلى أن أكثر من مليوني امرأة حول العالم تتعرض للختان سنويا "وفقا لإعلان منظمة الصحة العالمية وفي الوقت الحالي، تم تشويه ما بين 130 إلى 160 مليون امرأة في قارتي آسيا وأفريقيا، وفي كل عام تتعرض أكثر من 2 مليون امرأة في هاتين القارتين لأحد أنواعها، وفي كل ثانية تقع ضحية لهذه الظاهرة، وفي كل يوم تقع نحو 6 آلاف امرأة في العالم ضحايا لهذه الظاهرة اللاإنسانية من بينهم حوالي 80% من النساء المختونات موجودات في أفريقيا و20% في آسيا، وحتى في بعض الدول الأمريكية والأوروبية تتم هذه الظاهرة أيضاً.

وعن مضاعفات التي تنتج عن تشويه الأعضاء التناسلية أوضحت "إن النساء اللواتي تتعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية تكبرن بمضاعفات شديدة في مختلف مراحل حياتهن كتهديد صحتهن الجسدية والعقلية، بالإضافة إلى الاضطرابات الجنسية".

 

المحرمات التقليدية والعرفية والأساليب الدينية تسبب التشويه الجنسي

وعن العقبات التي تواجه مكافحة ظاهرة الختان في إيران أوضحت أن هناك محرمات تقليدية ومقاربات دينية نسبية بين سكان المناطق التي تتعرض فيها المرأة لتشويه الأعضاء التناسلية، كما أن من الأمور التي يتم محاربتها فيما يتعلق بالتشويه الجنسي للمرأة هو مبدأ الوجود والهوية وحقوق المرأة الأساسية والتي يجب معاملتها كإنسان.

ولفتت إلى أن النظام القانوني الإيراني لا يجرم ظاهرة الختان مما يمنع الملاحقة القانونية لهذه القضية، مؤكدةً أن مسألة تجريم تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في إيران مهمة للغاية ويجب الاهتمام بها.

وعن قلة الوعي لدى الناس حول ظاهرة ختان الإناث أضافت أن العنف ضد المرأة يبقى مجهولا لأسباب عديدة ويحتاج إلى وعي وثقافة عامة وتعتبر أحد الأسباب الرئيسية وراء بقاء هذه الظاهرة المنتشرة بين الناس إلى الأن.

 

الختان مثال واضح على العنف ضد المرأة

وحول سيطرة العقلية والثقافة الأبوية في المجتمعين الشرقي والإيراني أكدت أن هاتين الظاهرتين إحدى عوامل انتشار ظاهرة الختان "أن التشويه الجنسي القسري للنساء يعود إلى جذوره التاريخية والعرفية وهو مؤشر للثقافة الأبوية ومثال واضح على العنف ضد المرأة ويعتبر عدم تجريم هذه الظاهرة في القانون أحد الطرق المهمة التي يجب أن ينتبه إليها نشطاء حقوق الإنسان الذين يناضلون من أجل القضاء على هذه الظاهرة "، لافتة إلى أن التشويه الجنسي للنساء دون سن 18 عاماً يعني في الواقع تعرضهن لأضرار صحية وجسدية وعقلية تلاحقهن مدى الحياة.

 

ختان الإناث في القانون الدولي

وقالت نيريه أنصاري عن قوانين الدول الأوروبية فيما يتعلق بالنساء اللاجئات والمهاجرات اللواتي تعرضن للختان، في القوانين الدولية التي تحدد شروط حق الشخص في اللجوء في اتفاقية اللاجئين (1951) أن اللاجئ بسبب الخوف من المضايقات على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي يصبح لاجئًا ويرفض الشخص العودة إلى بلده لهذا السبب، ولا يسمح للدول المستقبلة بإعادة ذلك اللاجئ إلى بلده كما ذكرت اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين عام 1985 في مجال اللاجئات والحماية الدولية.

وأشارت إلى أن الحكومات تعتمد في ممارسة حقها السيادي تفسير وتعريف "اللاجئات وطالبات اللجوء" اللواتي تعرضن للانتهاكات وتتعرضن للمعاملة العنيفة واللاإنسانية وتتركن مجتمعهن بسبب تحديهن للعادات الاجتماعية المتشددة، فيوضعن في فئة اجتماعية خاصة بناء على المادة (أ، 1، 2) أي أن منظمة الصحة العالمية 1994 تقبل لجوء المرأة التي خضعت للتشويه الجنسي كلاجئة.

وكانت اللجنة التنفيذية المعنية باللاجئات والحماية العالمية قد أصدرت في عام 1990 تعليمات إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأدخلت صراحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث باعتبارها "ممارسة ضارة" واستجابة لطلب إصدار إخطار بشأن الموقف من البلدان في هذا السياق، كمجال لجوء هؤلاء النساء، كما قدمت مبادئ توجيهية وحلول لهذه البلدان التي يمكن أن تقدم مساعدة كبيرة لهؤلاء النساء، وشجعت على استخدام نفس لقب "الفئة الاجتماعية الخاصة" للنساء اللواتي تعرضن لمشكلة خاصة في حياتهم أو كان السبب الرئيسي لطلب لجوئهم هو "التشويه الجنسي".

وقالت نيريه أنصاري في ختام حديثها عن عملية تجميل الأعضاء التناسلية والتي تتم في الغالب بسبب الإكراه من قبل الزوج أو الأسرة، وإدراج هذه المسألة في ظاهرة ختان الإناث في إيران والقوانين الدولية "في حالة إجراء عمليات الجراحة التجميلية، وفي حالة حدوث إكراه شخصي آخر، من قبل الزوج أو الأسرة، يمكن للمرأة تقديم شكوى ضد زوجها وأمها وجراحها تحت عنوان "جسدها وحقوقها"، وحتى بصرف النظر عن الملاحقة الجنائية، يمكنها أن تطلب تعويض".