ناشطة حقوقية: الواقع التونسي يكشف الهوة بين القوانين وحماية النساء
أكدت الناشطة الحقوقية سهام ساسي، أن تنصل الحكومة التونسية من مسؤولياتها تجاه النساء وخاصة المهاجرات ضاعف نسب العنف.
زهور المشرقي
تونس ـ عاد الحديث عن مسألة حماية المهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء والنساء التونسيات عموماً مجدداً إلى الواجهة، خاصة بعد صيحات المنظمات الدولية التي ترجمت واقع مأساوي لهن في مواجهة العنف والتمييز بكافة أشكاله.
أكدت الجمعيات النسوية أن القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء يتوجب اعتماده لحماية المهاجرات خاصة بعد تقارير تحدثت عن تعرضهن للعنف، وتعرض حوامل للاعتداءات من قبل الأهالي أو الأمن.
وقالت الناشطة النسوية والحقوقية سهام ساسي لوكالتنا، إن الحكومة التونسية كانت قد وقعت منذ عقود على بروتوكولات واتفاقيات ومعاهدات تتعلق بحماية المهاجرين/ات واللاجئين/ات والنساء والأطفال، لكن الوضع اليوم مختلف ومعقد وأبعد من مسألة المصادقة وتعهدها بما وقعته سابقاً.
وأشارت إلى أنه منذ عام 2022 تفاقم عدد المهاجرين/ات الوافدين/ات إلى تونس ما خلف العديد من التداعيات الاجتماعية وردة فعل صادمة من تصريحات رئيس الجمهورية التي اتسمت بالعنصرية والتحريض المبطن ضد الأفارقة جنوب الصحراء في البلاد، ذلك ما أثر على كيفية التعاطي مع الملف الحساس مما جعلهم عرضة لكافة أشكال العنف والتمييز.
وتطرقت إلى الأزمات الصحية التي تعاني منها المهاجرات نتيجة ما تعرضن له في الآونة الأخيرة، إضافة إلى التأثير على وضعهن الاجتماعي بعد طردهن من العمل حيث بات الوضع كارثياً خاصة مع عدم تحمل السلطة لمسؤولياتها تجاههن، برغم المساعي التي تقوم بها المنظمات لمساعدتهن، لكن ذلك لا يمكن أن يلغي دور الحكومة في إيجاد الحلول الجذرية لضحايا العنصرية.
واعتبرت أن معالجة قضايا المهاجرين/ات لا يمكن أن تتم دون رصد سياسة محكمة بوضع إجراءات تحفظ حقوق هؤلاء في إطار الاتفاقيات الوطنية والدولية مع مراعاة الجانب الإنساني الغائب منذ أن برزت الأزمة.
وتحدثت سهام ساسي عن الوضع الصحي الصعب للمهاجرات الحوامل خاصة مع غياب المراقبة الطبية وعدم توفير الغذاء المناسب لهن.
وحول وضع النساء في تونس، وخاصة ظاهرة العنف التي تمارس ضدهن، تحدثت سهام ساسي عن القانون عدد 58 الذي تعتبره الجمعيات النسوية مكسباً برغم أنه منذ دخوله حيز التنفيذ عام 2018 لم يكن تطبيقه موفقاً بل رصدت النسويات العديد من الإشكاليات المتعلقة بالتطبيق وآلياته.
وشددت على أن "مقترحات مراجعته التي برزت مؤخراً مثيرة للشكوك والتخوف من تراجعات أكثر في الحقوق"، مذكرة بأن العام الماضي كانت قد تشكلت لجنة لصياغة وثيقة مقترحات لتحسين تطبيق هذا القانون على مستويات الحماية والتقنية والخدمات والتعهد بالنساء ضحايا العنف وذلك بعد رصد إشكاليات في التنفيذ على أرض الواقع.
ولفتت سهام ساسي إلى أنه "برغم وجود القانون عدد 58، إلا أن نسب العنف ضد النساء تضاعفت والتي وصلت لحد قتلهن، فإنه منذ بداية العام الجاري قُتلت ما يقارب 17 امرأة بطرق بشعة، دون احتساب الفلاحات ضحايا شاحنات الموت"، مبينةً أن "الحق في الحياة أمر إنساني تتحمل الحكومة مسؤولية حمايته".
وأضافت أنه على سبيل المثال، النساء اللواتي تتعرضن للعنف الزوجي وتتوجهن إلى مركز الأمن لتقديم شكوى، لا تؤخذ شكاويهن في أغلب الأحيان على محمل الجد ولا تتخذ الإجراءات الضرورية لحمايتهن كإبعادهن عن ذلك المحيط الذي تعرضن فيه للعنف.
وأوضحت أن معظم ضحايا العنف من النساء مهددات بالتشرد بسبب عدم توفر مسكن أو نتيجة انعدام وجود مراكز إيواء لحمايتهن وهو الأمر الذي يجب "مراجعته وتوفير الميزانية اللازمة لتوفيره، لأن لا يمكن الحديث عن مناهضة العنف دون توفر مراكز إيواء، وهذا يؤكد ضعف تطبيق القانون".
وبينت سهام ساسي أنه "كمناضلات في مجال الدفاع عن حقوق النساء، نسعى للقضاء على التمييز والعنف المسلط على المرأة وتحقيق المساواة التامة والفعلية في كافة المجالات ولكن الواقع يجعلنا نتأخر ونناضل من أجل حقوق أقل بكثير من هذا".
وأضافت "من المؤسف أن نجد أنفسنا نناضل من أجل حقوق أساسية كالحق في الحياة الذي يسلب من النساء نتيجة جرائم القتل ونكافح من أجل حقوق العاملات في قطاعات غير منظمة ومهمة في ظل التزام الحكومة الصمت على كل التجاوزات ضدهن".
وفي ختام حديثها، تطرقت سهام الساسي إلى قضية العاملات اللواتي حُكم عليهن بالسجن أربعة أشهر لمطالبتهن بالأجر والعمل المتواصل في عقد المطالبة بالعمل "من المهين جداً أن يصبح المطالبة بالعمل مسألة يجرمها القانون، ونحن بدورنا كنسويات ساندناهن لإلغاء الحكم لكنهن لم تحصلن على حقوقهن".