مؤسسة "صبية" تدعم حقوق المرأة والطفل بمحافظة الإسماعيلية

الاهتمام بالمحافظات لا يتم كما هو الحال بالعاصمة رغم احتياجها الحقيقي لمختلف أشكال الأنشطة خاصة تلك التي تدعم حقوق النساء المسلوبة في مجتمع سيطرت عليه السلطة الأبوية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ عادة ما تكون محافظات مصر بعيدة عن الاهتمام الذي يحدث في قلب العاصمة سواء على مستوى العمل الحقوقي في المجتمع المدني أو التواصل مع كبرى المؤسسات التي تدعم العمل الميداني والأنشطة المرتبطة بتلك المجتمعات الصغيرة.

إلا أننا وجدنا واحدة من المؤسسات الفاعلة بمحافظة الإسماعيلية تعمل على حقوق المرأة والطفل وهي "صبية" التي نشطت في الآونة الأخيرة مقدمة مجموعة من الأنشطة الحيوية لأهالي المحافظة، بل والمشاركة في المحافل العامة سواء في قلب القاهرة أو خارجها.

التقينا برئيسة مجلس إدارة مؤسسة "صبية لحقوق المرأة والطفل" نهلة الضبع، للتعرف أكثر على أنشطة الجمعية داخل المحافظة وخارجها، والوقوف على أزمات النساء هناك بل واحتياجاتهم الآنية والمستقبلية، فضلاً عن التطرق لأسباب عدد من الأزمات الأخيرة التي اقترنت بتلك المحافظة على وجه التحديد، وأبرز التحديات التي قد تواجههم.

 

حديثنا عن عمل مؤسسة "صبية" بداية من الفكرة وصولاً للعمل على أرض الواقع؟

أعمل في المجتمع المدني منذ عام 2005 ولكن بلا توجه محدد حتى حاز ملف المرأة والمساواة على اهتمامي، ولمست أن مثل تلك المبادرات التي تعمل على إرساء قيم المساواة في المجتمعات ليست متوفرة، وهو الأمر الذي جعلني أفكر في "صبية" كمبادرة وليدة تحمل تلك الأحلام والأفكار.

مع العلم أنه لا يتم الاهتمام بالعمل في محافظة الاسماعيلية إلا في إطار المشروعات الكبرى ولا مساحة للعمل المدني ومن هنا جاءت فكرة العمل على إنشاء جمعية تعمل على ملف المرأة والمساواة.

ورغبت في أن يصبح الأشخاص المستهدفين للعمل معهم كالنبتة الخضراء التي تنمو وتترعرع في بيئة مناسبة داعمة ومن هناك جاء اسم "صبية" وشعارها وألوانها الخضراء التي تعبر عن المأمول من وجودها، ثم جاء اهتمامي بإشهارها وتقنين وضعها وقد تم ذلك بالفعل عام 2021.

وتهتم المؤسسة بحقوق المرأة والطفل وكيان المرأة والفتاة وحقوقها البدنية والنفسية، ونعمل على ذلك في البيئة المحيطة من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج التي تتم داخل المحافظة.

 

ماذا قدمت "صبية" على أرض الواقع في محافظة الإسماعيلية على مستوى الوعي المحيط؟

منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها بالعمل داخل المؤسسة وأنا أدرك تماماً إنه لا حديث عن الحقوق قبل تمكين النساء اقتصادياً فيجب أن تملك المرأة قوت يومها أولاً ثم يأتي بعد ذلك العمل المعرفي والمرتبط بتنمية الوعي العام.

ومن هنا بدأنا بمبادرة تمكين اقتصادي تم خلالها تقديم مجموعة من الورش التدريبية للحضور بعمل تطوعي، وتم العمل أيضاً على الجانب المعرفي من خلال برنامج صوت صبية، فضلاً عن التضامن مع مختلف الحملات والقضايا القائمة ومنها الختان والزواج المبكر وكل ما يتعلق بحقوق النساء، وتحتوي المؤسسة على وحدة دعم قانوني استقبلت نحو 250 حالة حتى الآن.

وعلى الجانب التوعوي المؤسسة باتت معروفة دخل المحافظة وتمكنت من إحداث تأثير فعال وتشارك في القضايا العامة وجلسات الحوار حول التعديلات القانونية، ونعمل على التوعية ببعض المفاهيم المغلوطة حول المساواة والحقوق الإنسانية للنساء والأطفال.

 

الاسماعيلية محافظة لها خصوصية وبرز اسمها في الأزمات خلال الفترة الأخيرة ومنها أزمة عروس الاسماعيلية وذبح أحد الأطفال علنا وغير ذلك، كيف اشتبكتم كمؤسسة مع تلك القضايا الشائكة؟

نعمل كباقي المؤسسات العاملة على الحقوق والحريات بشكل عام ومع بداية أزمة "عروس الاسماعيلية" أطلقنا بيان حول العنف الممارس ضد النساء وأسباب انتشاره وآليات مواجهته وبات الأمر محل عملنا واهتمامنا لفترة ليست بالقليلة.

كما عملنا على تصحيح الخطاب الإعلامي الذي يؤثر على الوعي الجمعي والثقافة العامة ومدى استباحة انتهاك النساء لمجرد أن ممارس العنف هو الزوج أو الأب أو الأخ، خاصة مع زيادة حدة هذا الأمر في الفترة الأخيرة.

وتستخدم "صبية" منصاتها المختلفة وأدواتها كاملة في التعاطي مع قضايا بيئتها المحيطة مستهدفة إحداث تغيير حقيقي وجذري على أرض الواقع ومناقشة مختلف الزوايا المرتبطة بالأزمات والقضايا القائمة في محاولة للوقوف على أسبابها أثناء العمل على طرح حلول وأدوات للتعامل والتخلص منها.

 

نرى أن الأقاليم البعيدة عن العاصمة لا تحظى باهتمام الحكومة أو المجتمع المدني في التواجد والحضور. فكيف ترين تأثير ذلك على واقع العمل الميداني؟

عادة ما يضطر الأفراد المهتمين بالعمل العام في الأقاليم للخروج إلى العاصمة سواء للحصول على تدريبات أو شراكات، وهو الأمر ذاته الذي أقوم به على المستوى الشخصي فلكي أعمل على إتاحة مساحة لمؤسستي الناشئة اضطر للسفر خارج محافظتي للقيام بذلك.

وبالفعل المحافظات لا تحظى على الاهتمام الكافي من الجهات الحكومية أو حتى مؤسسات المجتمع المدني الكبرى، فعادة ما نضطر لتكبد عناء الانتقال للعاصمة للعمل على طرح ما نقوم به في نطاق أكبر وهو أمر يضيع معه الوقت والجهد ويحمل أربابه أعباء مالية ونفسية يمكن استثمارها في العمل داخل إقليمه وجني ثماره على أرض الواقع.

 

العمل على أزمات الأقاليم والمحافظات المتباعدة في بعض الأحيان هدفه إعلامي ودعائي. ما تقديرك لغياب فكرة الاستدامة من قاموس أغلب العاملين على المحافظات؟

للأسف هذا حقيقي إلى حد كبير ففي فترة سابقة كنت أعمل على مشروع تابع لواحدة من المؤسسات ووجدت النساء المشاركات تتساءلن عن أسباب عدم معرفتهن بمثل تلك الأمور ورغبتهن في استدامة ما نقوم بطرحه ولم أتردد وعدت للمؤسسة أخبرهم بذلك وأبحث معهم فكرة إقامة مكتب تابع لهم هناك يباشر هذه الأعمال بشكل مستدام ولكن تلك الفكرة قوبلت بالرفض والإرجاء. 

والبعد عن الاستدامة والتواجد الحقيقي في الشارع خاصة بالأقاليم البعيدة عن العاصمة خلق فجوة بين المجتمع المدني والفئات المستهدفة خارج العاصمة، لأن قطاع كبير منهم لا يفهم معنى النسوية على سبيل المثال فيقوموا بمهاجمتها بلا تردد أو حتى وعي بطبيعة عملها، وقديما كنت أقول "نحن نعمل في واد والناس في وادي آخر".

ونتيجة المواقف التي سبقت وغيرها من الأحداث قررت العمل على إنشاء "صبية" من داخل المحافظة التي أنتمي لها مستهدفة العمل التراكمي المستدام بين أبناء المحافظة ومنه ننطلق لباقي الجمهورية.

 

من خلال ما تقدمونه من أنشطة مجتمعية، نرغب في التعرف منك أكثر على واقع المرأة في محافظة الإسماعيلية؟

محافظة الإسماعيلية مدينة صغيرة وضواحيها كبيرة، ويمكننا القول إن ثقافتها كباقي المجتمع ويقع على نساؤها نفس الأعباء التي تقع على نظيراتها من المدن التي تحتوي بداخلها على مدن ريفية وأخرى حضرية.

ومازالت ظاهرة ختان الإناث منتشرة بها، وفي إحدى المناطق يقوم بتلك الجريمة أطباء وتقدمت ببلاغ للتعامل معهم في الجهات المعنية، وكانت المحافظة الأولى في نسب الطلاق وفق آخر احصاء اطلعت عليها، وتحتاج لعمل دؤوب على مستوى الوعي وتغيير الثقافة.

"صبية" تبذل قصارى جهدها للعمل داخل المحافظة من خلال مجموعة من الشراكات التي تمت في الفترة الأخيرة ومنها فالعمل على مشروع تعزيز المشاركة للقيادات الشبابية من سن 17 لـ 35 عام وسلسة من التدريبات عن الخطاب الجندري مع سفراء الحوار بأكاديمية التعليم المفتوح التابع للسفارة الدنماركية، وهناك بعض التشبيكات مع المؤسسات المصرية المختلفة للتفاعل مع القضايا العامة.