متى سينظر العالم إلى الإجهاض على أنه أحد الحقوق المشروعة للمرأة؟

تحتل عملية الإجهاض مكانة عميقة في العديد من المناقشات التي تدور في مختلف المجتمعات حول العالم، نظراً لأهميتها على الصحة الجسدية والنفسية للمرأة.

مقال بقلم: شادي أحمديان

أصبحت عملية الإجهاض اليوم أحد الموضوعات المهمة التي يتم تداولها في كافة المجتمعات، لا سيما في الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية والعلاجية أيضاً، فقد أصبحت المفارقة الناتجة عن الضرورات التي لا يمكن إنكارها من جهة والحظر القانوني من جهة أخرى تشكل تحدياً واضحاً لكل مجتمعات العالم المتقدم والعالم الثالث.

كل يوم يتم تسجيل حوالي 91000 حالة حمل حول العالم قرابة ربع هذا العدد هي حالات غير مرغوب فيها وحوالي 150000 منها يتم إجهاضها بشكل قانوني أو غير قانوني بسبب العديد من القضايا الاجتماعية منها عدد الأطفال أو الاغتصاب أو بسبب جنس المولود وما إلى ذلك.

 وتجدر الإشارة أن المضاعفات المتعلقة بالحمل والإجهاض تقتل نصف مليون امرأة حول العالم كل عام، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات حقوق المرأة، إلا أن جميع القوانين المناهضة للإجهاض ما زالت مفروضة وقائمة والتي تؤثر على حياة المرأة بشكل خاص وكبير.

هناك وجهات نظر مختلفة حول الإجهاض منها وجهات نظر أخلاقية حيث يعتقد البعض أن الإجهاض خطأ أخلاقياً حتى لو كانت حياة الأم في خطر، كما أن بعض الناس يفرقون بين مراحل الحمل المختلفة وسبب الإجهاض ويعتبرون أن هناك اختلاف بين الحمل المرغوب فيه والحمل غير المرغوب فيه، ولكن السؤال هنا هو من الذي يتخذ هذا القرار؟ وكيف يتم مناقشة ما يحدث داخل جسد المرأة في الساحات الاجتماعية؟

القيام بعملية الإجهاض هل هو قرار القانون أم الدين أم الأسرة أم المجتمع أم الرجل أم المرأة؟ هل معارضة الإجهاض وسيلة لزيادة السيطرة على جسد المرأة؟

يجب الانتباه إلى أن قرار القيام بعملية الإجهاض من أصعب القرارات التي يمكن أن تتخذها المرأة لما لها من آثار نفسية وجسدية عليها، فعندما يتعلق الأمر بالعملية الجراحية فالجميع يعلم أنها من أصعب العمليات التي يتم إجراؤها، الأمر ليس كما يعتقد البعض بأن هؤلاء الفتيات والنساء لا ينتبهن ويحملن عن قصد ثم يقمن بالإجهاض.

الحركات النسوية دائماً تطالب برفع الحظر عن عمليات الإجهاض نزولاً إلى رغبة النساء، فكثيرون يعتقدون أن الحق في إنهاء الحمل أو الإجهاض مسألة شخصية تتعلق بالمرأة فقط كونها عملية ستتم في جسد المرأة ولا علاقة للسلطة الحكومة بهذه المسألة، وقد أكدت الحركات النسوية أن حظر الإجهاض ناجم عن تجاهل الحقوق الإنسانية للمرأة وغياب هذه الحقوق هو دليل على عدم المساواة في الحقوق في كثير من السياسات الحكومية.

فالإجهاض سواء كان قانوني أو غير قانوني هو ظاهرة حتمية ويتم إجراؤها بكثرة في العديد من دول العالم، ففي الكثير من الإحصائيات التي أجريت بهذا الخصوص تم التأكيد أن تحريم الإجهاض فشل في خفض معدله، حيث أن عدم شرعية إنهاء الحمل كانت تدفع النساء وخاصة الفقيرات تجبرهن على اتباع أساليب إجهاض غير صحية وغير آمنة وخطيرة.

الحلول العالمية للحد من الإجهاض وعواقبه شملت تقليل عدد حالات الحمل غير المرغوب فيها من خلال توفير وسائل منع الحمل والتدريب على استخدامها، وتهيئة الظروف للمرأة لاستخدام طرق الإجهاض الآمنة والصحية بدلاً من الأساليب السرية والخطيرة، بالإضافة لضرورة إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالإجهاض بحسب الواقع الاجتماعي.