مطالبات بفرض أشد العقوبات بحق مغتصب الطفلة "لين طالب"
طالبت ناشطات بفرض أشد العقوبات بحق المتهمين بقضية الطفلة لين طالب التي أثارت غضب الشارع اللبناني، مشددات على ضرورة حماية الأطفال داخل الأسرة والتوعية بضرورة التبليغ عن حالات الاعتداء.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أثارت وفاة الطفلة لين طالب وهي في عمر الخمس سنوات بعد الاعتداء عليها من قبل جدها، ردود فعل اللبنانيين وأشعلت الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي لتتحول إلى قضية رأي عام، خاصةً بعد ادعاء المحامية العامة الاستئنافية في الشمال القاضية ماتيلدا توما على جد الطفلة الذي اعتدى عليها.
أصدرت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار خلال جلسة المحاكمة الأولى التي عقدت، أمس الخميس 27 تموز/يوليو، لمتابعة قضية الاعتداء على الطفلة لين طالب، بتوقيف جد الطفلة من جهة الأم ووالدتها بحكم أنها تسترت على الحادثة، وذلك بعد ظهور نتائج فحوصات الـ DNA لمحيط الطفلة من أقارب الأم والأب.
وكان قد انفصل والدي لين طالب منذ أكثر من عام، لتعيش مع والدها طوال الفترة الماضية وتلتقي بأمها مرات قليلة، ومنها قبيل عيد الأضحى حيث قضت عدة أيام في منزل أهل والدتها، ولتنقلها أمها أول أيام العيد للمستشفى بعد ارتفاع حرارتها، ورفضت أن تبقيها هناك على الرغم من إصرار الطبيب على بقائها، ولتنقل الطفلة إلى المستشفى في المرة الثانية بعد أن فارقت الحياة، وتوالت بعد وفاة الطفلة تبادل الاتهامات بين أهل الأم والأب بالاعتداء عليها، بعد أن أكد طبيبين شرعيين واقعة اغتصاب الطفلة، لتنتقل التحقيقات إلى الجهات المعنية.
واقعة الاغتصاب
وحول هذه القضية، طالبت رئيسة "جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان" أميرة سكر بإنزال أشد العقوبات بحق مغتصب الطفلة لين الطالب، من أجل ردع كل شخص يحاول انتهاك حق الطفولة، خاصةً إن كان الشخص من الأقارب أو الأشخاص ذوي الثقة.
ولفتت إلى أن "الاتحاد لم يطلع على التقريرين الشرعيين، ولكن من خلال المحضر والجلسة مع الأشخاص، والتحقيقات الأولية وخصوصاً في مكتب الجرائم المخلة بالآداب والاتجار، في هذا الإطار، تبين أن الطفلة توفيت نتيجة نزيف حاد مع وجود اغتصاب وكدمات على جسدها، ما يعني أن الاغتصاب كان جديداً وليس قديماً، ولم يستطع الطبيب الشرعي تحديد حدوث اغتصاب في وقت سابق".
وتنص المادة 505 من قانون العقوبات اللبناني على أنه "كل من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تقل العقوبة عن سبع سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره، ومن جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين".
وبينت أميرة سكر أنه "قد يحاول المحيطين بهذا الشخص المرتكب أن يبرروا بمعاناته من أمراض نفسية وعقلية وحالات خرف وغيرها، ولكن ليس ذنب لين طالب أو غيرها، وبينما كشفت قضية هذه الطفلة، فلا نعرف عدد الحالات التي تعرض لها أطفال آخرين وتم طمسها، ولا زلت أذكر قضية طالت قاصر في سن الـ 14 من عمرها في عام 2016، اختطفها جارها الذي يعاني من حالة نفسية، وتابعها الاتحاد، وكانت الفتاة في حالة صدمة، وتخبر عن الأحداث التي جرت، وكانت أمها تستمع في الكواليس وتردد لم أكن أصدق ابنتي".
وأضافت "لذا نؤكد على تصعيد العقوبات من ناحية، وأن يعرض المرتكب على مجموعة من الأطباء لتقرير حالته النفسية وليس تقرير طبيب نفسي، فلا تفلت من العقاب بحجة الحالة النفسية، وأن تقع العقوبة على مقدمي الرعاية الذين لم يلتفتوا إلى حالته وإمكانية تعريض القصّر للخطر".
ولفتت إلى أن قضية الطفلة لين طالب، أصبحت قضية رأي عام، ولكنها ليست الطفلة الوحيدة التي تعرضت للعنف والاعتداء والاغتصاب، ولكن بعض الأهالي يسيطر عليهم الخوف من فضح الشخص المرتكب وأن يؤذيهم، وخوفاً أيضاً من "الفضيحة والعار".
وأشارت إلى أنه يجب توعية المجتمع بضرورة التبليغ وإظهار الفرق بين التربية الصحيحة والتعنيف، وتعديل سلوك الطفل من عمر السنتين ومواكبته، بأسلوب التعامل مع الطفل للطاعة ودون التعنيف، وأن تكون ناتجة عن المحبة وعدم القيام بالتصرف الخاطئ، أو العمل بالخفاء، فمثلاً عندما تصل العلاقة بين الطفل وأهله بالثقة المتبادلة، فهو دليل على تقرب الطفل من أهله والجو الصحي الذي يعيش فيه، وما يحصل حالياً من تجاوزات دليل على ابتعاد الأهل عن الأولاد وانشغالهم بأمور الحياة والابتعاد عن التربية الصحيحة بأمور أخرى.
وسجلت "جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان"، 227 حالة عنف أسري، 117 حالة تحرش و396 حالة اعتداءات على أطفال خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري.
زيادة الوعي
بدورها قالت الحقوقية والخبيرة في الحماية الأسرية رنا غنوي "بسبب اشتداد الأزمات التي يعاني منها لبنان، بدأت تطفو على السطح عدة مشكلات، من ضمنها العنف الأسري، فقد لاحظنا ارتفاعاً بنسب التبليغ وحصول حوادث تخل بأمن أو بسلامة الأطفال".
وأضافت "أخذت قضية الطفلة لين طالب حيزاً كبيراً من اهتمام ومناصرة المجتمع لها، لأن مرتكب الجريمة كان أحد أفراد الأسرة الذين من المفترض أن يكونوا محل ثقة والحامين للطفلة التي لم تبلغ السادسة من عمرها"، مشيرةً إلى أنه "من المفترض أن يكون الطفل في مأمن لا أن يتعرض للعنف والاعتداء".
وأوضحت أنه "كناشطة في مجال حقوق الإنسان، أدركت أننا بحاجة لخطة وطنية، بالإضافة إلى مشاريع لإدارة الحالة، من المفترض إلقاء الضوء على القانون 422 وتطويره بما يخدم مصلحة القاصرين الفضلى، ويجب أن يكون هناك دور رقابي لوزارة الشؤون الاجتماعية من خلال مصلحة إدارة شؤون الأحداث".
وأشارتا رنا غنوي إلى أنه "لتكن قضية لين طالب شعلة توقد الإنسانية وتعيد وضع الأمور في نصابها الصحيح، وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم"، لافتةً إلى أنه يجب خلق نظام حماية متكامل وعملي للأحداث المعرضين للخطر أو الأحداث ضحايا سوء المعاملة والذين هم عرضة للإيذاء الجسدي أو التربوي أو الصحي أو الأخلاقي أو الجنسي، مع تأمين إطار منسجم مع القوانين الدولية التي ترعى شؤون الأحداث.