مصريات: أحكام تركيا تكشف حقيقة المجتمع الدولي وما روجه حول مبادئ حقوق النساء

أصدرت دولة تركيا مجموعة من الأحكام على نساء كرديات وعربيات من مدينة عفرين المحتلة بإقليم شمال وشرق سوريا، منهن بالإعدام والبعض احتجاز لفترة تتجاوز الـ 7 سنوات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ في الحروب التي اندلعت في العديد من بلدان الشرق الأوسط تدفع النساء الضريبة، ولا يوجد أي تحرك دولي حقيقي لحماية النساء اللواتي لطالما تشدق بحقوقهن.

خلال الفترة الأخيرة تكشفت حقيقة المجتمع الدولي وما روجه حول مبادئ حقوق النساء خاصة بعد حرب غزة التي دفعت النساء ضريبتها وكانت في طليعة الفئات المستهدفة التي عانت ويلات انتهاكات ارتقت لجرائم حرب دون تدخل حقيقي وتجاوزت الحرب الـ 100 يوم متصلة دون أن يحرك المنادون بالحقوق والحريات ساكناً، بل بعضهم اتخذ موقف لا يختلف كثيراً عن الاحتلال.

الأمر ذاته يحدث في دول النزاع والحروب الأخرى، فلا يمكن إغفال ما يحدث من جرائم تدفع فاتورتها النساء بدرجة أكبر في السودان وما يتعرضن له من انتهاكات جنسية وصلت لحد الاغتصاب والقتل في الشوارع وسط صمت مخجل من المجتمع الأوروبي، وتاريخياً عانت الكرديات من الويلات والاعتداءات والخطف والقتل والتعذيب وناضلن في ثبات وشجاعة من أجل الأرض والأفكار والحفاظ على الهوية.

وبعد سلسلة الانتهاكات الأخيرة التي لا تختلف عن سابقتها لنساء مقاطعة عفرين المحتلة في إقليم شمال وشرق سوريا كان لوكالتنا لقاءات مع بعض المعنيات بشؤون المرأة في مصر لتسليط الضوء على تلك الأحداث وبحث سبل الخلاص.

 

عودة بالزمن ألف عام

ترى المحامية والناشطة النسوية داليا زخاري أن "المشهد في تلك المنطقة عبثي للغاية ففكرة وجود نساء مختطفات ومحتجزات مشهد متكرر للكرديات والإيزيديات والسوريات ويحدث طوال الوقت بشكل يجعل الرائي يشعر وكأن الزمن عاد للخلف لعصر السبايا كما يكتب في الأخبار، وهو أمر مرعب للغاية لكون النساء بتن فرائس يستهدفهن المحتل ويعمد انتهاك حقوقهن بشكل انتقامي هادر لجميع الحقوق الإنسانية".

وأشارت إلى أن متابعتها لهذا المشهد أشبه بقراءة حقبة زمنية تجاوزت الـ 1000 عام، مؤكدةً أن استخدام النساء بهذا الشكل سلوك وحشي وغير مفهوم، وأن مسألة صمت المجتمع الدولي باتت مخزية للغاية.

واعتبرت أن ردة الفعل على مسألة إضافة المستلزمات الشخصية للنساء في المساعدات الموجهة لغزة وما شهدته من مفاوضات وعدم اكتراث أمر معبر عن الرؤية العامة لوضع المرأة واحتياجاتها سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.

وأكدت أنه "عندما عُرض على البرلمان التركي أمر اختطاف الكرديات كـ "سبايا" وبيع بعضهن لتجار وكأنك في سيناريو للعصور الوسطى ما كان منه إلا أنه (استشعر الحرج(، فمتى يستقيل إذن إن لم يكن مثل هذا الأمر يستحق اتخاذ موقف حقيقي تجاه المشهد"، معتبرةً أن ما يحدث كشف الوجه الآخر والموقف الحقيقي لتركيا من حقوق الإنسان.

وأوضحت أن النساء "تحتجن لسنوات لإعادة تأهيلهن بعدما حدث لهن من اعتداءات"، آملةً بـ "محاكمة تلك الحكومات على جرائمها، مع ضرورة العمل على تغيير صورة المرأة وموقف العادات والتقاليد من النساء المعنفات في ظل الحروب، لأن بعضهن قد لا يجد قبولاً مجتمعياً وتعانين ما بقي من حياتهن لكونهن موصومات رغم أنهن دفعن ضريبة حرب بالكامل وعلى المجتمع والمسؤولين تكريمهن وحمايتهن".

 

 

محاكمات عادلة ورادعة

فيما قالت محامية النقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، هبة عادل، أن اختطاف النساء وإصدار أحكام قاسية تصل لحد الإعدام كما ذُكر في التقرير الذي صدر حول ما تعرضت له الكرديات بدون تمكينهن في إبداء دفاع قانوني مسألة تتنافى مع القانون الدولي الإنساني بشكل رئيسي.

وأكدت أن النساء هن الحلقة الأضعف خاصةً إن كانت البلاد تمر بظروف سياسية قاسية أو في ظروف احتلال، معتبرةً أن الظروف والأوضاع العالمية الأخيرة أثبتت الحاجة لآليات دولية مختلفة "تعد المحكمة الجنائية الدولية متاحة بالشكل والقدر الرادع وكذلك محكمة العدل الدولية وغيرها، وما يحدث مع المدنيين من جرائم الاحتلال أو الاختطاف القسري وما تتعرضن له النساء من عقوبات قاسية وغير مبررة بدون محاكمة عادلة فرض تساؤل إلى من يلجؤون؟، لذلك فالمجتمع الدولي بحاجة للبحث عن آليات تمكن الشعوب من المحاكمات العادلة الرادعة".

وأوضحت أن أزمة المجتمع الدولي تعود لعلاقات الدول وحساباتها وهي لا تتعلق بالقانون فقط ولكنها تحتكم في كثير من الأحيان للقوة، فمازال حق الفيتو يتحكم في العالم، معتبرةً أن التعامل مع الانتهاكات مسألة نسبية تختلف من مكان لآخر، وكذلك وضع النساء "لابد من إرساء معايير عادلة تطبق على الجميع فالقانون أداة يجب أن تكون منصفة وعادلة لكل الشعوب أيا كانت جنسيتهم أو وضعهم أو عرقهم".

 

 

تعامل تركيا مع الأقليات العرقية يعبر عن "فصام"

من جهتها أوضحت الصحفية والمتخصصة في ملف المرأة شيماء الشواربي أن "المشهد مأساوي بشكل عام فالنساء اللواتي تم اختطافهن مغيبات قسراً، ومن تمت محاكمتهن ستمضين عمر آخر في السجون وهو أمر يحتاج تدخل لأن تلك الأحكام المتباينة شديدة القسوة فبعضها وصل للمؤبد والأخرى من 5 لـ 9 سنوات".

وترى أن ما يحدث ظلم وتعسف لأن النساء لم تحصلن على حق الدفاع عن أنفسهن "مسألة الاختفاء لعدة سنوات هو أمر خارج جميع الأطر الحقوقية الدولية، وكأن ما يجب أن تدفع النساء ضريبته تحت وطأة الاحتلال خارج المشهد ولا يراه أحد، فما يحدث من تركيا فصام واضح لكونها تنتهك جميع الحقوق والحريات في تعاملاتها مع الأقليات العرقية بمختلف أشكالها من اعتقال وانتهاكات واغتصاب".

وأوضحت أن الشعارات الرنانة التي يتم ادعائها تكشفت في التعاملات الجانبية خاصة في ظل الحروب وأن المعايير تتجزأ بحسب المصلحة في واقع الأمر وبات المشهد عبثي بشكل عام، معتبرةً أن الصمود هو الحل وعلى النساء أن تكملن مسيرتهن من أجل نيل حريتهن وحقوقهن.

وفي ختام حديثها لفتت الانتباه إلى كتاب المناضلة ساكينة جانسيز "حياتي كلها صراع"، قائلةً "قبل أيام ناقشنا مذكرات ساكينة جانسيز وتحدثت في كتابها عن مدارس الاحتلال وما يعمدونه من محاولات مستميتة لمحو الهوية وعانت لسنوات في نضالها وسعت للعمل من أجل الصحوة ولكن كما قالت هناك نكران عالمي للشعب الكردي وسجنت ونجت من الاغتيال مرات حتى تم اغتيالها في كانون الثاني 2013 وهي نموذج قوي للنساء المدافعات عن هويتهن والمناضلات من أجل الحرية والاستقلال".