مختصة في القانون الدولي العام: على محكمة الجنايات الدولية التحرك لإيقاف الإبادة في غزة

يبدو أن القانون الدولي الإنساني قد قُبر في غزة، فهول المآسي التي تحملها عدسات الكاميرا يومياً تؤكد الإجرام الدولي بحق النساء والمدنيين عموماً.

زهور المشرقي

تونس- في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وتجاوز عدد القتلى 12 ألف شخص جلهم من النساء والأطفال، وإصابة ما لا يقل عن 28 ألف شخص، أكدت سلوى الحمروني أن " إسرائيل تمارس حرب إبادة تهدف بها إلى القضاء على مجموعة بشرية معينة في رقعة ترابية محددة".

ترى الأستاذة الجامعية المختصة في القانون الدولي العام، سلوى الحمروني، أنّ الوضع في غزة المُحاصرة فضح عدم الاكتراث بالنزعة الإنسانية، وقد عرّت هذه الحرب أكاذيب حقوق الإنسان التي ظهرت أنها تنفّذُ على الدول المستضعفة، فحين يُشاهد العالم مجازر الإبادة الجماعية لسكان أبرياء تمسكوا بأرضهم ولا يتحرّك، ستسقط كل معاني الإنسانية وما جاءت بها الاتفاقيات الدولية التي وضعت لحماية الإنسان وضمان حقّه في الحياة.

وأوضحت "ما تعيشه غزة يعتبر نزاعاً مسلحاً بل هو نزاع دولي مسلح بحسب البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية في فصله الرابع الذي نص على أنه (المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية، وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ويقتضي احترام القانون الدولي الإنساني اذن احترام مبادئ بسيطة وواضحة من الضروريات: أولها التمييز بين المدنيين وغير المدنيين وعدم استعمال غير مبرر للقوة بما يعني إن كان هناك أهدافاً عسكرية وُجب الاكتفاء بها دون المس بالمدنيين ولا يقصد هنا قتل الأشخاص بل المدارس والمشافي والمؤسسات الحيوية وفي حالة الحرب، إضافة إلى أهمية توفير أماكن حماية خاصة للأطفال والنساء والمسنين والمرضعات، حيث تؤكد اتفاقية جنيف لحماية المدنيين أن هناك العديد من المقتضيات التي تحمي المدنيين بشكل عام والنساء والأطفال بشكل خاص وكل من هو ليس في حالة قتال)".

وعلقت على ذلك قائلةً "كل هذه المبادئ لا يوجد لها أثراً في هذه الحرب وكأنها تذهب عكس ذلك، حيث ترى اسرائيل في المدنيين أهدافاً عسكرية مباشرة وتتدّعي إنها تقتل المدنيين عرضياً في حين أن كل ما تم توثيقه يبين الاستهداف المقصود حيث يرى المحتل في هؤلاء وجهة لاعتداءاته مما يؤدي إلى الفرضية المتعلقة بحرب الإبادة، لا يمكن قراءة ما يجري على أنه أعمال عسكرية بل هي حرب إبادة تهدف إلى القضاء على مجموعة بشرية معينة في رقعة ترابية محددة".

وبينت أن "صمت المجتمع الدولي مستمر منذ أكثر من سبعين عاماً، وهو نفس السبب الذي جعله يصمت أمام الجرائم الحالية بحق النساء والأطفال والرضع والمسنين لا سيما وأن الفظائع لم تبدأ في تشرين الأول 2023 مع طوفان الاقصى، بل منذ نشأة إسرائيل ولم تتوقف بتاتاً بل عرفت درجات وفترات ترتفع فيها وتيرة القتل والاستهداف وفترات تتقلص دون تركيز إعلامي واضح".

وأوضحت "المجتمع الدولي لديه دول ترعى مصالحها وتقدمها كتبريرات غير مقبولة إما للسكوت عن الفظائع المرتكبة على غرار العديد من الدول الأوروبية أو تشجيع لإسرائيل ومساندته ومده بالإعانة والسلاح والمساندة المعنوية"، مشيرة إلى أن "طوفان الأقصى أخرج الوجه البشع لكل هذه الدول حين عبرت صراحة وبدون أي خجل أو أخلاق أن حياة الطفل الإسرائيلي أهم بكثير من حياة اليافع الفلسطيني لا ننتظر من هكذا مجتمع دولي مراقبة طبيعة الأسلحة المستخدمة، وهي نفس المجموعة الدولية التي هاجمت العراق، على أساس أن بغداد تمتلك أسلحة ممنوعة دولياً ونفس المجموعة التي تحدثنا عن حقوق الإنسان في كل أصقاع العالم، هي أطراف لا تتكلم إلا للدفاع عن إسرائيل وما شابهها لأسباب تاريخية وإيديولوجية واقتصادية متعلقة بمصالحها لا غير".

وقالت أن التجارب في المنطقة والنزاعات التي حدثت السنوات الماضية بينت أن المرأة كانت الحلقة الأكثر استهدافاً "كانت تجارب بعض الدول الإفريقية التي عاشت حروباً داخلية ونزاعات مسلحة أبرز دليل على وحشية الحرب واللامبالاة حيث استخدمت النساء كأدوات حرب وتم اغتصابهن وتعذيبهن وتزويجهن قسرياً، وكانت الحرب ضد سوريا والتدخلات الأجنبية شاهدة على التنكيل بالنساء وقد تكبدن خسائر كبيرة وكن ضحايا السبي والاستغلال فيما يسمى بجهاد النكاح والترذيل وتم استغلالهن كوسائل نزاع"، معتبرة أنه بالرغم من وجود العديد من القوانين التي يفترض أنها جاءت لتحميهن إلا أن الواقع يبين عكس ذلك.

وأضافت "علاوة على قرارات الأمم المتحدة التي تشير إلى ضرورة النأي بهن في الصراعات المسلحة لكن الإشكال يتعلق بتفعيل تلك البنود وتوفير عنصر الحماية بما يحمله من إمكانيات"، مشيرة إلى وجود جرائم حرب نصّت عليها اتفاقية روما متعلقة بمحكمة الجنايات الدولية على غرار سبي النساء أو الاتجار بهن والاعتداء الجنسي عليهن ويوجد أحكاما خاصة  بهذه المسائل "نتحدث عن حماية وقرارات لكن القانون الدولي الإنساني اليوم لا يطبق  برغم حالة الحرب، حين يغيب القانون يسود قانون الغاب والفوضى"، مؤكدة أن المحاسبة يجب أن تكون على أساس جرائم الحرب والتوثيقات التي تشاهد يومياً في غزة وسوريا واليمن وليبيا والسودان.

وأوضحت أن "مجموعة من المحامين من جنسيات ودول مختلفة قدموا قضية أمام محكمة الجنايات الدولية ضد عنهجية اسرائيل، يجب ألا يتصرف المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية على أساس الكيل بمكيالين بل على أساس المساواة".