محاكم الطلاق في إدلب تجبر النساء على التنازل عن حقوقهن
تعاني النساء في إدلب من صعوبة تحصيل حقوقهن في محاكم الطلاق التابعة لما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ".
هديل العمر
إدلب ـ أجبرت العديد من النساء على التنازل عن حقوقهن المشروعة من نفقات الطلاق مقابل خلاصهن وحصولهن على حريتهن من أزواجهن.
لم تحصل سارة الشاكر (28) عاماً وهي من سكان إدلب، على حقوقها من زوجها الذي رفعت عليه دعوى طلاق أواخر العام الماضي، وذلك بعد أن اضطرت للتنازل عن كامل حقوقها وحضانة أطفالها مقابل طلاقها، وعن ذلك تقول إن "آلية سير قضايا الطلاق في المحاكم القضائية التابعة لحكومة الإنقاذ، تضع المرأة أمام خيارات صعبة، فإما أن تنتظر فترة طويلة غير واضحة العواقب، أو تتنازل عن كامل حقوقها والنفقة وحضانة أطفالها مقابل صدور حكم القاضي بالطلاق".
وأضافت أن الدعوة التي رفعتها على زوجها استمرت أكثر من ستة أشهر بسبب مماطلة المحاكم والقاضي المشرف على الدعوى، لتفاجئ بصدور حكم القاضي بضرورة التنازل عن حقوقها كونها هي من طلبت الطلاق.
وأشارت إلى أن حقوق المرأة غائبة في إدلب، خاصةً إذا كان الأمر يتعلق بالطلاق الذي لا تستسيغه هذه المحاكم التي تضع اللوم على المرأة، والتي تكون مجبرة على الخضوع للأحكام الذكورية حتى في المحاكم الشرعية والقضائية، لافتةً إلى أنها رفضت التنازل عن حقوقها بادئ الأمر، ولكن ضغوط عائلتها، دفعها للقبول والتنازل حتى حصلت على طلاقها.
ولا توجد إحصائية رسمية ودقيقة لأعداد المطلقات في إدلب، إلا أن ناشطات أكدن تفشي ظاهرة الطلاق بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، نتيجة عوامل عديدة تتعلق بالزواج المبكر والأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة.
ونوهت الناشطات إلى أن محاكم القضاء لا تعطي للمرأة حقوقها المشروعة من زوجها، خاصةً إذا كانت الدعوى القضائية مقدمة من قبل المرأة، حيث تجرد من معظم حقوقها قبل طلاقها.
"ما بطلقك حتى تتنازلي عن كل حقوقك" كلمات لطالما هُددت بها رندا الطوير (30) عاماً من قبل زوجها الذي رفض أن يطلقها قبل تنازلها عن كامل حقوقها وحضانة أطفالها، وعن ذلك تقول إنها تحضر جلسات الدعوى التي رفعتها على زوجها منذ أكثر من أربعة أشهر دون جدوى، حيث أخبرها المحامي الموكل بالقضية أن تنازلها عن مستحقاتها من شأنه أن يعجل بصدور قرار الحكم بالطلاق.
وأشارت إلى أنها لن تتنازل عن حقها في حضانة أطفالها والنفقة حتى لو استمرت الدعوى عاماً كاملاً، إذ أن القانون يضمن لها حقوقها كاملة، مشيرةً إلى أن المحاكم تلجأ للتسويف والمماطلة حتى تفقد المرأة أملها في تحصيل حقها، إلا أنها لجأت لتوكيل محامي للدفاع عن موقفها في رغبتها بالطلاق، مع الحصول على نفقات طلاقها كاملةً دون أي تنازلات.
"الحق دائماً مع الزوج" تقول رندا الطوير في إشارة منها إلى انحياز المحاكم للرجال من خلال تبرئتهم من النفقة على زوجاتهم، وإعطائهم الحق في اضطهاد المرأة وتعنيفها دون أي حقوق أو قانون يحفظ كرامتها وحياتها.
ولا تخفي رندا الطوير بتقديم طعن واستئناف بحكم القاضي في حال جردها من حقوقها، مشيرةً إلى أنها ستحاول بكل الطرق المشروعة تحصيل حقها الذي تسعى هذه المحاكم لسلبها إياه.
بدورها قالت الناشطة الحقوقية منى العمر (38) عاماً إن القوانين تضمن للمرأة كامل حقوقها المتفق عليها، دون أي تغيير أو تبديل، إذ أن هذه الحقوق تعتبر بمثابة كفالة وحصن للمرأة في حياتها الزوجية.
وأشارت إلى أن "محاكم الطلاق تفتقر لوجود منهجية قانونية ثابتة لمثل هذه القضايا، حيث أن معظم القضايا تحل من خلال اجتهادات فردية من القضاة التابعين لمرتزقة هيئة تحرير الشام، وهو ما يضع المرأة ضمن إطار ضيق تكون مجبرة فيه على التنازل مقابل الطلاق".
وشددت على ضرورة الضغط على هذه المحاكم من خلال حملات هادفة توضح الانتهاكات بحق النساء اللواتي رفعن دعاوى طلاق داخل مؤسساتها، والتي من شأنها أن تحفظ حقوق المرأة، كما أن نجاح هذه الحملات سيحد بشكل كبير من تنامي ظاهرة الطلاق التي ستشرع للزوجة حقوقها المشروعة.