'معاناة الفتيات والنساء التي يخلفها الختان لا تنتهي بمرور الزمن'
لا تزال الفتيات والنساء في مصر تعانين من تشويه أعضائهن التناسلية في الصغر بفعل أولياء أمورهن، فرغم تجريمها وتشديد العقوبة على مرتكبيها، يعتبرها البعض عقيدة متوارثة لا يمكن الخلاص منها.
أسماء فتحي
القاهرة ـ أكدت المحامية جهاد حسن على ضرورة تكثيف الجهود للحد من ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية لدى الإناث، وهو ما يحتاج لجهد ووقت وتوعية.
إن تشويه أعضاء النساء التناسلية يتم وسط مباركة المجتمع والتستر عليه في محاولة لفرض السيطرة المطلقة عليهن وإشعارهن أن هناك من له حق اتخاذ القرار عنهن حتى في الجسد ذاته.
تقول سلوى الجميل "اسم مستعار" من مدينة الإسكندرية، أنه رغم بلوغها عامها الأربعين إلا أنها لم تنسى يوماً ما فعلته به عائلتها في الصغر، كاشفةً عن حجم المعاناة والأزمات التي مرت بها خاصةً أنها وقعت فريسة "جزارة" شوهت عضوها التناسلي.
واعتبرت أنها كغيرها من الفتيات كانت تظن أن الختان أمراً طبيعياً يعبر عن كبر سنها ونضوجها "ذات يوم دخل أبي وبرفقته امرأة متوسطة الطول والحجم، أخرجت أدوات حادة وطلبت بعض الأشياء من أمي تمكنت مني ومن ابنتا عمي، بترت جزء كبير من عضوي التناسلي، صرخت كثيراً لكن بدون جدوى ولأن جرحي كان كبيراً بقيت اتلقى العلاج لمدة شهرين حتى التأم الجرح الظاهري وبقي جزء منها يزعجني ويطاردني، فلم أنس للحظة ما حدث معي".
وأوضحت "مر على تشويهي نحو الثلاثين عاماً وأرى هذا الأمر يحدث للعديد من الفتيات، حتى زوجي رغم زواجه بأخرى وانفصاله عنا، إلا أنه فعل نفس الأمر لبناتي لكن بذهابه للطبيب"، لافتةً إلى أنه رغم الوعي بخطورة الأمر والخوف من التعرض للعقاب، مازالت تتم في الخفاء والمجتمعات الصغيرة تباركها، لأن البعض منها يحدث وبشكل جماعي وغير معلن.
وأشارت إلى أن السبب الكامن وراء تشويه عضوها التناسلي كما قال لها والدها هو النضج والاستعداد للزواج "بعد حصولي على شهادتي الابتدائية اخبرتني أمي أنني كبرت وأصبح عمري مناسباً للزواج ولا بد لي من الختان لأنها ستجعلني أجمل، وسأكون بعدها مؤهلة للزواج"، مشيرةً إلى أن الكثير من الأسر تربط بين عفة الفتاة وتختينها معتقدين أن ذلك يحميهن من التعرض لانتهاكات جنسية.
وحول حجم الجريمة وأسباب ارتكابها وسبل مواجهتها تقول المحامية جهاد حسن من الإسكندرية إن الختان مازال مستمراً لأنه مرتبط بأفكار وثقافة المجتمع ولم يتم القضاء على هذه الأفكار بشكل جذري حتى اليوم، لافتةً إلى أن الأمر بحاجة لجهد من جميع المعنيين حتى يتم إحداث التأثير الفعلي به.
وأوضحت أن الكثيرات تتأثرن بتشويه أعضائهن التناسلية، والأمر لا يخفت بمرور الزمن فحتى من تستمررن في علاقاتهن الزوجية تعانين في صمت من تأثرهن بالأمر، مشيرةً إلى أن البعض لا يزال يعتقد أن الختان يحافظ على عفة الفتيات رغم أن هذا الأمر عار تماماً عن الصحة وقد أثبت علمياً أن العقل هو من يتحكم في الرغبات وليس الجسد، مؤكدةً أن للعادات والتقاليد البالية التأثير الأكبر فنجد أن الأم والجدة عانين من ذات الأمر وقررن أنها ضرورة ولابد من القيام بها لبناتهن لأن الأمر في الحقيقة أصبح عقيدة لديهم.
وتعتبر أن العمل على رفع معدل الوعي أمر ضروري، ليدرك الأهالي أن تربية الفتيات هو الأهم وتعريفهن حدود أجسادهن وسبل حماية أنفسهن كلها أمور تساعد في تهذيب السلوك وتقويمه وليس البتر وارتكاب الجرائم الغير إنسانية بحقهن.
وفي ختام حديثها تقول المحامية جهاد حسن إن النساء لديهن وعي كبير بالقوانين في الإسكندرية ويوماً ما ستستطعن القضاء على تلك العادة بشكل نهائي، ولكن هذا النوع من التغيير يتطلب جهوداً من جميع المعنيين بهذا الملف من الجمعيات الأهلية والمجتمعية، مؤكدة أن للتعليم دور هام ومحوري في مواجهة تلك الظاهرة والتخلص منها لذلك معالجة هذا النوع من القضايا يجب أن يتم تضمينها في المناهج التعليمية أيضاً، فضلاً عن الحرص على تعليم الفتيات لحمايتهن من الزواج المبكر ومن مختلف الممارسات الضارة التي تنتهك حقوقهن الإنسانية.