عمالة الأطفال في أفغانستان... نظرة على الفقر وانتهاكات حقوق الطفل

لأكثر من عام، ظلت حركة طالبان تقوم بجمع الباعة الجائلين قسراً من الشوارع ونقلهم إلى سجن يسمى "إصلاح وتعليم الأطفال"، حيث الظروف أسوأ من تلك الموجودة على الطرق.

بهاران لهيب

أفغانستان ـ تعتبر عمالة الأطفال إحدى المشاكل المجتمعية، وفي المجتمعات الفقيرة التي مزقتها الحروب مثل أفغانستان، حيث كانت السلطة دائماً في أيدي حركة طالبان، تعد عمالة الأطفال أحد انتهاكات حقوق الأطفال والجرائم التي تتغلغل في مجتمع الأطفال الأفغاني وتتزايد يوماً بعد يوم.

في المجتمع الأفغاني، وبسبب الجهل ونقص المرافق الصحية، تلد الأسر الأطفال بشكل مستمر والكثير منهم لا يعرفون طرق منع الحمل، وفي المقابل فإن نظام الملالي وحكام طالبان الذين يسمونها "حكمة الله" يدعمون زيادة الولادات وشعارهم دائما "الله يرزق والأرض ترفع الوزر"، لذلك، يعتقدون أنه ليس لدى أحد الحق في منع الإنجاب.

ومع وجود عدد كبير جداً من الأطفال، ينتهي الأمر بالأسر إلى الفقر والبطالة، وعدم القدرة على فعل أي شيء، وفي ظل سيطرة طالبان، تفاقم هذا الوضع، حيث يُفرض على الناس ضريبة شهرية باهظة مقابل أي نشاط، حتى البيع المتجول ونقل ممتلكات الناس بعربة اليد.

بالإضافة إلى ذلك، خلال السنوات الثلاث الأخيرة من سيطرة طالبان، فقدت النساء وظائفهن وتم إعفاء الرجال من وظائفهم، وحل محلهم عدد من ملالي طالبان.

ومع عدم وجود وظائف، يضطر الآباء والأمهات إلى تشجيع أطفالهم على العمل لكسب لقمة العيش، ويواجه الأطفال العاملون يومياً الإهانات والضرب والجوع والتحرش الجسدي والجنسي والعقلي، وبالإضافة إلى هذه القضايا، فهم أيضاً محرومون من التعليم، وعليهم أن يعملوا من الفجر حتى الغسق لإنقاذ أنفسهم وإخوانهم وأخواتهم الصغار من المجاعة.

وبحسب الإحصائيات المقدمة، يبلغ عدد الأطفال العاملين في أفغانستان حوالي 3.7 مليون شخص، كما أعلنت "منظمة العمل الدولية" في اليوم العالمي لعمالة الأطفال عام 2014، أن عدد الأطفال العاملين في أفغانستان يبلغ 3 ملايين طفل.

وفي عام 2017، نشرت "اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان" تقريراً بحثياً حول الأطفال العاملين، وجاء في التقرير "33% من الأطفال يتعرضون للضرب أثناء العمل، و39% يتعرضون للإهانة، وأكثر من 27% يجبرون على القيام بأعمال شاقة، و16% يتعرضون للتحرش الجنسي".

وجاء في هذا التقرير أيضاً "90% من الأطفال يعملون أكثر من 35 ساعة أسبوعياً، بل إن بعضهم يعمل ليلاً، وعدد من الأطفال راضون عن عملهم بسبب تعلم مهنة وراتب مرضي، وتتراوح أعمار الأطفال العاملين بين 7 و18 سنة، 80% منهم فوق 12 سنة، و92% من الأولاد".

وفي العام نفسه، أعلن المتحدث الرسمي باسم "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية" أن "عدد الأطفال العاملين في أفغانستان يصل إلى 1.2 مليون طفل، ويعيش 3 ملايين طفل تحت خط الفقر"، لكن رئيس مكتب "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في طالبان" نشر تقرير منظمة العمل الدولية وقال "إن عدد الأطفال العاملين في أفغانستان يتراوح بين 3000 و4000 ولا يوجد أكثر من ذلك".

وتجدر الإشارة إلى أنه كلما نشرت المنظمات الدولية تقارير عن الجرائم المستمرة في أفغانستان، يعارضها مسؤولو طالبان ويقولون "الإحصائيات ليست دقيقة".

ومنذ أكثر من عام، تقوم حركة طالبان بجمع الأطفال الباعة المتجولين والمتسولين قسراً من الشوارع ونقلهم إلى سجن يسمى "إصلاح وتعليم الأطفال"، حيث الظروف أسوأ من الطرق في أفغانستان، كما أن العائلات لا تعلم بمصير أطفالها حتى يتم إطلاق سراحهم.

وهناك روايات كثيرة في شأن جمع الأطفال العاملين والمتسولين. ويقول شهود عيان "يتم تهريب أعضاء من أجساد هؤلاء الأطفال إلى باكستان أو يتم نقلهم إلى المدارس الدينية في باكستان لتلقي التعليم مثلهم"، والآن لم يعد يُرى الأطفال العمال والمتسولون في الشوارع، واستغلت حركة طالبان هذه الفرصة وقالت "لقد اختفى الفقر والأطفال العمال والمتسولون من المجتمع".