لمياء لطفي: هدفنا خلق أجيال جديدة تنظر للمجتمع بعيون نسوية ولا تقبل المساومة على حقوق النساء
بات الاحتفال باليوم العالمي للمرأة قريب، وللمنظمات النسوية دور فاعل في التعامل مع قضايا المرأة وكذلك الاحتفاء بها
أسماء فتحي
القاهرة ـ ، وهناك عدد من التساؤلات تتبادر للأذهان بمجرد الحديث عن هذا الاحتفاء وأهمها حجم تأثير ذلك على النساء وما تم إنجازه في قضاياهن خلال عام مضى، والمستهدف في العام الجديد.
وكالتنا أجرت حوار مع مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي، لتطلعنا على أبرز أعمال المؤسسة للثامن من آذار/مارس المقبل، وكذلك المشاريع التي عملت عليها خلال العام الماضي.
البعض يرى أن هناك اختلاف يحدثه انخراط المرأة في العمل على قضاياها من خلال المؤسسات أو الأحزاب أو الجمعيات... فما الفارق الذي تلمسينه بين المرأة المنظمة وغيرها؟
الفرق يرتبط إلى حد كبير بدرجة الوعي، فالتنظيم عادة ما يكون على مطالب محددة فالأحزاب على سبيل المثال لديها أهداف وتتطلع للمشاركة في الحياة السياسية ومشاركة المرأة بها أو بالتنظيم الذي تراه أنسب لها سواء كان نقابي أو في تجمعات أخرى يكسبها الكثير من الوعي الخاص بالقضايا التي تعمل المجموعة عليها.
ولكل قاعدة استثناءات فتلك الفروقات لا يمكن التسليم بها أو تعميمها ففي بعض القضايا التي عملنا عليها لم يكن الأمر كذلك، ففي قضية التحرش الجنسي الجماعي التي حدثت مؤخراً في المنصورة على سبيل المثال وجدنا ما قالته أمينة المرأة في أحد الأحزاب من تصريحات مهينة للفتاة.
والمثال المذكور يجعل الفرق بين المرأة المنظمة وغير المنظمة في بعض الأحيان يتلاشى نتيجة عدم قدرة بعض النساء على اكتساب الوعي أو مبادئ ما ينتظمن لأجله ولا يمكننا القول إن النساء داخل التنظيمات بالضرورة قد اكتسبن الوعي الكافي.
كما أن بعض النساء لا ينخرطن في التنظيمات بقرار واعي مرتبط بوقتهن وظروفهن أو لأنهن لم يجدن التنظيم الذي يعبر عنهن، وهو أمر ليس بالضرورة أن يفصلهن عن الواقع حيث تبقى لديهن وجهة نظر فيما يدور حولهن من أحداث.
وواحد من مكاسب التواجد في التنظيمات يكمن في القدرة على الانخراط في المناخ العام وما ينتج عن ذلك من متابعة مختلف أوجه الحياة المحيطة بهن على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، وكذلك القدرة على التعبير عن الرأي دون خوف من تبعاته، فضلاً عن سهولة وصولهن للأماكن التي تتيح لهن التعبير عن آرائهن دون قيد.
نحتفل كل عام باليوم العالمي للمرأة... هل ترين أن لهذا الاحتفاء الدولي تأثير إيجابي على النساء وقضاياهن؟
نعم هناك تأثير، فهو يوم تتذكر فيه النساء أنفسهن ويبحثن عما يستحقنه ويرغبن به، ويفكرن في مستقبلهن المرتقب ويحددن أهداف وقضايا يعملن على تحقيقها في عامهن الجديد.
ولهذا اليوم أهمية أخرى حيث يجعل العالم ينظر لأدوار النساء خارج وجودهن الأسري، لتظهرن قدراتهن وأهمية مشاركتهن في القطاعات المختلفة اقتصادية كانت أو سياسية أو ثقافية.
ويعد اليوم العالمي للمرأة من كل عام وقت محدد تجتمع فيه النساء على مطالبهن في وحدة ضمنية تجعلهن قادرات على تخطي الأزمات التي تتعرضن لها وتضغطن أيضاً من أجل قضاياهن وأهدافهن.
مع اقترب اليوم العالمي للمرأة... هلا أخبرتنا ببرنامج عمل المؤسسة للاحتفاء به؟
عادة ما تنطلق فعليات المؤسسة باليوم المرأة العالمي من يوم الـ 8 من آذار/مارس وحتى 16 من الشهر ذاته وهو يوم المرأة المصرية، لدينا الكثير من الفعاليات واللقاءات على قائمة البرامج والمشاريع التي نستهدف العمل عليها بالتزامن مع هذا اليوم.
ففي 8 أذار/مارس، سنطلق منصة حول قانون الأحوال الشخصية، وهناك فعاليات مرتبطة بمشروع قانون العنف الموحد الصادر عن مؤسسة المرأة الجديدة ومجموعة من المنظمات الأخرى. كما لدينا فعالية ترتبط بمشروع تجريم زواج القاصرات والحفل الختامي الخاص به واستعراض ما تم إنجازه خلال مدة العمل عليه.
وخلال تلك المدة سنحتفل بوصول المرأة للقضاء بمجلس الدولة؛ لأن مؤسسة المرأة الجديدة واحدة من المنظمات التي عملت على هذا الملف وهو مكسب هام يستدعي الاحتفاء به.
ما هي المشاريع والبرامج التي عملت عليها مؤسسة المرأة الجديدة خلال العام الماضي؟
عملنا خلال العام الماضي على مجموعة من القضايا ومنها زواج القاصرات والسبل التي يمكن اتباعها للتعامل مع الثقافة المتجذرة في المجتمع المرتبطة بتزويج الأطفال. كما قمنا بالعمل مع شابات وأطفال يبلغون ما دون الثامنة عشر عاماً، واستخدمنا الفن وهي خطوة جديدة للمؤسسة فلم نقم بالعمل مع هذه الأعمار مسبقاً.
وخلال العامين الماضيين عملنا مع مكاتب المساندة وهي أيضاً واحدة من الخطوات الجديدة التي تقوم بها المؤسسة، من خلال الحالات التي تطلب الدعم، وقمنا بعمل خريطة للجهات التي يمكن التعاون معها بشأن الحالات التي ترد إلينا ومنها توفير دور آمنة للنساء وتقديم الدعم النفسي والقانوني ومراكز الحماية المختلفة في المحافظات.
حصلنا أيضاً على موافقات على عدد من المشاريع وكان منها الدعم المؤسسي التي قمنا من خلاله على إعادة بناء إمكانيات وقدرات المؤسسة وفريق عملها.
ونعمل أيضاً في المؤسسة على الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية 190 وعقدنا أكثر من لقاء إقليمي ووطني خاص بها فهي معنية بممارسة العنف في جهات العمل، والحكومة وقعت عليها منذ عامين ولكنها لم تصادق عليها حتى الآن ونحن نضغط من أجل التصديق عليها لما لها من تأثير إيجابي على النساء في أماكن العمل المختلفة وهناك بالفعل حالات تعاني من تبعات تلك الممارسات ومنها ما حدث مؤخراً ورصدناه بشأن تعرض صحفية للتهديد والضرب في مكان عملها وغيرها من الحالات.
وناقشت مصر تقرير "سيدا" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ونحن نعمل على متابعة تنفيذ التزامات مصر وفقاً لتقريرها الأخير فضلاً عن متابعة مطالب اللجنة المتمثلة في تغيير حزمة القوانين والممارسات الخاصة بالمرأة.
تتخذ الحكومة المصرية خطوات إجرائية على أرض الواقع ومنها وحدة العنف التي تم تشكيلها مؤخراً... هل ترين أن تلك القرارات فعالة أم أنها مجرد محاولة لتبييض الوجه أمام المجتمع الدولي؟
هناك تغيير يحدث بالفعل على أرض الواقع لا يمكن إغفاله بأي حال ربما كان بطيئاً وهذا طبيعي بالنسبة للتغييرات الاجتماعية، لأنها عادة تواجه ممارسات راسخة وقديمة وعادات وتقاليد توارثتها الأجيال المختلفة، إلا أن إغفال ذلك الحراك وإنكار حدوثه محبط للغاية ويضرب بعملنا لسنوات عرض الحائط.
وأرى وأتابع خلال الفترة الأخيرة أن مؤسسات الدولة وبخاصة النيابة العامة تعمل في خطوات جيدة جداً على متابعة القضايا، ورغم أن هناك إشكاليات لا أتوقع أن تتغير عاجلاً، إلا أن التحرك على قضايا باتت وتيرته أسرع بمراحل مما كانت عليه في الماضي.
وهناك خطوات تحدث الآن لم تكن بالفعل موجودة إطلاقاً ومنها التحرك على القضايا التي تثار عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى وإن لم تتوجه الضحية للتبليغ عنها رسمياً، كما تم إنشاء وحدات عنف في أربع محاكم بمصر، وحصلنا على حكم لواحدة من الناجيات من خلال إحداها بمحافظة الفيوم.
الا أن ذلك لا يمنع الحاجة لتغيير بعض القوانين التي لازالت على أجندة الدولة ولم تناقش بعد إلا أن الواقع يتغير تجاه عدد من القضايا وبخاصة العنف.
هناك عدد من القضايا تفرض زخم محلي حولها منها التحرش والابتزاز الالكتروني والتعنيف بمختلف ألوانه وخاصة في أماكن العمل... فكيف تتفاعلون مع هذه القضايا؟
عملنا غير مقتصر على القضايا التي تهتم بها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وجانب منه لا يعلم عنه الكثيرون ومنه على سبيل المثال الاغتصاب فلنا أجندة قديمة نعمل وفقاً لها بغض النظر عن عرض تفاصيل القضايا من عدمه؛ لأن للحفاظ على سرية بيانات الناجيات الألوية لدينا.
وهناك قضايا تتطلب الضرورة خلق حالة من الزخم والنقاش حولها سواء على مستوى الأشخاص أو المجتمع كالتعرض للعنف على إثر خلع الحجاب أو اجبار الفتيات على ارتدائه لأن تلك القضية تعني بالفعل للكثيرات ونحتاج لتنمية الوعي المجتمعي حولها بجانب دعم ضحاياها.
ولا يمكن إغفال دور مواقع التواصل الاجتماعي في خلق حالة الزخم حول القضايا ودعمها فكم من قضايا لم يكن في الحسبان أن يصدر قرار بشأنها أو إلغاءه وتم ذلك بفضل الإجماع عليها.
تاريخ طويل من العمل على قضايا النساء وأجيال سلمت غيرها زمام الأمور... حدثينا عن مؤسسة المرأة الجديدة في سطور؟
نحن نعمل منذ عام 1984 وهو زمن طويل بنيت خلاله الكثير من الأفكار، وتحقق جانب ليس بالقليل من المأمول وتم خوض العديد من القضايا والعمل على تحويل بعض الأحلام إلى واقع ملموس يدعم وجود المرأة في المكانة التي تستحقها ويزيل الكثير من العوائق التي تعرقل خطواتها.
بدأت المرأة الجديدة بأفكار لمجموعة من الشابات في السبعينيات تحولت لمؤسسة تدعم تسليم القيادة للأجيال الجدد وهو أمر تميزت به عن غيرها، والمؤسسة تسعى للحصول على حقوق المرأة كمجموعة منذ عام 1984، وتم تسجيلها كمؤسسة في عام 2004، وأنا عملت معهم منذ عام 2001، حينما قررت مجموعة العمل بها عقد منتدى للشابات استهدف خلق نسويات جدد للحركة وهو جانب من إيمان فريق العمل بتعزيز قدرات أجيال جدد ترى المجتمع بعيون نسوية.
وتميزت المؤسسة طوال الوقت بالعمل على كسر التابوهات المحرم الحديث عنها أو الاقتراب منها بسبب تعقيد الأمر على الصعيد الاجتماعي، ومنها الحديث عن الختان في البدايات، وقضية العنف الذي كان يعد الحديث عنه في وقت ما فضح وإساءة.
وتعمل المرأة الجديدة تحت شعار "لا مساومة على حقوق النساء"، ونرى دائماً أن قضايا النساء أولوية يجب العمل عليها من جميع المهتمين ولا يجب الاستهانة بها أو المساومة عليها أيا كانت المستجدات والأوضاع القائمة.