لماذا لا تتفاعل المرأة في ليبيا مع الأحداث المحيطة بها؟
في ظل ارتفاع أصوات النساء في العديد من الدول للمطالبة بحقوقهن، إلا أن الليبيات لم تخرجن لو مرة واحدة في مظاهرة سلمية تنديداً أو تضامناً أو حتى دعماً لحدثٍ ما، فهل انخفض سقف الحريات لديهن؟، أو أنه خوفاً مما سيحل بهن إذا ما بادرن بذلك؟
ابتسام اغفير
بنغازي ـ يضج العالم المحيط بليبيا بأحداث كثيرة ومتسارعة حول ما تعانيه النساء من اضطهاد وقمع لحرياتهن، ويتردد صدى ما يحدث في دول عدة، حيث شهدت العديد من البلدان حملات تضامن من قبل النساء في مظاهرات واعتصامات وحتى بيانات تنديدية، إلا أن ليبيا استثناء فلم تخرج نساءها للتضامن مع غيرهن في العالم.
تقول الناشطة النسوية إيمان حسن القطروني "للمرأة دور مهم وفعال في بناء المجتمع، وقد احتلت مكانة عالية في ليبيا فهي الوزيرة، والمديرة، والمؤسسة، وانخرطت في معظم المجالات".
وأوضحت أن الانسداد السياسي وانعدام الأمن وعدم الاستقرار والتحديات التي يواجهها الحكم وسيادة القانون والأطر القانونية الإشكالية التي لا تتماشى مع التزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان كانت من بين الأسباب التي أدت إلى قمع الحريات، وعدم القدرة على التعبير عن الآراء سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي.
وأشارت إلى أن التعبير عن الرأي والمطالبات تقتصر على بعض المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا يتعدى وصولها إلى الأصدقاء على هذه المواقع، مشيرةً إلى أنه حتى عبر المواقع التواصل الاجتماعي تم تقييد حرية الناشطات والحقوقيات.
وتعتبر الليبيات من أبرز الفاعلات في المجتمع، فهن قد تواجدن في قائمة هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي كأفضل 100 امرأة مؤثرة على مستوى العالم، وكذلك ترشحن لجائزة نوبل للسلام، بالإضافة إلى وجودهن في قائمة 50 امرأة في القارة الأفريقية، كما أوضحت إيمان القطروني، لافتةً إلى أنه بالرغم من ذلك لا زلن تواجهن القمع.
وحول إذا ما كان الانشغال بالشأن الداخلي هو الذي منع النساء من التفاعل مع ما يحيط بهن من قضايا حساسة دولية تقول إيمان القطروني "الوضع الليبي زخم وغني جداً بسبب المشكلات الداخلية سواء أكانت القبلية، أو الاجتماعية أو الاقتصادية التي يمر بها الليبيون ككل والنساء بشكل خاص، كل ذلك بالتأكيد يؤثر على النساء ويشتت أفكارهن، فما تعاني منه البلاد غطى على كل الحريات والمساحات الموجودة، فنحن كنساء نمر بضغوطات مختلفة تجعل من شأننا الداخلي عبء علينا".
وحول عدم خروج النساء في تحركات ونشاطات على أرض الواقع تنديداً بما تتعرضن له من انتهاك لحقوقهن، تقول "يحكمنا كنساء في ليبيا العرف فنحن شعب محافظ، بعض الأسر الليبية تقيد حرية نسائها وخاصة فيما يتعلق بالاختلاط مع الرجال في هكذا تجمعات، ومن منظور آخر تعاني الناشطات والحقوقيات من انعدام الأمان، إثر الانفلات الأمني، فهن تخشين على حياتهن في حال خروجهن في اعتصامات".
وأكدت على أن "المرأة لا تستطيع إيصال صوتها إن كانت بمفردها، خاصة فيما يتعلق بالوضع السياسي، فعندما شاركت النساء في ثورة 17 فبراير وتواجدت في الصفوف الأمامية تعرضت العديد منهن لخطر الملاحقة والعنف والقتل".
وأضافت "بعد عام 2015، لم تعد الليبيات تنادين بحقوقهن بأصوات موحدة، فالمطالبات أصبحت فردية، لذلك من خلال هذا المنبر ادعوا النساء في ليبيا أن تتحدن وتتضامن وأن يكون لهن كلمة واحدة للانتقال بالمرأة لمستقبل أفضل في ليبيا".
من جانبها تقول الناشطة النسوية مي منصور العقوري أن "طبيعة المجتمع الليبي المغلقة جعلت المرأة دائماً عرضة للانتقاد، خاصة أثناء خروجها في اعتصامات أو مظاهرات، على الرغم من أن المرأة الليبية في فترات سابقة قد ساندت الثورة الجزائرية، وتضامنت مع انتفاضات كل من لبنان وفلسطين".
وأوضحت أن "ظهور التيار الإسلامي المتشدد بعد أحداث فبراير عام 2011، زاد النقد والتقييد على المرأة في ليبيا وحريتها، وطبيعة مناصرتها لبعض القضايا الهامة، تجلت في عدم الخروج وتنظيم اعتصامات أو تجمعات نسوية كبيرة، لخوفها مما سيحدث لها لاحقاً، مثلما حدث مع النساء أثناء خروجهن في اعتصامات ومظاهرات عام 2011، إذ تم تجاهلهن وإهمال مطالبهن، ونتمنى أن يكون الغد أفضل لهن وأن تتحلين بالشجاعة لدعم قضاياهن وقضايا النساء في العالم".
ولفتت إلى أن "كل ما ذكرته سابقاً أدى إلى انكماش المرأة على نفسها، واهتمامها بقضاياها المحلية المتراكمة جراء الحرب والنزاعات المسلحة، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة".
فيما تقول عضو حركة المستقبل الليبية كاملة الورفلي "لازال ينقص المرأة الليبية الوعي بخطورة ما يحدث في محيطها سواء العربي أو العالمي أو حتى المحلي، فما يحدث في إيران الآن قد يحدث في ليبيا، وهذه قضايا تمس المرأة سواء أكانت إيرانية أم ليبية أو غيرها.
وأكدت على أن "قلة الوعي هو ما يجعل المرأة بعيدة عن التفاعل أو اتخاذ موقف حول ما يحدث حولها من قضايا تمس المرأة بصفة خاصة، قد تعبر الليبيات عن رأيهن الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول اضطهاد المرأة في العالم، ولكن أن تقوم بطرح رأيها بشكل فعلي مثلاً كاعتصام أو مظاهرة إلى الآن أراها لا تملك الشجاعة للقيام بذلك خوفاً من عاقبة الاغتيال أو الخطف".
إلا أن الناشطة النسوية صباح العبيدي تخالف سابقتها في الرأي "المرأة الليبية واعية، فهي على دراية بما يحدث في محيطها الدولي من قضايا تمس النساء مباشرةً، ولكن الشأن الليبي صاخب جداً ومليء بالقصص والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولذلك اهتمامها بالشأن الداخلي هو ما جعلها تنصرف عن الاهتمام بما يحدث في محيطها".