لأول مرة في اليمن... تعيين 8 قاضيات من نساء في عضوية المحكمة العليا

نتيجةً لجهود طويلة وعمل دؤوب من قبل النساء في سلك القضاء، صدر قرار بتعيين ثمان قاضيات في المجلس الأعلى للقضاء، بعد أن حُرمت من هذا الحق المرأة سنوات طويلة.

رانيا عبدالله

اليمن ـ  بالرغم من وجود المرأة اليمنية في القطاعي العام والخاص بشكل كبير، ورغم جهودها الكبيرة، إلا أن وجودها أقتصر على تعيينها في المناصب الأدنى على عكس الرجل الذي دائماً يتولى المناصب القيادية ويتم إقصاء المرأة منها، رغم أحقيتها وأهليتها لتولي هذه المناصب، في عدد من السلطات سواءً السلطة المحلية أو السلطة القضائية أو أي سلطات أخرى.

أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي في 5 سبتمبر/أيلول، مرسوماً قضى بتعين 40 قاضياً في عضوية المحكمة العليا بينهم 8 قاضيات، وهن "سلطنة محمد سيل عبيد، وإكرام أحمد حسين العيدروس، وأحلام محمد أحمد مقبل، ونبيلة أحمد محمد حسن، وفاطمة علي صالح اللحجي، وكفاح سعيد عوض أحمد، واتحاد محسن علوي فريد، وكفاح محمد منذوق عوض".

 

جهد 40 عاماً

قالت القاضية في المحكمة العليا إكرام العيدروس "جاء هذا التعيين نتيجة عمل أستمر٤٠ عاماً في القضاء تدرجت فيه من المحاكم الابتدائية حيث كنت قاضي في محكمة صيرة ثم قاضي في محكمة المنصورة وكذا قاضي في محكمة التواهي (الميناء) في مدينة عدن جنوب اليمن".

ترأست القاضية إكرام العيدروس محكمة الأحداث من العام 2005 حتى العام 2009، كما ترأست محكمة الضرائب في العام 2009 حتى العام 2017، ثم تدرجت للعمل في محكمة الاستئناف في العام ٢٠١٧ هذا العمل والخبرة على مدى 40عاماً مكنها من الوصول إلى منصب أعلى درجات التقاضي، وهي المحكمة العليا بموجب القرار الرئاسي ١٥٥ لعام ٢٠٢٣.

وبينت أن "تعيين 8 نساء قاضيات من أصل 40 قاضي أي بنسبة 20% مقارنة بالتعيينات السابقة يعد نتيجة أفضل، ونأمل الاستمرار لتعزيز مشاركة المرأة في الهيئات القضائية العليا ومراكز صنع القرار".

‏وعن أهمية تواجد العنصر النسائي في المحكمة العليا تقول "تواجد النساء كقاضيات في المحكمة العليا يساعد في دعم وتفاعل الجهاز القضائي مع قضايا العنف ضد المرأة وردم الفجوة في السلطة القضائية بحيث يناصر المرأة ويحل قضاياها".

وأضافت "يعتبر هذا التعيين مساهمة لرفع أداء الجهاز القضائي لأن المرأة القاضية حريصة على الانتظام بمقر عملها في المحاكم وكثير من تقارير هيئة التفتيش القضائي قد شهدت على كفاءة المرأة القاضية وكذا على حسن أداء الواجبات المناطة بها كقاضي".

هذه التعينات ستساهم بشكل كبير في التحاق الفتيات بالمعهد العالي للقضاء، حيث تعتبر نسبة التحاق الفتيات بالمعهد العالي للقضاء قليلة جداً مقارنة بعدد الذكور بحسب القاضية إكرام العيدروس "نتطلع إلى تواجد نسبة أعلى في القبول والتسجيل بالمعهد، وربما هذا العام يكون الأفضل بالنسبة إلى الأعوام السابقة في التحاق الفتيات بمعهد القضاء".

وترى أن أبرز المعوقات التي تواجه القاضيات هي حرمانهن من فرص التأهيل والتدريب المستمر لتمكينهن من بناء قدراتهن في هذا المجال وربطهن بالتطورات الحديثة في عالم التكنولوجيا.

وأكدت على أهمية إشراك المرأة القاضية في مراكز صنع القرار المتمثل في مجلس القضاء الأعلى وفي رئاسة دوائر المحكمة العليا وفقاً للاتفاقيات الدولية والتي تنص على القضاء على التمييز ومخرجات الحوار الوطني وقرار رئيس مجلس الوزراء للعام 2014 بشأن تمثيل النساء بما لا يقل عن 30% في مراكز صنع القرار.

 

ترحيب واسع

ورحبت النساء بهذه الخطوة الهامة، حيث قالت الصحفية نعمت عيسى إن "مشاركة النساء في المجال القضائي في الفترة الأخيرة يعزز الحقوق الخاصة بالمرأة بموجب القوانين الدولية، وذلك لعدم وجود أي شكل من أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي ضدها في بعض الأعمال وخصوصاً القضاء".

وأضافت "مشاركة المرأة الأخيرة داخل المنظومة القضائية والقرارات التي تحصلت عليها جسدت ماهية التنوع القضائي اليمني وتنفيذه (قضاء جندري)، وذلك لصنع القرار القضائي العادل بشقيه وخاصة القضايا المتعلقة بالمرأة كون أن هناك العديد من الأفراد يرون أنه بمشاركة المرأة في السلك والمنظومة القضائية والمساواة بينها وبين الطرف الآخر من الرجال يضمن تحقيق العدل بشرط أن تتوفر منظومة قضائية قائمة على المساواة بين الطرفين في اليمن".

وترى بأن التعيينات الأخيرة للنساء في اليمن ودخولهن مضمار القضاء خطوة إيجابية تساعد في تحقيق طموحات المرأة اليمنية في ميزان العدالة المهنية وتضمن من خلالها مساحات متزنة في كفوف ميزان العدل في القضاء اليمني خصوصاً في هذه المرحلة التي تمر بها اليمن والمتغيرات التي فرضت على النساء منذ ٢٠١٥ وحتى الآن.

 

خطوة إيجابية

من جهتها باركت الناشطة الحقوقية مسك المقرمي رئيسة جمعية كفاية هذه التعينات على النساء القاضيات "هذا التعين يدل على أن النساء ناضلن وجاهدن فترة من الزمن وهن الآن تحصلن على بوادر النجاح في عملية التعين، وأن البوصلة تعمل على العودة إلى مسارها الحقيقي بتولي المناصب القيادية للنساء فهي تعمل على المساواة وهذا البند لابد من وجوده في عملية السلام الحقيقي بتولي المناصب القيادية للنساء، ويعمل ليضمن وجود العدالة والمساواة الحقيقية في العمل".

وأوضحت أن "هذه التعينات تعتبر خطوة إيجابية في تولي النساء المناصب القيادية وهذا يدل على وجود نسبة كبيرة من النساء اللواتي تنتظرن مثل هذه القرارات لإشراكهن في عملية السلام وإشراكهن في عملية السلطة الحقيقية".

 

 

استحقاق

وعبرت مستشارة مكتب التربية والتعليم في مدينة تعز هدى الحيدري عن تفاؤلها وسعادتها بهذه التعينات قائلة "التعيين خطوة إيجابية توجت به نضالات المرأة منذ ثلاث عقود، فهي تناضل من أجل أن تدخل في السلك القضائي وهذا التعيين سيعزز ثقة النساء ويشجعهن أن تلتحقن بدراسة القضاء بنفس الوقت سيكون هناك أثر إيجابي على المجتمع اليمني، فالمرأة التي ظُلمت أو انتهكت حقوقها ستذهب إلى المحكمة للحصول على حقوقها لأنها ستجد هناك امرأة مناصرة لها وستستطيع أن تطرح قضاياها في مجتمع يسيطر عليه ثقافة العيب والعادات والتقاليد المسيطرة على الوعي الثقافي، إلى جانب خوف المرأة من طرح قضاياها لكن عند تواجد قاضيات ومحاميات وحقوقيات أمام المرأة هي التي ستسمع وتترافع عنها وهذا مشجع للمرأة لتناضل وترفع عن نفسها الظلم الجائر".