لا تصالح مع المعتدين جنسياً على النساء فـ "المغتصب مكانه السجن"

شهدت الفترة الأخيرة زيادة في معدل التحايل على الموقف القانوني من المغتصب نتيجة الضغط على بعض الضحايا من أجل الصلح، وهو الأمر الذي جعل ناشطات نسويات تطلقن حملات مناهضة فضلاً عن التدوين ضده تحت هاشتاغ "المغتصب مكانه السجن".

أسماء فتحي

القاهرة ـ واحدة من أسوأ القرارات التي قد تقضي على الضحية هو تزويجها من مغتصبها، لتتعرض لفعل أبشع مما حدث لها رغماً عن إرادتها، فضلاً عن الإهانات التي قد تعاني منها طوال عمرها إن لم يكن من المجرم الذي تحيا بكنفه فمن المؤكد أنه من ذاتها الكارهة لهذا المعتدى وأن اضطرت إظهار عكس ذلك.

هذا الصراع المخيف الذي يسيطر على كل ضحية قد يصبح المجرم الذي سلبها حريتها وحقها في الحياة زوجها لمجرد أن هناك من يرى في ذلك سترة لها وعفة يجعل الواقع مؤلم ومزعج لمستوى يعجز الشخص السوي عن تصوره، لتصبح فريسة أبدية لمغتصبها يفعل بها ما شاء تحت دعوى "السترة" الوهمي.

والوقائع الأخيرة جعلت عدد من الناشطات النسويات والمهتمين بقضايا المرأة بشكل عام يقومون بإطلاق دعوات حملت عناوين متنوعة منها أن "المغتصب مكانه السجن وأخرى تطالب بوقف التصالح مع المغتصبين باعتبارهم مجرمين" محاولين إظهار حجم الكارثة التي تحدث بالتصالح والتطبيع مع الاعتداء على النساء.

 

رغم إلغاء القانون فالواقع مازال مختلفاً

قالت مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي، أن مصر ألغت القانون الذي يسمح بسقوط الأحكام الصادرة على المغتصب في حال زواجه من ضحيته في عام 1999، إلا أن المحاكم تشهد تحايل واضح على هذا الأمر.

وأوضحت أن الأزمة تكمن في تأثير ذلك المسار على قناعات القضاة الذين يرون في زواج الفتاة مكسب عن التضحية بها في هذا المجتمع الذي قد يسلبها حق الحياة نفسه بعد تعرضها لتلك الجريمة البشعة لإدانتها مع الجاني أيضاً.

وأشارت إلى أن التطبيع مع الأمر يبدأ من السماح للمجنى عليها وأهلها بتعديل الأقوال في النيابة وبناء على ذلك يتم التصالح مع المعتدي وكأن شيئاً لم يكن، مؤكدة أنه رغم توافر جميع أركان الإدانة من طب شرعي وشهادة شهود وغير ذلك لكن يسمح للضحية بتغيير أقوالها متحججة بأي سبب، علماً بأن الجميع يعلمون أنها كذبة هدفها التصالح مع المغتصب.

 

وقائع متتالية مثيرة للغضب واستدعت الوقوف لمواجهتها

كشفت لمياء لطفي أن الوضع العام يتجه نحو الأسوأ في تلك القضية على وجه التحديد، وأن هناك عدد من الوقائع المتتالية أثارت حفيظة الجميع تجاه التصالح مع المغتصب والتعامل معه وكأنه لم يفعل شيئاً يستحق العقاب عليه والسجن.

وواحدة من الوقائع بحسب لمياء لطفي، قيام صحفي بالإعلان عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بأنه يشارك في تزويج مغتصبة، وأن هذا يعد "سترة" للفتاة ومن يستطيع المساهمة بشيء يمكنه فعل ذلك جامعاً تبرعات من أجل تزويجها، لافتة إلى أن المغتصب قام بجريمته ويتم جمع تبرعات له فوق ذلك لإتمام الزيجة.

وأضافت أن الواقعة التالية كانت قيام المحكمة بناء على طلب من المحامي بتأجيل البت في قضية اغتصاب لحين صلح المجني عليها والجاني وأنهم سيتزوجون، وهنا اهتم القاضي بتسجيل الموقف معتبراً أن العنصر الأهم في تلك الواقعة تتمثل في تحديد المؤخر والمهر وكأنه يدفع مقابل جريمته وهو الأمر الذي يعود بالحركة النسوية للوراء سنوات طويلة.

 

الأسباب التي تدفع لتزويج الضحية من مغتصبها

هناك العديد من الأسباب تؤدي لزواج المجني عليها من المغتصب ومنها أن المجتمع لا يعترف بأنها ضحية وأن من يقوم بذلك عليه سترها ومن ثم تنتهى الأزمة عند التصالح وكأن شيئاً لم يكن.

وأكدت لمياء لطفي، أن هناك تطبيع مجتمعي مع قضايا العنف الممارس على النساء وقبول غير مفهوم له، وذلك يرجع لطبيعته في لوم الضحية وإدانتها مع التبرير للمجرم مهما كانت فعلته.

وبدورها اعتبرت مؤسسة مبادرة سوبر وومن آية منير، أن الرجال يتقاربون مع جرائم بعضهم البعض، فالأزمة تكمن في أن المجتمع الرجعي يمارس سلطته الأبوية على المرأة لذلك نجده عادة ما يدين الضحية، ويحملها نتيجة أخطاء المجرمين بدلاً من دعمها ومساندتها في موقف إجرامي واضح لا غبار عليه ولكنه غير مرأي لذكوريتهم.

 

بيان نسوي رافض لتزويج الضحية من مغتصبها

أصدرت المجموعات النسوية بيان اعتراضي على المنشور الذي انتشر لجمع التوقيعات من أجل تزويج ضحية من مغتصبها بموافقة عائلتها، مطالبين بفتح تحقيق عاجل في الجريمة لإنقاذ الفتاة من جريمة أخرى محققة، مع التحقيق ومحاسبة كل من ساهم وشارك ودعم هذه الجريمة، فضلاً عن ضرورة تدخل الجهات المختصة سواء كانت النيابة العامة أو المجلس القومي للمرأة أو الطفل في حالة كانت الفتاة قاصر.

وأضافت المجموعات النسوية في بيانها أنه لا تسامح مع جرائم الاغتصاب خاصة أن القانون المصري لا يعترف بتزويج الضحية من مغتصبها لإفلاته من العقاب، ففي عام 1999 تم إلغاء المادة (291) من قانون العقوبات والتي كانت تسمح بإعفاء المجرم المغتصب من العقوبة إذا تزوج ضحيته.