"كل امرأة"... معاهدة لحماية النساء من العنف والقضاء عليه

تعاني النساء في مختلف دول العالم من تفاقم معدل العنف نتاج مجموعة من الأسباب يعد أهمها عدم إلزام الدول باتخاذ إجراءات أكثر صرامة في تحجيم ذلك الأمر ومنع حدوثه.

أسماء فتحي

القاهرة ـ وضع النساء رغم الجهود المبذولة لازال يحتاج لمزيد من الدعم فهو لا يتطور بوتيرة سريعة نحو الأفضل، وهو الأمر الذي دفع بمجموعة من المهتمين بذلك الملف بالعمل على إيجاد آلية للتعامل مع العنف على وجه التحديد باعتباره أحد أهم الأزمات الآنية التي تواجههن.

بعد سلسلة من النقاشات من قبل مجموعة من المهتمين، تم الوقوف على ضرورة صياغة معاهدة جديدة لحماية النساء من العنف والقضاء عليه وملزمة للدول الموقعة عليها، وتم الإتفاق على أن تكون تحت اسم "كل امرأة".

ويسعى القائمون على إعداد المعاهدة، لتحصل على موافقة 20 دولة ليكون بإمكانهم التقدم بطلب للأمم المتحدة من أجل اصدارها وتم البدء في طرح الفكرة عام 2014، ومنذ ذلك الوقت يتم تبادل النقاشات والأفكار بين المهتمين لجذب مزيد من الأفراد والمؤسسات والحكومات إليها، وقبل أيام تم الإعلان عنها في مصر بمشاركة مجموعة من الفاعلين في الملف النسوي من خلال تقرير راصد لحالة العنف وما آلت إليه الأوضاع.

ومعاهدة "كل امرأة" كما يتضح من اسمها فهي معنية بجميع النساء في مختلف أنحاء العالم وتستهدف ايجاد صيغة وسطية تضمن حقوقهن بلا تمييز لا تختلف في محتواها الداعم للنساء عما يلبي احتياجاتهن، كما أنها تدرس أوجه القصور في معاهدة "سيداو" لتحقق العدالة وتقضي على التمييز المبني على النوع الاجتماعي بصورة أقرب للتنفيذ وأكثر فاعلية خاصة في ظل الأجواء التي باتت تفرض ذلك الملف على طاولة المسؤولين بمختلف البلدان.

 

"كل امرأة" تحتاج لدعم وحسم في قضية العنف

قالت الدكتورة غادة همام المهتمة بقضايا المرأة في مصر لأكثر من 30 عام، إن التفكير في معاهدة "كل امرأة" انطلقت في البداية من قبل مجموعة من الناشطات النسويات في عدة دول عام 2014 "رغم كل الاتفاقيات الموجودة بما في ذلك الاتفاقية العالمية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، إلا أن هناك زيادة في معدل العنف العالمي وهو الأمر الذي يحتاج لبحث أدوات والتزامات جديدة تلبي تطلعات كل امرأة".

وأكدت على أن عدد المنظمات المشاركة في معاهدة "كل امرأة" بلغت نحو 84 منظمة حتى الآن، فضلاً عن مشاركة نحو 1200 خبير من 128 دولة، مشيرةً إلى أن الفترة من 2014 حتى 2017 تعتبر مرحلة نقاشات وتبادل الأفكار مع عدد ليس بالقليل من الدول للوقوف على قرار العمل على إيجاد معاهدة جديدة أو إضافة مواد تجعل من "سيداو" أكثر فاعلية وتأثير أو حتى تضمينها للبروتوكول الاختياري ليصبح إلزامي بما يضمن العمل على إيجاد آليات لتقليل العنف الممارس على النساء.

وأوضحت أن "الدول لا تلتزم باتفاقية "سيداو" فبعضها على مدار 8 سنوات لم يقدم تقريره الخاص بآليات التطبيق على أرض الواقع"، لافتةً إلى أن "مسار النقاشات في مجمله اتجه نحو الاحتياج لاتفاقية جديدة لأن "سيداو" لم تعد كافية لإنهاء العنف ضد النساء، إن إصدار اتفاقية جيدة من الأمم المتحدة ليس أمر بسيط ويحتاج للكثير من العمل على الأرض لتنفيذه فواحد من أهم معاييرها تقدم 20 دولة بطلب لاستصدارها".

 

حالة العنف استدعت التفكير في أدوات حماية لكل امرأة

واعتبرت أن حالة العنف المرتفعة كانت وراء التفكير في المعاهدة، وعلى ذلك الوقوف على نواقص "سيداو" ليتم وضعها في الاتفاقية الجديدة ومنها الإلزام القانوني للدول باتخاذ الإجراءات الهادفة لوقف العنف ضد النساء، فضلاً عن تدريب ملزم للقائمين على تقديم الخدمات للنساء ليتم تحقيق تقدم في التعامل مع النساء خاصةً المعنفات سواء في المستشفيات أو الوزارات أو غيرها من الجهات الخدمية.

وأشارت إلى أن الدول بحاجة لتمويل بجانب إلزامها بالإنفاق على تقليل العنف ضد النساء سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، مضيفةً أن المنظمات الدولية يجب أن يكون لديها ميزانيات خاصة للعمل على هذا الملف.

وأوضحت أنه أصدروا تصور مبدأي لما يجب أن تشتمل عليه الوثيقة وخرجوا بمقترح في عام 2018، إلا أنهم لم يعدوا وثيقة المعاهدة حتى الآن لحرصهم على مشاركة أكبر عدد من الدول وبما في ذلك النساء خاصة المعنفات لتكون اتفاقية ملبية حقيقة لكامل احتياجاتهم.

 

أسباب التسمية ومستقبل المعاهدة القريب

وعن سبب تسمية الاتفاقية بـ "معاهدة كل امرأة"، أوضحت غادة همام، أن ذلك يرجع لرغبتهم في حماية النساء بمختلف دول العالم سواء في السودان أو الصين أو مصر أو السويد وأياً كان مستوى الدول المشاركة، مضيفةً أن هناك اتفاقيات إقليمية ومنها اتفاقية اسطنبول واتفاقية القاهرة وكل منها ملزمة بحماية النساء من العنف لنحو ثلث عدد سكان العالم ولكنها غير ملزمة لكل نساء العالم.

وأطلقوا الشكل المتوقع للوثيقة خلال 2018، ومنذ ذلك الوقت تتم مخاطبة الدول وممثليها في جنيف ونيويورك وتعقد معهم لقاءات كما أوضحت غادة همام، لافتةً إلى أنه هناك عدد من الدول جاهزة لدعم الاتفاقية قريباً، وتتوقع الحصول على موافقة 20 دولة لأن تلك الاتفاقية ستحمي جميع النساء في مختلف أنحاء العالم.

أما عن ثقافة العنف المختلفة من دولة لأخرى فأكدت على أن هناك اختلافات فعلية خاصة في الشرق الأوسط ومن المتوقع وجود تحفظات على بعض البنود ومنها بعض التبريرات المرتبطة بالدين، إلا أن تلك الحجج يمكن دحضها بسهولة، لافتةً الى أن أنماط العنف قد تختلف، إلا أن هناك منطقة واحدة يتم العمل فيها وهي المعايير الإنسانية ومعايير حقوق الإنسان.

 

وضع مصر بالنسبة للاتفاقية الجديدة

ولا يزال العمل في مصر في بدايته، ففي المرحلة الراهنة تم التواصل مع الخارجية المصرية ليتم التواصل مع ممثلي الدولة في جنيف والأمم المتحدة ونيويورك كما حدث في مختلف الدول التي تم التواصل معها، كما أوضحت غادة همام، مضيفة أن بداية النشاط في مصر كائت من خلال إطلاق تقرير تضمن نسب العنف وأيضاً متطلبات النساء للحد من العنف وسط احتفاء من المعنيين بذلك الملف.

ولفتت إلى أن التقرير الصادر حمل عنوان "الحماية الآن"، فضلاً عن فيديو توثيقي لبعض الحالات التي كانت تتحدث عن العنف كانطلاقة أولى على أساسها سيبدأ الوقوف على مدى دعم مصر للمعاهدة من عدمه.

 

"كل امرأة" تعتمد على الشهادات الحية

وعن النسب الخاصة بملف العنف والأرقام ومدى واقعيتها أكدت غادة همام على كونها تقريبية وليست دقيقة خاصة تلك التي تصدر عن الدول بشكل دوري وذلك نتيجة عدم الإبلاغ وقلة الاهتمام بهذا الملف، كاشفة أنه وحتى الآن مازالت توجد دول ترى أن تسجيل العنف درب من "العيب".

أما عن التقرير الصادر عن معاهدة "كل امرأة" أوضحت أنهم يعتمدون على الشهادات الحية في رصدهم لمن وقع عليهم العنف وكذلك آراء المواطنين حول الفجوة القانونية والتشريعية التي لم تنجح في حمايتهم وهو ما يدل على استمرار وجود عنف قانوني أو تشريعي تجاه النساء في بعض الدول.