خديجة الرباح: التعديل الحكومي جاء مخيباً للآمال

أُعيد الحديث عن المناصفة في المغرب إثر التعديل الوزاري الأخير وانتخاب أعضاء مكتب مجلس المستشارين، حيث ترى منظمات المجتمع المدني، أن مبدأ المناصفة لازال بعيداً عن التحقق على أرض الواقع.

 حنان حارت

المغرب ـ دعت الناشطة الحقوقية خديجة الرباح، لتفعيل الفصل 19 من الدستور المغربي الذي ينص على مبدأ المناصفة، واتخاذ التدابير اللازمة لتسريعه وتفعيله، لتحقيق مشاركة سياسية ودمج حقيقي لقضايا النساء في السياسات العامة والمشاريع التنموية.

شهد المغرب، أخيراً تعديلاً وزارياً موسعاً، حيث رُفع عدد وزراء الحكومة من 24 إلى 30 وزيراً، إضافة إلى رئيس الحكومة، وشمل هذا التعديل دخول 14 وزيراً جديداً، وخروج 8 وزراء، وحافظ 16 وزيراً على مناصبهم، وضمت الحكومة الجديدة 6 وزيرات، 3 حافظن على منصبهن، و3 أخريات جديدات، ليبلغ نسبة الوزيرات 20 % من إجمالي التشكيلة الحكومية.

وعلقت الحركات النسائية الحقوقية، آمالها على هذا التعديل الوزاري للرفع من عدد الوزيرات، حتى لا يظل عددهن محصوراً، لكن التعديل جاء مخيباً لآمالهن، بحيث واصل الوزراء الرجال الهيمنة على الحقائب الوزارية في الحكومة، فمن أصل 30 وزيراً، هناك 6 نساء فقط، كما عبرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، عن استيائها من غياب المناصفة في الهيكلة الجديدة للحكومة في نسختها الحالية.

وقالت الناشطة الحقوقية وعضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب خديجة الرباح "كنا ننتظر هذا التعديل الحكومي، لكنه جاء مخيباً للآمال ولم نصل لما كنا ننتظره، وهو أن تشكل النساء ثلث التركيبة الحكومية"، لافتةً إلى أنه لم يتم تفعيل المبدأ الدستوري الذي يؤكد على ضمان المساواة في الحقوق السياسية.

وطالبت بتفعيل مبدأ المناصفة، من أجل تمكين إيجابي للمرأة في الوصول إلى المؤسسات الحكومية، مشيرةً إلى أن الحكومة في نسختها الأولى كانت تضم ست وزيرات، وكان هناك أملاً في أن يزيد عددهن مع التعديل الحكومي، لكن ما لوحظ هو تغيير للوجوه النسائية بأخرى وظل العدد نفسه "ست وزيرات مقابل 30 وزيراً، حضور ضعيف، ولا تتجاوز نسبته الـ 20% وهذا أقل من الثلث، أي أنه لا يعد تفعيلاً للمناصفة".

وأوضحت أن سيرورة الهيكلة الجديدة للحكومة عرفت غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، إذ لم يتم تقديم أي تقرير حول دواعي التغيير وحول مؤشرات التقدم في قطاعات اجتماعية واقتصادية مهمة، كان وزراء ووزيرات قد تحملوا المسؤولية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات أي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر عام 2021.

وتساءلت خديجة الرباح عن أسباب هذا التعديل الحكومي الذي جاء خلال نصف الولاية 2021 ـ 2024، "أين تكمن المشكلة؟ هل في النتائج أو أن المبتغى كان هو تعديلٌ من أجل التعديل أو أن المشكلة في الأحزاب السياسية التي أرادت تقديم وجوه جديدة"، مستنكرةً غياب تمثيلية المستشارات البرلمانيات المغربيات عن مكتب مجلس المستشارين وغياب شبه تام عن رئاسة اللجان الدائمة ومختلف أجهزته عند تجديده لهياكله.

وتابعت "لقد عرف مجلس المستشارين هو الآخر نكسة وتراجعاً في تفعيل مبدأ المناصفة، حيث أفرزت نتائج انتخابات تشكيل هياكله برسم منتصف الولاية التشريعية 2021 ـ 2027، غياباً صارخاً وممنهجاً للنساء في مختلف الأجهزة"، مشيرةً إلى غياب النساء بشكل مطلق في كل من مكتب مجلس المستشارين ورئاسة المجموعات والفرق البرلمانية، وحظيت رئاسة اللجنة البرلمانية الدائمة بانتخاب امرأة واحدة فقط "لا وجود حتى لامرأة واحدة على مستوى المكتب المسير للمجلس، ومجلس المستشارين ورئاسة لجان المجموعات الموضوعاتية"، لافتةَ إلى أن نسبة النساء داخل مجلس المستشارين لا تتعدى 12%.

ودعت خدبجة الرياح الى تفعيل الفصل 19 من الدستور المغربي ، الذي ينص على مبدأ المناصفة "لن يتم تحقيق المساواة أذا لم تحترم ألية الناصفة "، مؤكدة على أن الوضع الحالي يحتاج الى مواصلة المسالة ومطالبة الحكومة المغربية بتقديم تقرير حقيقي حول تطور الحقوق الاقنصادية والاجتماعية ،

وذكرت أن الجمعية بصدد مراسلة الحكومة المغربية ومجلس المستشارين، من أجل مطالبتهم بتفعيل مبدأ المناصفة الدستورية "اليوم نطالب مجموعة من الاستفسارات لأنه لا يمكن الحديث عن تفعيل مضامين الدستور دون إعمال مجموعة من المبادئ وعلى رأسها مبدأ المناصفة".

وطالبت باتخاذ التدابير اللازمة لتسريع وتفعيل الدستور فيما يتعلق بالمناصفة في الولايات وهيئات الحكومة، وكذلك المساءلة وتحديد المسؤوليات وربطها بالمحاسبة بخصوص فعلية حقوق النساء وتفعيل توجهات النموذج التنموي الجديد، موضحةً أن "الطريق لا يزال أمامنا طويلاً لتحقيق المناصفة، حتى إن كان هناك تقدماً، فهو ليس بالطريقة والوتيرة التي نطمح لها كحركات نسائية في المغرب".

وأضافت "لا نريد تخصيص بعض المقاعد للنساء أو ضمان وجود عدد ما من النساء في مواقع صنع القرار أياً كانت، بل نهدف إلى تحقيق مشاركة سياسية متميزة، والتي تؤثر بشكل واضح على مؤسسات صنع السياسة في المغرب، لتحقيق دمج حقيقي لقضايا النساء في السياسات العامة والمشاريع التنموية"، مؤكدةً في ختام حديثها على ضرورة سن سياسة عمومية لتمكين سياسي حقيقي ليس بهدف القيام ببعض الإصلاحات الجزئية والطفيفة، وإنما لجعل مبدأ المناصفة واقعاً حقيقياً على مستوى المؤسسات المنتخبة.

والجدير بالذكر أن انتخاب هياكل مجلس المستشارين برسم النصف الثاني من الولاية التشريعية "2021- 2027"، تم في جلسة عامة خصصت لانتخاب مكتب المجلس ورؤساء اللجان الدائمة، وأسفر التصويت عن انتخاب مكتب المجلس مكون من 11 مستشار برلماني، و6 رؤساء لجان دائمة من بينهم رئيسة وحيدة للجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين بالخارج.