خدمات اجتماعية وإرشادات توعوية ودور إيواء أبرز إنجازات منظمة "أبعاد"

اختلفت نشاطات المنظمات والجمعيات المدافعة عن المرأة وحقوقها وتنوعت، لكن لمنظمة "أبعاد" رؤية متعددة الأبعاد والزوايا في مختلف الإشكاليات والحلول

كارولين بزي

بيروت ـ .
تتميز "أبعاد" باعتبارها الرجل شريك أساسي في تحقيق المساواة، كما استحدثت مراكز إيواء لاستقبال النساء وحمايتهن، وأطلقت حملة "صانعة أمان" لتسليط الضوء على دور المرأة في الأزمات. 
 
"الرجل شريك أساسي في تحقيق مبدأ المساواة"
عن منظمة "أبعاد"، نشاطاتها، أهدافها وانجازاتها تحدثت مديرة المنظمة غيدا عناني لوكالتنا وتقول "تأسست منظمة أبعاد في حزيران/يونيو من العام 2011، على فلسفة محاولة تقديم نموذج من المؤسسات المدنية، التي تحاول بالرغم من التحديات المحتملة أن تطبق ما تنادي به، أن تكون هذه المؤسسة نموذجية وتتعامل مع الإشكاليات بطريقة متعددة الابعاد والاختصاصات ولذلك تم إطلاق اسم أبعاد على المنظمة. أي أن لكل مشكلة أسباب متعددة وحلول متعددة، لذلك نعمل على أكثر من مستوى في نظامنا، إن كان بالوقاية إلى الإصلاح بالسياسات والقوانين والتدريبات، كما نعمل في الوقت نفسه على الخدمات المتخصصة بشكل عام، ونحاول منذ نشأتنا أن نقدم مقاربة مختلفة لمعادلة الشراكة الجندرية ومناهضة العنف ضد النساء". 
وتتابع "نعتبر في أبعاد أن الرجل عنصر أساسي لتحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين، ونعتبر أن الشرط الأساسي في معادلة المساواة هو وجود الطرفين، ونعمل مع الرجل لتحقيق هذا الهدف". 
 
"خلال مرحلة الإقفال العام حافظنا على تقديم الخدمات والمساحات الآمنة للنساء"
على مدى عام ونصف العام أي منذ انتشار وباء كورونا، كثفت منظمة "أبعاد" نشاطاتها ولو عبر اللقاءات الافتراضية، وتوضح غيدا عناني ذلك قائلةً "أبرز ما حاولنا الحفاظ عليه خلال هذه المرحلة هو الاستمرار بتقديم الخدمات المتخصصة لصاحبات الحقوق، للناجيات من العنف بشكل أساسي، سواء عبر المراكز المفتوحة والمساحات الآمنة للنساء والفتيات، التي تقدم حزمة خدمات متكاملة ومتخصصة للضحايا من خدمة اجتماعية، استشارات قانونية، تمثيل أمام القضاء، الطب الشرعي والتقييم والعلاج النفسي والأنشطة الجماعية حتى لو كانت افتراضية. كما نظمنا جلسات توعية للنساء عبر الواتساب، بهدف تقديم رسائل وقائية، وأيضاً شكلنا مجموعات دعم ذاتي عبر الواتساب لنحرص ألا تقع النساء بعزلة تزيد من احتمالية تعرضهنَّ للعنف وخاصة خلال مرحلة الإقفال العام وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها. بالإضافة إلى الاستمرار بتقديم الخدمات للنساء المعرضة حياتهنَّ للخطر في مراكز الايواء الآمنة النموذجية المؤقتة التي تديرها المنظمة". 
وتضيف "كما عملنا على تطوير أدوات عمل موائمة للظروف الحالية وموائمة أيضاً لخاصية لبنان، أدوات يحتاجها المتخصصون والعاملون في الخطوط الأمامية مع النساء والفتيات، مثل الإرشادات العملية وكيفية القيام بالإرشاد الأسري عن بُعد وإدارة الحالة عن بُعد... عملنا على تطوير الرسائل الوقائية التثقيفية والتوعوية سواء للوالدين أو للثنائي وكيفية التعامل مع الأطفال وكيفية الحماية عبر الانترنت".
 
"صانعة أمان تسلط الضوء على الدور الريادي للمرأة في الأزمات"
وتتابع "قمنا بتدريب العاملين في الصفوف الأمامية إن كانوا متخصصات في العمل الاجتماعي أو الجسم الصحي والجسم الأمني. عملنا على تدريب العاملين في مجال الصحة النفسية ومدراء برامج المنظمات... كثفنا عملنا على الحماية من التحرش والاستغلال الجنسي سواء بتطوير المواد أو عبر إدماج هذا الموضوع في كل القطاعات التي تعمل في مجال الإغاثة. نظمنا أيضاً حملات توعية أو حملات ضغط وركزنا بشكل أساسي على موضوع العنف الجنسي ونضغط باتجاه استكمال الإصلاحات القانونية اللازمة لتعديل كل المواد التي لا زالت مجحفة بحق النساء. فيما يتعلق بالعنف الجنسي، "أبعاد" واحدة من المنظمات التي أثمرت جهودها نهاية العام المنصرم بإقرار قانون تجريم التحرش الجنسي". 
وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2020 أقر لبنان قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه، حيث أن التحرش الجنسي بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان ظاهرة متفشية في البلاد حيث سجل العام 2016 بأن ثلثي المستجيبات في الاستطلاع الذي قامت به هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعرضهنَّ للتحرش في أماكن عامة.
وتضيف "كما نظمنا دورات تدريبية للمدربين الإقليميين خاصة على موضوع الايواء وإدارة خطوط النجدة أي الخطوط الآمنة للنساء، ويتركز عملنا في لبنان والشرق الأوسط وشمال أفريقيا". ولفتت إلى أن هناك تنسيق مكثف مع الوزارات المعنية سواء الشؤون الاجتماعية أو الصحة.
أطلقت منظمة أبعاد بعد انفجار مرفأ بيروت حملة "صانعة أمان"، تتحدث مديرة منظمة أبعاد عن الحملة وتقول "أطلقنا الحملة بعد انفجار مرفأ بيروت، وحاولنا أن نسلط الضوء على الدور الريادي الذي لعبته النساء في كل الأزمة، من بداية الحراك في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وصولاً للإغاثة بعد انفجار المرفأ، والتركيز بشكل غير مباشر وتبيان بأنه على الرغم من أن المرأة كانت في الصفوف الأمامية إلا أنها لا زالت مغيبة عن عمليات صنع القرار من جهة، ومن جهة أخرى لا زالت تعيش في ظل المنظومة المهترئة المجحفة بحقها والتي تتعزز بالقوانين، فهي تحمي وتمنح الحياة ولكن في الوقت نفسه سلامتها معرضة للخطر إن كان عبر التحرش أو العنف".
وفي الرابع من آب/أغسطس 2020 هز انفجار عنيف العاصمة اللبنانية بيروت وتقاذفت الأطراف السياسية التهم، وتسبب الانفجار الناتج عن مواد شديدة الانفجار كانت مخزنة في المرفأ بأضرار كبيرة حيث تهشمت الواجهات الزجاجية للمنازل في معظم أحياء العاصمة، كما فقد المئات لحياتهم عدا عن الجرحى، والمفقودين والمشردين بعد تدمير منازلهم، وأعلنت بيروت مدينة منكوبة.
 
"النساء هن الأكثر استضعافاً في الأزمات"
في ظل الأزمات التي يعيشها لبنان البعض يعتبر بأن موضوع النساء وحقوقهنَّ موضوع ثانوي، تعلق غيدا عناني على هذا الاعتقاد وتقول "هذا من المعتقدات الخاطئة التي تطرح دائماً، وبأن النساء نلنَّ كل حقوقهنَّ وغير ذلك... جوابنا في هذا الموضوع هو أنه في كل الأزمات التي تعيشها المجتمعات يكون التأثير الأكبر على الحلقة الأكثر استضعافاً، ودائماً هنَّ النساء والفتيات وذلك بسبب المنظومة الأبوية الموجودة، إذ لدينا منظومة تهمش النساء وتستضعفهنَّ، هذا أمر واضح إن كان في السياسات أو القوانين والعقلية والذهنية والقيم. ومن الفئات المستضعفة والمهمشة إلى جانب النساء والفتيات، هناك ذوو الاحتياجات الخاصة، المسنون، اللاجئون، المهاجرون والعاملات الأجنبيات وجميعهم من الفئات التي يعتبرها المجتمع درجة ثانية". 
وتوضح "نتحدث عن حقوق النساء خلال الأزمات لأنها تُنسى وتُفصل عن أجندة الصحة العامة. لا يمكننا أن نتحدث عن القضايا الحقوقية وحقوق الانسان ونحن ننتهك حقوق فئة معينة، ومن جهة ثانية لا يمكننا أن نفصل قضايا الصحة العامة عن اشكاليات العنف، لأن تعريف العنف من قبل منظمة الصحة العالمية هو "أحد أخطر إشكاليات الصحة العامة"، للأسف في كل مرة نضطر ولاسيما في لبنان للتذكير بضرورة عدم فصل قضايا العنف عن أجندة الصحة العامة".
أطلقت "أبعاد" دليل "إدارة حالات العنف القائم عن النوع الاجتماعي"، وتتحدث غيدا عناني عن أهداف الدليل "نعتبر هذا الدليل مرجع استرشادي تم إنتاجه بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، كان نتيجة إدراك الحاجة ووجود فجوة خلال الأزمة في موضوع العمل عن بُعد، إذ لم يكن لدينا جهوزية عالية في تلك المرحلة، لم يكن هناك موارد أو مراجع، هذا الدليل يطلعنا على كيفية الوصول إلى الأشخاص الذين يصعب الوصول إليهم خلف الأبواب المغلقة، وأن نقدم لهم الخدمة عن بُعد، سواء عبر الواتساب أو خط الأمان أو الرسائل النصية التي كانت الوسيلة الوحيدة التي استطعنا أن نتواصل فيها مع النساء".
 
"هذه أبرز إنجازات أبعاد"
نظمت منظمة أبعاد بالتعاون مع جمعية "في مايل" دورات تدريبية للصحافيين/ات في موضوع تغطية قضايا الناجيات من العنف الاجتماعي، تعلق على هذا الموضوع وتوضح "نؤمن في أبعاد بتأمين حماية متكاملة للنساء. وكل من هو يتفاعل مع النساء والقضية يجب أن يمتلك القاعدة المعرفية، ومنهم الشريك الأساسي وهو القطاع الإعلامي، بالإضافة إلى قطاعات أخرى مثل القطاع الصحي أو الأمني، القضائي والقانوني، الاجتماعي والنفسي لأن هذه القطاعات جميعها على تواصل مستمر مع النساء".
وفيما يتعلق بأبرز إنجازات المنظمة، تشير إلى أنه من أبرز ما تم إنجازه خلال مسيرة المنظمة هو إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني والتي تنص على أنه "إذا عُقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم (الاغتصاب، الخطف بغية الزواج...) والمعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا صدر الحكم في القضية عُلق تنفيذ العقاب الذي فُرض عليه. استحداث قانون التحرش الجنسي في الحيز العام ومكان العمل. تأسيس برنامج "الدار" الذي يضم ثلاثة مراكز إيواء علمانية تستقبل النساء بعيداً عن المعتقدات الدينية والعقائدية أو اللون والجنسية، وهذا لم يكن موجوداً سابقاً. كذلك برنامج "جينا الدار" وهو نموذج المركز المتنقل، وهو عبارة عن باص متنقل في القرى والبلدات اللبنانية يقدم حزمة من الخدمات للمناطق التي لا تستطيع أن تصل إلى المراكز المجتمعية والصحية، وقد استمر لسنوات وتبنته وكالات الأمم المتحدة كنموذج بالعمل". 
أما اليوم فتعمل المنظمة بشكل يومي على الحاجات الأساسية الملحة للأزمة في لبنان. وتقول مديرة منظمة أبعاد غيدا عناني "نصوّب تركيزنا على الخدمات المتخصصة، بعض الدراسات والأبحاث لنستطيع أن نفهم الواقع بشكل علمي ودقيق أكثر، العمل المطلبي بموضوع الحماية من العنف الجنسي على أجندتنا نحن مستمرون به مطلبياً وبالحملات المختلفة. هناك تدريبات على نطاق أوسع تشمل قطاعات جديدة، والدفع بتطبيق أجندة قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325 حول المرأة والأمن والسلام أيضاً من الأولويات التي نعمل عليها".