جمعيات نسوية وحقوقية تندد بارتفاع عدد جرائم قتل النساء في تونس

تزامناً مع ارتفاع جرائم قتل النساء منذ بداية العام الحالي في ظل صمت الحكومة تجاه تلك الانتهاكات التي ترتكب بحقهن، نظمت الديناميكية النسوية "جنازة رمزية" تنديداً بجرائم قتل النساء.

زهور المشرقي

تونس ـ تحاول المؤسسات والجمعيات النسوية في تونس مناصرة قضايا النساء برغم ضعف الإمكانيات، وتسعى إلى الضغط على السلطات للحد من جرائم قتل النساء والعنف ضدهن.

عبرت النسويات عن استغرابهن من سياسة الحكومة تجاه مناهضة العنف ضد النساء والتي وصلت إلى حد القتل والتنكيل بهن، خاصة في ظل الإفلات من العقاب وعدم تنفيذ القانون عدد 58، وأكدت عجز الحكومة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف المخاطر التي تحيط بالنساء، فضلاً عن استمرار القتل واستهداف النساء الذي يعتبر نتيجة حتمية لقصورها ولامبالاتها.

وأشارت الجمعيات المشاركة إلى خطورة موقف الحكومة تجاه ما يحدث، داعيةً إلى تشريك الجمعيات في رسم الاستراتيجيات والخطط لاعتبارها مطلعة عن كثب وقرب بالمسألة وضامنة للجانب الميداني، محملة الحكومة مسؤولية استمرار قتل النساء وغياب الأرقام الرسمية بخصوص المسألة مطالبة إياها بالعمل لوقف هذه الجرائم.

وعن دور المجتمع المدني والنسوي للحد من قتل النساء، قالت رئيسة جمعية "أصوات نساء" سارة بن سعيد لوكالتنا، إنه يمثل قوة ضغط على الحكومة لتطبيق القانون عدد 58 في ظل تقاعسها وعدم القيام بدورها.

ولفتت إلى أن 90% من النساء اللواتي قتلن خنقاً وشنقاً وبأدوات حادة، لديهن مطالب بالحماية وقضايا منشورة بالمحاكم لكن الجهات المختصة لم تتحرك إلى حين وقوع الكارثة، مؤكدةً أن اختيار مقر رئاسة الحكومة لانطلاق الجنازة أمر مدروس لاعتبارها الحاملة لسياسات الحكومة، في اتجاه وزارة العدل التي تمثل القضاء والقانون.

وأشارت إلى أن المجتمع المدني يضطلع بدور مهم برز من خلال الوقفات الاحتجاجية المتكررة لوقف العنف فضلاً عن الحملات والعمل مع المهمشات والكادحات لحمايتهن وتوعيتهن وتقويتهن لتكسرن حاجز الخوف والصمت.

 

 

من جانبها أوضحت المحامية مفيدة بلغيث، أن المجتمع المدني له دور مهم في الحد من العنف والتنديد به وبالتالي الضغط باتجاه سن التشريعات، مذكرةً بالحملات الكبرى التي قامت بها الجمعيات النسوية سابقاً لوضع قانون كامل لمكافحة التحرش الجنسي عام 2004، وقانون آخر لمناهضة العنف ضد النساء بمختلف أشكاله بما فيه العنف السياسي عام 2017.

وأشارت إلى أن الجمعيات تقوم بدور مضاعف مكان الحكومة لتوعية النساء بالقانون وتشجيعهن على كسر الخوف ومقاضاة المعنف، لافتةً إلى أن الإشكال اليوم في كيفية تطبيق القانون لأن الضحية التي تُجبر على عدم تتبع معنفها بالتراجع أمام القاضي تحت ضغط العائلة والمجتمع وبفعل غياب الاستقلالية المادية، ومن دور العدالة مساندتها وعدم قبول مطلب إيقاف التتبع وحتى إن أسقطت المعنفة دعوتها.

وأضافت "من المؤسف أن يتم إسقاط القضية حين تتراجع المعنفة بفعل الظروف التي تدفعها لذلك، لأن ذلك من شأنه أن يشجع المعنف بالتالي ترتفع نسبة العنف ضد النساء نتيجة الإفلات من العقاب والاكتفاء بغرامة مالية زهيدة، من المهم كمجتمع مدني أن نعمل على التوعية للحد من تلك الجرائم، فالمجتمع المدني يحاول لكن ذلك غير كافي".

وأكدت على أن عدم تطبيق القانون وغياب الوعي وعدم التوعية به وجعله متاحاً لكافة النساء بمختلف فئاتهن وتفسير دوره وإبراز أهميته سيضاعف من النسب ومن قتلهن، مشددةً على أهمية الوعي المجتمعي وضرورة مناهضة الظاهرة "يجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة، لاعتبار أن مناهضة العنف مسألة سياسية بامتياز".

ودعت مفيدة بلغيث الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها وعدم رميها على عاتق المجتمع المدني الذي يقوم بدوره في الرصد ودعم النساء بضمان المحاكمة المجانية والقيام بالدارسات الميدانية، فضلاً عن التنديد بالظاهرة والتوعية عبر القيام بالحملات والوقفات الاحتجاجية "لا بد للحكومة أن تقف بجدية تجاه قتل النساء".

 

 

بدورها ترى الصحفية والناشطة النسوية ريم شعباني أن تغطية الجنازة الرمزية مهمة لمساندة النساء وللتذكير بدور وسائل الإعلام في مناهضة العنف من ناحية التوعية بخطورته من أبسط مظاهره إلى أكثرها عنفاً والتي تصل إلى القتل.

وعبرت عن قلقها من هذا الارتفاع الخطير لنسب العنف ضد النساء برغم وجود قانون في مشهد يعبر عن عجز الحكومة عن تنفيذه، لافتةً إلى أنه "من واجبنا تغطية مثل هذه الوقفات لإيصال صوت الجمعيات التي تحمل قضايا النساء وأوجاعهن على عاتقها برغم ضعف الإمكانيات والظروف الصعبة التي تعمل فيها".

وأضافت "كنساء صحفيات يجب تخصيص جزء من وقتنا للتنديد بهذه الممارسات والانتهاكات التي ترتكب بحق النساء، إضافة إلى ضرورة الدعوة لإدراج برامج التوعية بقضايا العنف في البرامج التعليمية للحد منها".

ودعت ريم شعباني الصحفيات إلى العمل من أجل نشر القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء وتوعيتهن، وتناول كل ما ينص عليه وتبسيطها، لاعتبار مطلب الحق في المعلومة التي يضمنها الدستور التونسي.

وقالت إن الصحفيات مدعوات لـ تفسير القانون وتوجيههن حتى يكون الملاذ الأول لهن حين تتعرضن لأي شكل من أشكال العنف وتتمكنّ من حماية أنفسهن من أي مخاطر قد تصل إلى القتل، مشيرةً إلى أهمية مساندة عمل الجمعيات النسوية في تونس بنشر تحركاتها وتغطيتها للمساهمة بشكل مضاعف في إيصال المعلومة وبالتالي توعية النساء ودعمهن حتى لا تكن الضحايا القادمات.