حصاد العمل على القوانين والاتفاقيات الدولية خلال عام

تواصل المؤسسات النسوية العمل من أجل واقع تشريعي أفضل يضمن للنساء حقوقهن على نفس القدر من المساواة مع الرجال في المجتمع المحلي لما يعانونه من تمييز في عدد ليس بالقليل من المواد القانونية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ شهد عام 2023 عمل دؤوب من أجل استصدار قانون الأحوال الشخصية، وأيضاً القانون الموحد لمناهضة العنف، فضلاً عن العمل على الاتفاقيات الدولية المصدق عليها بالفعل كـ "سيداو"، أو المنتظر التوقيع عليها كـ "اتفاقية 190c" لضمان وجود أدوات تساعد في تحقيق المساواة دون النظر للنوع الاجتماعي في مصر.

اتخذت عدد من المؤسسات النسوية المختلفة مسارات قوية في التعامل مع الملف التشريعي فتمكنوا من الدفع بقانونين للبرلمان بعد الحصول على أكثر من 60 توقيع لنائب برلماني عليهما وهما "مشروع قانون الأحوال الشخصية، والقانون الموحد المناهض للعنف"، وتم عقد عشرات الجلسات الحوارية للاستماع لآراء المهتمين بالملف وتضمين المزيد من التوصيات بشأنهما.

ولم يكن الأمر مقتصراً على مشاريع القوانين بل تم العمل بدأب من أجل التوقيع على الاتفاقية 190c، لضمان عالم عمل آمن للنساء لا تنتهك فيه حقوقهن سواء في المجال العام أو الخاص، وكذلك العمل على اتفاقية "سيداو" ورصد واقع النساء في ظل التصديق عليها ومناقشة تحفظات مصر على بعض موادها.

ويعد العمل من أجل واقع تشريعي أفضل للنساء مسؤولية رأت فيها المؤسسات النسوية طوق نجاة للتعامل مع التطبيع المجتمعي مع العنف، معتبرين أن القوانين الرادعة من شأنها أن تعالج جانب ليس بالقليل من الخلل الذي سيطر على واقع النساء في مصر، خاصة بعد ارتفاع معدل العنف الذي وصل لحد القتل العلني في الطرقات وشهد تواطؤ مجتمعي وتبرير للجناة مما استدعى البحث عن الحلول الرادعة والقوية متمثلة في التشريعات الحاسمة والمانعة تماماً لمثل هذه الانتهاكات.

 

المؤسسات النسوية قدمت أقصى الممكن في الملف التشريعي

في الوقت الذي أصاب البعض جانب من الإحباط بفعل النتائج التي أسفرت عنها جهود المجتمع المدني خلال العام الماضي في الملف التشريعي ترى محامية النقض الحاصلة على الماجستير في القانون، عبير حمدي، أن الحركة النسوية كان لها أثر كبير لكونها تمكنت من تقديم عدد من القوانين للبرلمان كي تناقش ومنها قانون الأحوال الشخصية وأيضاً القانون الموحد المناهض للعنف.

وأضافت أن القوانين الجديدة استهدفت بحث عدد من الجوانب الشائكة التي تؤرق المجتمع المصري خاصة ما يتعلق منه بالأطفال وواقعهم بعد انفصال الزوجين، مؤكدة أن الفترة السابقة شهدت نقاشات عديدة على تلك المقترحات وساهمت في رفع معدل الوعي المجتمعي بها وفرضها على المجال العام لدرجة أن الحكومة نفسها شكلت لجنة بتوجيه من رئيس الجمهورية لإعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية على سبيل المثال.

أما عن الاتفاقيات الدولية فقد جاء في مقدمتها العمل من أجل التوقيع على الاتفاقية 190c، من أجل بحث الممارسات التي تنال من حقوق النساء في المجال العام والخاص وضمان عالم عمل آمن لهن، وأيضاً الانتهاكات التي تتم خاصة ما يتعلق منها بمختلف أشكال العنف، كما أوضحت.

 

الحراك النسوي في الجانب التشريعي ناجح ومنجز

وأكدت عبير حمدي أن الحراك المجتمعي النسوي أثر في مختلف المعاهدات وأيضاً القوانين ومن المرتقب أن يتم جني ثمار ذلك خلال العام المقبل، مشيرة إلى أن العمل على التشريعات يحتاج لوقت وجهد وتراكم لأن هناك صعوبة في مسألة التعديلات التشريعية وهو أمر يتطلب بعض التفاؤل لأن الحراك والضغط الذي تم على مدار الفترة السابقة حقق إنجاز ونجاح مهم.

وبينت أنها تطمح في تغيير القوانين بشكل كامل بعيداً عن "الترقيع" الغير مؤثر فعلياً على القضايا خاصة الشائك منها والمتعلق باستقلالية النساء، معتبرة أن المرحلة القادمة ستشهد تحسن مؤكد كثمرة العمل الدؤوب من المجتمع المدني خلال الفترة السابقة، لافتة إلى أنه لا يمكن إغفال دور النساء في البرلمان فلولا ارتفاع عددهن لما تمكنت المؤسسات النسوية من الدفع بمشروع القانون للبرلمان واستيفاء الشروط المطلوبة.

وأوضحت أن المجتمع لم يشعر بتأثير وتحسن قوي في مسألة القوانين، إلا أن الحراك أثر في الوعى العام وهز عرش الأفكار الذكورية المزروعة في وعي المواطنين والموروثة على مر السنوات، مشيرة إلى أن معدل الوعي ارتفع وأصبحت هناك معرفة متعلقة بأدوات الإبلاغ وسلك المسارات القانونية المختلفة، وأصبح هناك تسهيلات في مسألة تحرير المحاضر للنساء خاصة المعنفات منهن أفضل من السنوات الماضية مما يعد خطوة قوية على طريق التغيير الجذري.

 

 

القوانين العادلة تضمن للمجتمع استقراره

للقوانين دور لا يمكن إغفاله في مسألة الردع العام ومنع ارتكاب الجرائم واستسهال الانتهاكات التي قد تتعرض لها النساء وهو الأمر الذي أكدت عليه محامية النقض، لمياء فاروق محمد، وهي واحدة ممن حضروا وناقشوا مشروع قانون الأحوال الشخصية ساعية لبحث سبل ضمان وجود تشريعات أكثر عدالة للأسرة بجميع أفرادها "امرأة ورجل وطفل".

وأوضحت أن العام الماضي شهد الكثير من الأعمال المتعلقة بالقوانين لأن هناك جهد ليس بالقليل من النسويات للضغط بكل السبل من أجل مناقشة مشروع القانون الموحد لمناهضة العنف، معتبرة أن مختلف المؤسسات بذلت أقصى الممكن للعمل من أجل تعديل تشريعي عادل لا يميز بين الأفراد ولا ينال منهم بسبب النوع الاجتماعي.

وأكدت أن التعاطي مع القوانين وبحث سبل التعديل التشريعي يحقق مزيد من الاستقرار في المجتمع كاملاً بمختلف أفراده مما يضمن الحصول على الحقوق بشكل عادل ويعتبر بحث التعديلات التشريعية جزء مهم لأن جانب ليس بالقليل منها ينال من المرأة فقط لكونها امرأة.