حرب المياه التركية مستمرة ضد شعوب المنطقة

كارثة بشرية إنسانية تهدد حياة وسبل عيش أكثر من خمسة مليون إنسان في شمال وشرق سوريا الذين يعتمدون على نهر الفرات في تأمين مياه الشرب والري وتوليد الكهرباء.

نورشان عبدي

كوباني ـ يستمر الاحتلال التركي بشن حربه النفسية من خلال قطعه لمياه نهر الفرات على أهالي شمال وشرق سوريا، وحبس حصة سوريا من مياه النهر، وهذا ما يؤثر على كافة جوانب الحياة الاقتصادية والزراعية ولخدمية.

منذ 27 كانون الثاني/يناير عام 2021 بدأت تركيا بحبس مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية ليتدنى منسوب المياه الواردة إلى أقل من 200 متر مكعب في الثانية، وتنص الاتفاقية الموقعة بين دمشق وتركيا على أن تحصل سوريا على ما لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات إلا أن تركيا تنقض تعهداتها. 

منذ بداية شهر نيسان/أبريل إلى اليوم قل الوارد المائي لنهر الفرات لمستوى 4 أمتار ونصف شاقولي ونتيجة لذلك تأثرت السدود الثلاثة المقامة على النهر وهي سد تشرين وسد الفرات، سد الحرية، مما يشكل خطراً على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فالسد يعمل لمدة 6 ساعات لذلك تقل ساعات ضخ مياه الشرب أيضاً للمنطقة.

 

"انخفاض منسوب نهر الفرات سيؤدي لكوارث بشرية"

حول انخفاض منسوب نهر الفرات قالت الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة كوباني في شمال وشرق سوريا خاليصة عبد القادر "يستمر الاحتلال التركي بقطع المياه عن مناطقنا، وحتى في أشهر الشتاء نشهد انخفاض في منسوب المياه".

وبينت أن هذا الانخفاض يؤثر على حياة أهالي المنطقة، ويؤثر على توليد الكهرباء "مع انخفاض منسوب المياه انخفضت ساعات توليد الكهرباء، ولذلك نحن كمديرية مياه لن نستطيع التحكم بالمياه وتنظيم ساعات ضخها للأحياء، رغم معرفتنا بالنتائج إلا أنه ليس بوسعنا تغيير هذا الوضع، ونعمل كل ما بوسعنا من أجل تنظيم ساعات المياه للأهالي"، مشيرةً إلى أن انخفاض نسبة المياه القادمة من تركيا تتسبب بتخريب المضخات وهدم الآبار.

وأكدت خاليصة عبد القادر أن قطع تركيا لمياه الفرات تعدي على كافة القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية "يستمر الاحتلال التركي بممارسة سياساته العدوانية على أهالي مناطق شمال وشرق سوريا".

 

ساعات قليلة كل عدة أيام

مديرية المياه في كوباني قسمت المدينة لقسمين يتم ضخ المياه لكل قسم على حدة، ولساعات محددة من اليوم وهي السياسة المتبعة في جميع مناطق شمال وشرق سوريا التي تعتمد على مياه نهر الفرات، من أجل تحقيق اكتفاء الجميع من مياه الشرب.

تقول خاليصة عبد القادر أن ساعات الضخ تصل إلى 8 ساعات في اليوم لكل منطقة أي كل يومين لمنطقة، لكن هذا النظام لا يمكن تطبيقه في ظل شح المياه وهذا ما يسبب ردود فعل غاضبة من قبل الأهالي وسط مخاوف من انقطاع دائم لها.

ودعت خاليصة عبد القادر الأهالي للوعي بأن الإدارة الذاتية غير مسؤولة عن هذا النقص في المياه وأن من يتحكم بها هو الاحتلال التركي "تسعى تركيا لإحباط أهالي شمال وشرق سوريا وإرضاخهم من خلال استخدامها لملف المياه وسط صمت دولي مخزي"، مشيرةً إلى أن "المياه هي عصب الحياة تتصل بها الكهرباء والزراعة واليد العاملة والثروة الحيوانية والسمكية وكافة مقومات الحياة، لذلك تركيا تقطع المياه عقاباً لشعوب المنطقة ودفعهم للهجرة".

كما أكدت تحمل مديرية المياه لمسؤولياتها تجاه الأهالي "المياه هي أبسط حقوق الإنسان لكن تركيا تسلب أهالي مناطقنا هذا الحق، وبالرغم من الصعوبة في تأمين المياه بشكل دائم إلا أن مديرية المياه في كوباني تعمل بأقصى جهد لإيصال المياه للجميع، لكيلا تلجأ العوائل لشراء المياه التي هي أبسط حقوقها".

وأشارت إلى أن انخفاض منسوب المياه أدى إلى انخفاض توليد الكهرباء للمضخات وبالتالي ضعف في ضخ المياه، لذلك تم تأمين خط كهرباء خاص لمضخات المياه ليعمل فقط من أجل ضخ المياه للأهالي من بلدة صرين حتى الشيوخ 23 كم وسيكون بالأسابيع المقبلة بالخدمة.

وفي ختام حديثها طالبت الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة كوباني خاليصة عبد القادر الأهالي بترشيد استهلاك المياه والكهرباء وعدم هدرهما لكي تصل لجميع الأهالي.

 

النساء تشتكين من قلة المياه

تقول أمينة أبراهيم 45 عاماً أن تركيا تحاربهم بالمياه ولم تكتفي بهجماتها على المنطقة "قبل قطع الاحتلال التركي للمياه كان التقنين جيداً بالنسبة للمياه وكذلك للكهرباء"، مشيرةً إلى أنه "بدأ فصل الصيف ودرجة الحرارة مرتفعة جداً، وأطفالنا لا يستطيعوا تحمل الحرارة ولا مياه تخفف عنا".

متسائلةً "ماذا تريد تركيا من هذا الشعب، نحن نعاني فلا أمطار ولا زراعة هل تريد تركيا قتلنا جوعاً وعطشاً، أين العالم من ممارساتها؟".

كما ناشدت أمينة إبراهيم المجتمع الدولي للتحرك يجب على كافة المنظمات الحقوقية والدولية المعنية الأخذ بعين الاعتبار وضع السكان في هذه المناطق ووضع حد لانتهاكات الدولة التركية، "نحن لن نطالب غير بحقنا دولة الاحتلال التركي تخترق القوانين الدولية وتحبس حصة الشعب السوري من مياه الفرات".