'هناك حراك وزخم مجتمعي ساهم في حصول النساء على حقوقهن'

أكدت العاملة في مجال الإغاثة والتنمية المستدامة سحر السعدني، على أنه هناك حراك وزخم مجتمعي ساهم في حصول النساء على حقوقهن

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت العاملة في مجال الإغاثة والتنمية المستدامة سحر السعدني، على أنه هناك حراك وزخم مجتمعي ساهم في حصول النساء على حقوقهن، وشددت على أن ضرورة التركيز على المأمول في عام جديد للمرأة.

تتبدد حالة الزخم والحراك المجتمعي حول الكثير من القضايا والحقوق المهدرة للنساء حتى تحول إلى حراك عالمي صاحب الأزمات التي تمر بها النساء أثناء الاحتفال بيومهن العالمي وفتح النقاش مجدداً حول استحقاقاتهن، وللتعرف أكثر على تأثير تلك الحالة الاحتفائية على قضاياهن وتبعاتها كانت لوكالتنا حوار مع الدكتورة سحر السعدني التي تعمل في مجال الإغاثة والتنمية المستدامة منذ أكثر من 20 عاماً وكذلك التدريب والدعم النفسي والمعالجة بالفن التعبيري.

البعض لا يلمس التأثير الناتج عن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة وآخرون يؤكدون أنه يعيد الحراك والزخم على قضاياها... فبرأيك ما نتائج هذا الحدث على الحراك النسوي؟ وهل للمرأة المندمجة تنظيمياً في كيان ما الأفضلية عن غيرها؟

يفكر الكثير في تأثير ذلك اليوم على الحراك النسوي وقضايا المرأة حول العالم إلا أني أرى أنه يوم احتفالي يجب أن تتغير فيه النظرة نحو التركيز على المأمول والمستهدف في عام جديد للمرأة يحمل الكثير من الحقوق المسلوبة للنساء، وليكن يوماً تحتفل فيه المرأة بنفسها تبحث فيه عن البهجة والفرحة، يوم تتذكر النساء فيه أنفسهن فيحتفين بوجودهن ودورهن، فالمناخ العام مضغوط ويعاني والأمر بات يتطلب الاحتفال بالمرأة الأم والزوجة والعاملة ليصبح يوم مميز نحتفل فيه بالعطاء المجرد من الأسباب للأسرة وللمجتمع المحلي والدولي.

لكل امرأة دور تقوم به يختلف باختلاف موقعها فالأم لها دور والزوجة وكذلك الابنة والعاملة والقيادية كلهن يعملن من أجل النهوض بأسرهن ومجتمعهن، وتلك المنظمة هي الوجه الآخر للمرأة العادية وقد تكون صوتها الغير مسموع، وهذا لا يعني أن الأخرى عديمة القيمة أو التأثير ولكنها فقط اختلاف مواقع وأدوار.

فنجد أن بعض النساء حالفهن الحظ وتمكن من نيل قسطاً من التعليم وأخريات لم يتسنى لهن ذلك ولكن تظل المرأة المحركة لهذا المجتمع ونقطة تمركزه المحورية وتظل قدرتها على التأثير والتغيير غير مرتبطة إطلاقاً باندماجها داخل كيان أو مؤسسة فهي في حد ذاتها تخلق كيان موازي لها إن أرادت بأبسط الإمكانيات والقدرات سواء داخل ذاتها أو أسرتها أو محيطها الضيق ومنه للمحيط الأوسع متمثلاً في المجتمع.

العنف بمختلف أشكاله واحد من أبرز الأزمات التي عانت منها النساء خلال الفترة الأخيرة... بصفتك معالجة نفسية كيف تتعاملين مع المعنفات وبماذا تنصحينهن؟

الحديث عن تأثير العنف وأسبابه يحتاج أن نعود به للأسرة تلك النبتة الأولى للأبناء، فتكوينها هو العامل الرئيسي المؤثر في سلوك الأطفال ذكوراً كانوا أو إناثاً، وردة الأفعال عادة ما تكون ناتجة عما تم تربيتهم عليه في تلك المرحلة الهامة والحساسة في حياة كل منا والتي تؤثر بشكل رئيسي في السلوك والمعاملات مستقبلاً.

ويمكن القول أن وجود أب وأم أصحاء هو العامل الرئيسي الذي يتم من خلاله القضاء على مختلف أنواع العنف، حيث أن الطفل يشب على ما تربى عليه، وعادة ما يترسخ في ذهنه أن ما يراه في المنزل هو الشكل الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه أسرته وطريقة تعامل الأم والأب أمامه تظل عادة هي المرشد والملهم له مهما تغيرت ثقافته وحياته فيما بعد.

ولهذا فنحن نتحدث كثيراً عن الصحة الإنجابية لنخلق أطفال أصحاء وكذلك الصحة النفسية لضمان الحياة السوية، وعادة ما أرى أن أغلب الأزمات والممارسات العنيفة التي يقوم بها الرجال ضد النساء ترجع للمؤثرات التي مورست على الذكر في طفولته.

وهناك أشكال عديدة من العنف قد يكون غير ملموس، منها عدم الاحترام وتجاهل وجود المرأة في حد ذاته، وكذلك الإيذاء اللفظي فعند التحدث إلى الفتيات، وهذا يرجع في الأساس إلى بيئة تربيتها الأولى فعادة ما يكون الزواج سلسلة أخرى تدور في نفس الحلقة التي عاشت عليها الطفلة في صغرها لتكمل حياتها في لون واحد باختلاف الدور الذي تقوم به باستبدال الابنة بزوجة ثم أم.

ولا يمكن إنكار تأثير الموروث الاجتماعي على العنف بشكل عام والذي يعتبر أن المعنف قوي أو بالمعنى الدارج "رجل جشع"، وهو أمر لا علاقة له بالحقيقة فالاعتداء على الآخر أياً كانت وسيلته جريمة تتطلب العقاب.

برأيك ما هي الأدوات التي تمكن المرأة من تجاوز تعرضها للتحرش أو لأي نوع من تلك الانتهاكات؟

التحرش والاعتداء الجنسي بشكل عام لا يذهب تأثيره من النفس بسهولة وربما يظل باقٍ للأبد وتقع المعاناة على كاهل المعتدى عليه وبعضهم لا يستطيعون فعلياً مواصلة الحياة أو العيش بشكل طبيعي خوفاً من استعادة هذا المشهد لوجدانهم مجدداً.

وقد التقيت شاب عشريني وبالحديث معه علمت أنه تعرض للتحرش في صغره من أحد أقربائه ولكنه سرد القصة لأمه التي كانت عنيفة في انتزاع حق طفلها وهذا ما جعله يتجاوز تلك الأزمة رغم حالة الغضب التي انتابته أثناء الحديث عنها، فالمعاناة هنا لا تكمن فقط في التعرض للتحرش وحسب ولكن لشعوره بالخذلان لأن الانتهاك الجنسي كان من أحد أفراد أسرته والمحيطين به، والأمر عادة ما يحتاج لعلاج وليس فقط مجرد دعم نفسي.

هذا المشهد وغيره يعود بنا مرة أخرى لدور الأسرة وتأثيرها في امتصاص غضب الأطفال واحتواء من يتعرضون منهم لانتهاك جنسي أو تعنيف، فكونها بيئة آمنة قد تساعد في علاج هذا الخلل المجتمعي باحتواء أبنائها ودعمهم أولاً ثم اللجوء للمختصين فيما بعد.

يمر عام تلو الآخر والمؤسسات النسوية تعمل على قضايا المرأة المختلفة... كيف ترين تأثير ذلك على الأزمات التي تعاني منها النساء من واقع تجربتك؟

لا يمكن إغفال دور المؤسسات النسوية في الضغط من أجل حصول المرأة على حقوقها سواء في المجال التشريعي أو التوعوي الاجتماعي أو حتى الاقتصادي، فهناك حراك خلقه العمل على قضايا النساء وزخم مجتمعي ومعرفة باتت تصل إلى الأقاليم وتلك الأماكن المترامية حول حقوق المرأة والعقوبات التي قد تواجه من يعتدي عليها لفظياً كان أو مادياً.

كما أثر الحراك والعمل على قضايا النساء في الكثير من المفاهيم وعلى رأسها قضايا الميراث التي كانت المرأة على هامشها تماماً خاصة في صعيد مصر وبات الرجل يدرك أن لأخته أو للمرأة الموجودة معه في الأسرة حق في الإرث لا يمكن أن يضيع أو يتجاهله وهو ما ساعد الكثير منهن في الحصول على حقوقهن بفضل الوعي والمعرفة التي انتشرت بطرق انتزاع الحقوق المسلوبة في المقام الأول.

كيف يتم استخدام الفن في التعافي من الأزمات؟

الفن واحد من الألوان المؤثرة والصادمة فهو وسيلة آمنة للتعبير عن الرأي دون خوف من ردة فعل المجتمع التي قد تكون حادة وعنيفة في كثير من الأحيان، واستخدام الفن التعبيري في إيضاح القضايا المختلفة أو المطالبة بالحقوق وسيلة غير تقليدية بدأت الكثير من المؤسسات والمنظمات في تبنيها بعدما لمسوا تأثيرها الفعال على أرض الواقع.

فبالفن يمكن أن نخبر المجتمع بخطورة تزويج القاصرات على سبيل المثال من خلال الصورة الصادمة له وبه أيضاً يمكن التعبير بسلاسة وبلا حرج عن الكوارث التي تتعرض لها المرأة نتيجة عملية الختان ومن خلاله يمكن تنمية وعي الفئات الواقع عليهن الضرر أنفسهم وتقريب المشاهد لهم وتعزيز قدراتهم على المواجهة ورفض الأمر الواقع.